عرب وعالم

10:08 صباحًا EET

استراتيجيات سلطنة عُمان في تنويع مصادر الطاقة المستقبلية

باتت مشكلة الطاقة ومصادر تنوعها من أبرز المشاكل التي تواجه، ليس فقط دول العالم المتقدم والتي تحاول استخدام الطاقة الحيوية والصخرية، وإنما تؤرق كذلك جميع دول العالم الآخر حتي الدول المصدرة للنفط.

وإدراكاً منها لخطورة تلك المشكلة وتداعياتها على برامج الخطط الاقتصادية والمشاريع التنموية، حاولت كل دولة من دول العالم وضع الاستراتيجيات والخطط اللازمة لتنويع مصادر الطاقة بها حتى تستطيع تنفيذ برامجها الاقتصادية وتحقيق معدلات النمو اللازمة لاستدامة عملية التنمية الشاملة، ومن ضمن هذه الدول سلطنة عُمان التي وضعت خطتها الاقتصادية ومنذ السبعينيات من القرن الماضي وحتى الآن وعلى مدار 45 عاماً وفقاً لرؤية قيادتها السياسية السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان بأنه لا يمكن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للطاقة، لأنه مصدر معرض للنضوب، وإنما لابد من تنويع مصادر أخرى للطاقة.

وفي هذا السياق، لم يأتي حصول سلطنة عُمان على المركز السادس عربيا والـ63 عالميا في مؤشر توازن الطاقة العالمي لعام 2015 والصادر عن مجلس الطاقة العالمي من فراغ، وإنما جاء بعد خطط واستراتيجيات قصيرة وطويلة المدى من أجل تنويع مصادر الطاقة لاستكمال خططها الاقتصادية الخمسية المتتابعة بانتظام.

إذ حصلت السلطنة على التصنيف ACD أي أنها حققت جانبا إيجابيا معتدلا في عملية توازن الطاقة، حيث جاء ترتيبها من حيث الناتج المحلي الإجمالي لاستدامة الطاقة بالمرتبة الـ81 وفي توفر إمدادات الطاقة حصلت على المرتبة الـ10، وفي الاستدامة البيئية حلت بالمرتبة الـ123، كما حصلت على التصنيف E في مجال التصدير والاستيراد لتتمكن خلال 2015 من رفع مستوى الطاقة لديها بنسبة 3.79% وفي استدامة الطاقة بنسبة 9.30%، وفي الاستدامة البيئية 54%.

وعلى الصعيد العربي  حلت مصر بالمركز التاسع عربياً والـ85 عالمياً، وجاء الأردن في المركز الـ11 عربياً والـ97 عالمياً، واحتلت الجزائر وتونس والمغرب المراكز 5 و7 و12 عربياً، والـ57 و71 و100 عالمياً على التوالي. بينما على المستوى العالمي فقد تصدرت (سويسرا) قائمة الدول في مؤشر توازن الطاقة العالمي لعام 2015، وحلت قطر في المرتبة الأولى عربيا والـ28 عالمياً، تلتها الإمارات في المركز الـ38 عالمياً، فيما احتلت السعودية المرتبة الثالثة عربيا واﻟ51 عالمياً في توازن الطاقة، حيث تحصلت على المرتبة اﻟ49 في أمن الطاقة، والمركز السابع عالمياً في توفر الطاقة، و120 للاستدامة البيئية.

يعتمد مؤشر توازن الطاقة العالمي في تصنيفه للدول على مدى الموازنة بين معضلات الطاقة الثلاث المتمثلة في استدامة الطاقة، وتوفر إمدادات الطاقة، والاستدامة البيئية.

خطط عُمانية للمستقبل

ولأهمية الطاقة وتنوعها في استدامة عملية التنمية الشاملة، ارتكزت سلطنة عُمان في رسم استراتيجيتها 2040 على عدة مشروعات مستقبلية من أجل الاعتماد على مصادر متعددة من صور الطاقة ولذلك اتبعت الآتي:

أولاً: تؤكد بعض الدراسات الاقتصادية التي أجريت في مجال الاستفادة من الطاقة المتجددة بأن السلطنة تستطيع استثمار إمكانياتها الواسعة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لاستخدامها في الكثير من المشاريع الحيوية التي تهم البنية الأساسية في البلاد، بالإضافة إلى استخدامها في زيادة إنتاجية المشاريع النفطية والغاز والصناعة والكهرباء والمياه وغيرها من المشاريع الأخرى التي تحتاج إليها المجتمعات في الحياة.

أشارت الدراسات أن معدل كثافة الطاقة الشمسية في السلطنة على سبيل المثال يعتبر واحدا من أعلى المعدلات في العالم، ولذلك تسعى الحكومة وبالتعاون مع عدد من الهيئات والشركات والمكاتب الاستشارية إلى استخدام هذه الميزة كمصدر للطاقة المتجددة، بينما هناك فرص أخرى لاستغلالها في مجال طاقة الرياح أيضا، الأمر الذي يمكن استغلالها في المشاريع التي يتم التخطيط لها مستقبلا.

وفي ذات السياق أصدرت هيئة تنظيم الكهرباء أول رخصة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية باستخدام الخلايا الشمسية (الكهروضوئية)، بولاية المزيونة بمحافظة ظفار وتصل سعتها الإنتاجية إلى 303 كيلوواط،.

ثانياً: دشنت سلطنه عمان المشروع الاستثماري في مجال النفط والغاز والمشاريع المرتبطة بقطاع الطاقة، ويعتبر المشروع أكبر محطة للطاقة الحيوية في القارة الآسيوية، وذلك بقدرة إنتاجية تبلغ 105 ميجاوات وبتكلفة إجمالية تصل إلى 273 مليون دولار تقريبا.

وتعمل المحطة بالاعتماد على خليط مستخرج من المواد العضوية ذات الأصل النباتي، مما يجعله مشروعا صديقا للبيئة، حيث تعتبر الطاقة الحيوية أحد أهم مصادر إنتاج الطاقة المتجددة حيث تتميز بقلة الانبعاثات الغازية.

ثالثاً: تعتمد سلطنة عُمان العديد من البرامج الهادفة، التي تسير وفق برامج مدروسة يهيأ لها مختصون أجانب من أجل تنويع مصادر الطاقة. كان آخرها ما دشنته الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة “بيئة”، للمردم الهندسي بولاية بركاء الواقعة في منطقة الباطنة في الجزء الشمالي من السلطنة (نحو 85 كم عن مسقط العاصمة).وتأسست “بيئة” في عام 2007؛ لتكون مسؤولة عن إدارة النفايات الصلبة في السلطنة. وتسعى للحد من الأضرار البيئية الناجمة عن العمليات التقليدية المستخدمة للتخلص من النفايات، وتنظيم القطاع والخدمات البيئية ذات الصلة بطريقة مستدامة، لتطوير الصناعة ودعم الاقتصاد.

ولا شك أن خطط ومرتكزات “عمان 2040″، تتضمن تحديد الفرص المتاحة والاستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي وخاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة الى الموارد المتوفرة بما يحقق تنويع مصادر الطاقة والدخل والتوسع في مشاريع التشغيل الذاتي مع التأكيد على أهمية التوزيع المتوازن للتنمية الشاملة.

التعليقات