صحة

07:27 مساءً EET

سر حقنة «توجامايسين» الجنسية في الصيدليات

الزبون عندما يسأل عن حقنة «توجامايسين» فإن الصيدلى يفهم أنه قادم للتوِّ من «بيت دعارة»

المرأة المصابة بالسيلان يمكن أن تنقله إلى ابنها أثناء الولادة.. وإذا تُرك دون علاج فإنه قد يتسبب فى إصابته بالعمى.

حتى بضع سنوات خلت كانت هناك حقنة شهيرة جدا فى الصيدليات المصرية تسمى «توجامايسين»، كانت هى العلاج الناجع والمعتمد لمرض السيلان. كان الزبون عندما يسأل عن هذه الحقنة فإن الصيدلى يفهم أنه قادم من بيت دعارة على الفور. توجامايسين هى حقنة معروفة وشهيرة جدا بين رواد بيوت الدعارة، وكان لدى زبون فى الصيدلية يذهب إلى الماخور كل خميس ثم يأتى فى اليوم التالى ليأخذ الحقنة دون أن ينتظر الأعراض.

للأسف اختفت التوجامايسين فجأة فى ظروف غامضة ودون إبداء أسباب، ليس لأن الأخلاق سادت فى المجتمع، لكن لاعتبارات تسويقية وتسعيرية، كما أن علاجات أفضل وأحدث ظهرت فى سوق الدواء!

سُمِّى المرض بهذا الاسم بسبب الإفرازات السائلة التى «تسيل» من الفتحة التناسلية للمصاب به. والسيلان هو أحد أكثر الأمراض الجنسية شيوعا فى العالم، ويتسبب فيه ميكروب يدعى«Neisseria gonorrhoeae» يصيب الميكروب فى البداية خلايا مجرى البول، ويمكن أن يصيب أيضا منطقة الفم والمرىء، وخلايا المستقيم، وملتحمة العين. إضافة إلى هذه الأماكن، يصيب المرض أيضا خلايا عنق الرحم فى الإناث، إلا أن كلًّا من المهبل والفتحة التناسلية يظلان بعيدين عن المرض، لأن الخلايا المبطنة لهما من نوع مختلف لا يؤثر فيه الميكروب.

ينتقل المرض بواسطة الاتصال الجنسى مع شخص مصاب، والمرأة المصابة بالمرض يمكن أن أيضا أن تنقله إلى ابنها أثناء عملية الولادة، حيث يصيب الميكروب عينى الوليد، وإذا تُرك دون علاج فإنه قد يتسبب فى إصابته بالعمى.

الأعراض

يستغرق المرض من يومين إلى 14 يوما كفترة حضانة دون أن تظهر أعراض على المصاب، إلا أنه غالبا ما يكون ظهور الأعراض بين اليومين الثانى والثامن. فى بعض الحالات قد يظل الميكروب كامنا لدى الشخص دون ظهور أعراض لفترة تزيد على العام!

وبالنسبة للنساء فإن نسبة منهن تتراوح بين 30 إلى 60 بالمئة تظل بدون أعراض ولا تشتكين من أى شىء. أما الأعراض لدى النساء فتشمل الإفرازات المهبلية وصعوبة فى التبول، والتهابا فى الرحم، ونزيفا مهبليا فى غير وقت الحيض، وأحيانا نزيف مهبلى يحدث بعد الجماع، وفى بعض الأحيان ترتفع نسبة الهرمون الذكرى لدى المصابة، وعندما يعرف الطبيب أن هناك إفرازات مهبلية جنبا إلى جنب مع صديد البول فإن هذا يرجح بشدة أن يكون تشخيص المرض هو السيلان.

إذا تم إهمال الحالة فإن أعراضا أخرى تبدأ فى الظهور، مثل التهاب الحوض، وتشنجات عضلية مع آلام بالجسم وقىء وحمى.

بالنسبة للرجال فليس من الشائع أن يكون هناك رجل مصاب بالسيلان ولا تظهر عليه أعراض كما هو حادث مع النساء. ويشكو الرجل من ألم أثناء التبول، وإفراز صديدى يخرج من مجرى البول، وأحيانا احمرار فى فتحة التبول، ويمكن أن تمتد الإصابة إلى الخصيتين والبروستاتا والبربخ «القناة التى تصل الخصية بالحويصلات المنوية»، وقد يؤدى التهاب البربخ إلى حدوث العقم.

المضاعفات

فى الرجال قد تحدث التهابات شديدة فى البروستاتا والبربخ ومجرى البول إذا تم إهمال العلاج. أما فى النساء فالتهاب الحوض والتهاب قنوات فالوب الذى قد يؤدى إلى الحمل خارج الرحم، حيث تفشل البويضة المخصبة فى المرور عبر قناة فالوب الملتهبة إلى الرحم، وفى هذه الحالة يصبح الحمل خطيرا جدا ومهددا لحياة الأم.

وفى الجنسين هناك أيضا خطر انتقال المرض إلى أماكن أخرى من الجسم، مثل المخ والمفاصل والقلب. فيمكن أن يؤدى المرض إلى التهاب فى المفاصل، ويحدث هذا فى حوالى 1% من المرضى، وهو شائع أكثر فى الإناث عن الذكور.

العلاج

تاريخيا كان الجراحون فى إنجلترا يستخدمون الزئبق لعلاج السيلان، وكانوا يحقنون الزئبق بواسطة محقن داخل قناة مجرى البول! بعد ذلك فى القرن التاسع عشر أصبح الأطباء يستخدمون نترات الفضة لعلاج المرض، ثم تطور العلاج إلى محلول الفضة، إلى أن ظهرت المضادات الحيوية فى أربعينيات القرن العشرين.

لحسن الحظ فإن علاج السيلان سهل نسبيا لأن الميكروب حساس جدا لكثير من المضادات الحيوية. فيما مضى -وحتى السبعينيات- كان علاج السيلان يتم بحقن البنسلين، ثم ظهرت سلالات من السيلان مقاومة للبنسلين فتم التوقف عن استخدامه. واليوم يتم إعطاء 2 جم من الآزيثرومايسين بالفم، أو 400 ملجم من السيفيكسيم بالفم، أو حقنة واحدة تحتوى على 500 ملجم من السيفوتاكسيم، أو 250 ملجم من الليفوفلوكساسين بالفم، وهناك عدة مضادات أخرى يمكن استخدامها، تعطى جميعا كجرعة واحدة فقط. ويتوقف اختيار الدواء وفقًا لسلالة الميكروب الموجودة فى مكان معين من العالم، حيث يقاوم الميكروب بعض الأدوية فى بعض الأماكن، بينما يكون حساسا لها فى أماكن أخرى. ويُنصح المريض بالابتعاد عن الممارسة الجنسية حتى لا ينقل المرض لغيره. أما الطفل الذى يولد لأم مصابة فيجب استخدام قطرة تحتوى على نترات الفضة بمجرد الولادة.

التعليقات