آراء حرة

04:26 مساءً EET

سالم أحمد الجحوشي يكتب: قطر.. إسرائيل الخليج!!

من يتمعن في المشهد القطري يدرك مدى وحجم التخبط والفوضى التي تعيشها الإدارة القطرية، وأن السفينة التي تتقاذفها الأمواج غير معلومٍ ربانها، فهي تجوب أوروبا والعالم بحثاً عن من يمنحها وعوداً بالوقوف إلى صفها، وهي لا تعلم ألا وعود ولا أمان لها إلا بين أهلها وأشقائها، فنحن كما قال المثل لبعضنا بعض “ستر وغطاء”، وأن الوعود التي تملأ أذنها وتشق فمها فرحةً وسروراً ، هي ذات الوعود التي نفخت رأس صدام حسين قبل أن يغزو الكويت، ثم ما لبث أن وجد نفسه عدواً للعالم بأسره، وقطر تدرك بأن الاتفاقيات والوعود التي بينها وبين دول الغرب ستزول وتعدم في لحظة حال إثبات تورط قطر في دعم الإرهاب والمتطرفين، ولكنها تمني النفس بأن اقتصادها القوي قد يكسر قاعدة القوة السياسية هي الأهم والغالبة بين جميع القوى.

وزير خارجية قطر هو الصورة الأوضح والأشمل لحجم التخبط في الإدارة القطرية، فتراه يصرح بعد انتهاء كل مهمة بما دار بينه وبين نظيره من وزراء الخارجية في تلك الدول، فتارة يصرح بأن الاتهامات لا تستند على أرضية صلبه بالدليل والحجة، وتارةً يصرح بأنهم لا يعرفون ما هي المطالب، وتارة يصرح بأنهم لا يشتكون من المقاطعة رغم أنهم يعتبرونها حصاراً، وتارةً يشتكي المقاطعة ويستجدي حقوق الإنسان والمنظمات الدولية للتدخل من أجل مصالح قطر، وآخرها خروجه علينا من روما ليعلن رفض المطالب ويؤكد صحة الاتهامات الموجهة لقطر بدعم الإرهاب بعذر أنهم ليسوا الوحيدين في المنطقة الذين يدعمون الإرهاب وأنهم يتذيلون القائمة!!

انتهت المهلة المحددة بعشرة أيام من الدول المقاطعة لقطر لتأتي الموافقة الإنسانية من الدول الأربع لصالح شعب قطر الشقيق بتمديد المهلة 48 ساعة بوساطة من أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد، والذي أكد أن قطر أعلمته بأنها ستسلمه الرد رسمياً على المطالب قبل انتهاء المهلة الممددة، وبعدها مباشرة يخرج علينا وزير الدفاع القطري خالد العطية في إحدى القنوات ملمحاً إلى إمكانية التصعيد العسكري وأن قطر مستعدة للدفاع عن نفسها، في محاولة منه لإشعار العالم بأن التدخل العسكري واحتلال قطر هو الهدف الرئيس لدول المقاطعة والذي تبتغي منه نهب ثروات قطر !!

ولم يتوقع الكثير أن يخرج بيان الدول الأربع بعد اجتماع القاهرة بثوب دبلوماسي رفيع المستوى، رغم أن سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية في دولة الإمارات أكد قبلها بيوم على أن الرد الرسمي سيكون من خلال الوساطة الكويتية، والحقيقة أن ردة الفعل للدول المقاطعة على الرد القطري على المطالب والشروط، لم تكن مخيبة بل كانت محنكة وذكية جداً حيث فوتت الفرصة على النظام القطري من أن يجد مخرجاً يجعل منه نداً لهذه الدول بالتفاوض والحوار، لذا فإن النظام القطري يدرك اليوم بأنه قد وضع في قدرٍ على نار هادئة ليطبخ حتى ينسلخ لحمه عن العظم ولن يسمع صوته أحد، فمبدأ السيادة تقره المواثيق والقوانين الدولية التي لا سلطان للمجتمع الدولي فيها على أي دولة.

قطر يا سادة أصبحت تدار من كذا أمير فلا تعلم من هو أمير البلاد هل هو تميم أم تنظيم الحمدين الإرهابي الخبيث أم موزة المسند أم الإسرائيلي عزمي بشارة أم رأس الفتنة والإرهاب يوسف القرضاوي، ولم يعد شعب قطر يعلم من هو الحاكم الفعلي والحقيقي لوطنه، فالتذبذب والتضارب في التصريحات والقرارات وطريقة التعامل مع الأزمة جعل الشعب القطري يعيش في حالة ارتباك، خصوصاً مع مؤشرات انهيار الريال القطري في الأسواق العالمية وامتلاء شوارع الدوحة بالجنود الأتراك وقوات الحرس الثوري الإيراني.

قطر اختارت أن ترد على المطالب بإجابات ملتوية لا يفهم منها سوى التذرع والتحجج والتماس العذر لذاتها في دعمها للإرهاب، وهذا ما دفع الدول المقاطعة إلى عدم إعطاء الرد القطري الهزيل حجماً أكبر من حجمه، فدور البطولة الذي تعيشه قطر من خلال إعلامها الخبيث ومرتزقتها الذين جمعتهم “بخشم الريال” لا يمكن له أن يستمر مدة طويلة، فالمدى بعيد والفوز يحتاج إلى قوة ولياقة سياسية واقتصادية وهذا ما لا تملكه قطر التي تكون كالأسد في الإعلام ومن خلف الكواليس كالنعام، فهي تعودت على فرد عضلاتها أم الشعوب من خلال الإعلام ثم تجد قادتها يتسللون خفيةً دون علم الإعلام هنا وهناك “يحبون خشم هذا ويترجون ذاك”، هيهات فالكيل قد طفح والصبر قد آتى أكله ولم يبق منه شيء!!

خلال الأشهر القادمة ستكون هناك اجتماعات لدول مجلس التعاون الخليج في الرياض واجتماع لجامعة الدول العربية في مصر ومن المتوقع أن يتم خلاله أو بعده إعلان أكثر من دولة عربية قطعها لعلاقاتها مع قطر، وتخفيض للتمثيل الدبلوماسي من جانب بعض الدول الأخرى، وربما تعليق عضوية قطر في الجامعة العربية ناهيك عن احتمالية طردها من مجلس التعاون الخليجي، ما لم يكن التعليق هو أفضل الحلول، وستتدرج العقوبات من الدول الأربع بما تحمله من ثقل سياسي واقتصادي على مستوى الشرق الأوسط والعالم، وبما تحمله من تأثير لا يمكن تجاهله بين صناع القرار في الدول العظمى، ولاشك أن ملفات الإرهاب ودعم المتطرفين ستقدم لمجلس الأمن من خلال الدول المتضررة والتي من الأكيد أنها تحتفظ بهذه الملفات درءًا للأخوة ومن باب التوبة وفتح خط رجعة لقطر أن تتوب عما تفعله، هذه الملفات بما تحويه من أدلة وبراهين ستفتح باب العقوبات الدولية على قطر والملاحقات الجنائية لشخصيات قيادية من الأسرة الحاكمة وكبار المسؤولين في الدوحة، لارتكابهم المجازر وتمويل الإرهاب والتطرف، والذي سيفتح باباً على قطر لا تسده مليارات الريالات التي اعتادت قطر على سد ريحها وفتحها من خلالها.

الشعب القطري الأصيل يعيش أسوأ أيامه وهو يرى بلاده تنسلخ من عروبتها وأشقائها وترتدي طربوش العصملي وسروال “الآغا”، وهي على وشك أن تغير علمها بطلب من تركيا، ويتأجج الغضب في الصدور وهو يرى حاكمه وولي أمره محاطاً بحراسه من الجيش التركي ودوريات الحرس الثوري الإيراني تجوب الشوارع، ويتخيل له بلاده وهي تذوق من ذات الكأس الذي أذاقته دول الربيع العربي.

قطر بعد انتهاء المهلة، لم تعد ترغب بأن تكون دولة خليجية عربية فقد اختارت أن تصبح بمثابة “إسرائيل” في وسط دول الخليج، لا تطبيع ولا اتصال ولا تواصل بينها وبين أشقائها، فقد وضعت نفسها بين يدي الباسيج والعصملي يقلبونها كيفما شاؤوا وينهبونها رغماً عن أنفها، حتى إذا انهار اقتصادها وخوت على عروشها وضعُفت واستكانت تركوها في مهب الريح تأخذها حيثما شاءت، ولن ينفع قطر حينها أن تقول يا ليتني ما اتخذت فلاناً خليلا.

 

التعليقات