كتاب 11

09:31 مساءً EET

مريم .. وعنصرية المجتمع

فرق شاسع بين الشخصية التى جسدها الفنان أحمد زكى فى فيلمه”أنا لآ أكذب ولكنى أتجمل” الذى كان يخجل من والديه الفقراء وبين شخصية الطالبة مريم فتح الله إحدى أوائل الثانوية العامة والحاصلة على 99% والتى تفتخر بأنها إبنه لبواب عمارة بسيط الحال وتسكن فى غرفة واحدة مع خمس أخوات ورغم ضيق العيش وضيق المكان وعدم قدرتها على الحصول على دروس خصوصية أو الإلتحاق بمدارس خاصة كأبناء طبقة الأغنياء إستطاعت أن تقهر الفقر بعزيمتها وإصرارها على النجاح.

المسألة ليست فى أنها فتاة فقيرة متفوقة استطاعت أن تحقق النجاح الذى لم يصل اليه من يعيش حياة الرفاهية ولكن ماجعلها متميزة هو حالة الفخر والثقة بالنفس التى ظهرت بها على القنوات الفضائية التى استضافتها فلم تخجل من مهنة والدها ولا من الفقر والحاجه والصعوبات التى تعرضت لها رغم ماتعرضت له من اسئلة محرجة .

وللأسف حالة مريم كشفت الغطاء عن مدى تفشى الطبقية والعنصرية فى المجتمع فالجميع من العامة اصابته الدهشة لمجرد ان التى تفوقت وكانت من اوائل الثانوية العامة هى ابنة بواب فقير أما الصحف فقد تناولت قصتها من زاوية واحدة وهى انها بنت البواب لدرجة ان كل مقالاتهم وتحقيقاتهم حملت نفس هذا الوصف وهو فى حد ذاته إهانة كبيرة لها قد تتسبب فى حالة نفسية سيئة لها حتى وان كانت تبدوا فى ظاهرها فخورة بوالديها . التركيز على هذا الوصف وابدائهم العجب والدهشة له يؤكد عنصريتهم وكأنهم جميعا أولاد بشوات وبكاوات وكأنهم يستكترون عليها النجاح والتفوق لأنها من الطبقة الفقيرة ولم يهتم أحدهم بسؤالها كيف وصلت الى هذا التفوق وكيف حققت النجاح وكيف يحتذى بها طلاب الثانوية العامة لكونها عنصر ناجح يستحق الدراسة .

هؤلاء الصحفيين والإعلاميين لايبحثون سوى عن الشهرة وتحقيق مايسمى بالخبطة الصحفية سواء أكانت شهرة فى موضعها الصحيح أو بشكل خاطىء كما فعلت مذيعة الهيروين وحتى لو كان ثمت الشهرة إيذاء مشاعر الآخرين . وصف مريم بأنها “بنت االبواب” فى مانشيتات الصحف وصف غاية فى السوء والسخافة والتعالى فما دخل عمل والدها بنجاحها ,فالنجاح يحتاج الى عقل وذكاء واصرار ومواصلة الليل بالنهار فى البحث والمذاكرة والتحصيل لا هو بمساعدة الأب ولا بعمله ولا بماله فكثيرا من ابناء الاغنياء الذين تتوفر لديهم كل الظروف التى تتيح لهم النجاح طلاب فاشلين لايفقهون شيئاً عن العلم ولا الأدب ولا الأخلاق اذن فعمل الاب ليس له دخل فى نجاح مريم بل هو اصرارها على النجاح هو الذى وصل بها لهذه النتيجه. اما اصرار الاعلاميين الذين استضافوها فى برامجهم على سؤالها نفس السؤال السخيف الذى يتردد دائما على السنتهم حينما يحاورون ناجح من اسرة متواضعة هذا السؤال العنصرى الذى ينم عن عقل مريض جاهل يصنف المجتمع الى غنى وفقير “هل تصابين بالخزى حينما يقال لك انك ابنة البواب ” سؤال رخيص وكأنه يساوى بينها وبين ابنة الراقصة الو العاهرة مع ان الفرق كبير بينهما فهذا يعمل عملاً صالحا حلالا ليوفر لاهل بيته لقمة العيش وحياة كريمة وتلك تتعرى من اجل جنى المال الحرام لتتذوق رغد العيش فيا ايها الصحفيين والاعلاميين إنتقوا الفاظكم بدقة حتى لايتأذى منكم الآخرون فلكم رسالة إحرصوا على تقديمها بالأسلوب الصحيح .

 

التعليقات