عرب وعالم

06:00 مساءً EET

الشيخ عبدالله بن زايد: قطاع التعليم يحتاج إلى قفزة استثنائية متميزة

خلال اليوم الختامي للقمة، وضمن جلسة حضرها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، حملت عنوان «كيف نجعل نظامنا التعليمي يخدم وظائف المستقبل؟»، أكد سموّ الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، أن دولة الإمارات حققت إنجازاً كبيراً في قطاع التعليم، مقارنة بعمرها اليافع الذي يتجاوز العقود الأربعة بسنوات قليلة، مقارنة بدول وأنظمة عالمية أُسِّسَت قبل قرون.
وأشار سموّه، إلى أن التوجه الراهن للقيادة الرشيدة هو العمل على تحقيق قفزة نوعية في هذا القطاع الحيوي الذي يدخل في كل الخطط الاستراتيجية للدولة، وفي مقدمتها «رؤية الإمارات 2021» وأجندتها الوطنية.
حضر الجلسة سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، والفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وسموّ الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ومحمد عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، رئيس القمة.
وقال سموّ الشيخ عبد الله بن زايد: «معايير اليوم لم تعد مِقياساً لِتَقَدّمِنا في المجال التعليمي، ولا تَتَماشى مع طُموحاتِ دولة الإمارات. نحنُ اليومَ بصدد تطبيق الأنْظِمَةِ التَّعْليميةِ المتقدمة التي تُؤهِّلُ أبناء الإمارات للمنافسة العالمية، ليُصْبِحُوا رُوّاداً في تصديرِ العلوم. ولكي يتطور هذا المجال ولنحقق هذه الأهداف فإنما نحتاج إلى قفزات خارجة عن الإطار التقليدي».
وثبة فوسبري
وضرب سموّه مثلاً في قصة بطل الوثب العالي فوسبري التي تعود إلى عام 1968، بعد يومين فقط من تحطيم الرقم العالمي في الوثب الطويل في أولمبياد المكسيك، حيث بيـّن سموّه أن المشاركين في المسابقة، كانوا معتادين على طريقة مُعَيّنَة لِلْقَفز العالي، وَكان الأبطال يتدَرّبون عليها، إلى أن جاء فوسبري بطريقة جديدة وقفز وَظَهْره إِلى العَارِضَة، رافضاً بِذَلِكَ القَفْزة التَّقْليدية، وَمُخالفاً بَقيّةَ المُتَسابِقين. وَبِهذه القَفْزة، حَطَّم البطل الرَّقَم القِياسي العالمي آنَذاك، وَتَخَطّى كل المَعايير المُتَعارَف عَليها. وأصبحت هذه القَفْزة نُقْطَة التَحَوّل الفارقة في عالَم أَلْعاب القُوَى في ذَلِك الوَقْت.
واختتم سموّه القصة، بالتأكيد أن دولة الإمارات بِحاجَة إِلى قَفْزَة مُشابِهَة في قطاع التعليم… قَفْزَة تُعيد النَّظَر كلِّياً في المسيرة والأساليب التقليدية في التَّعْليم، وتتخَطّى كل المَعايِير المُتَعارَف عَليها وتُغَيِّـر الطَّريقَة التي يتعلم بها الطلبة اليوم، وتغير أيضاً بمُسْتَقْبَل العِلاقَة بين التَّعْليم وَسوق العَمَل، مؤكداً أننا نحتاج لقفزة هَدَفْها السّمو إِلى آفاقٍ غيْـر تَقْليديَّة.
وانتقل سموّه للحديث عن المسيرة الإنسانية حيث قال: «عبر قُرونٍ طويلة من تاريخ التطوّر البشري، تميّز الإنسان بِقُدْرَتِهِ على النّمو، من ابْتِكار الورق في الصين ومصر، مروراً بالاخْتِـراعاتِ الكُبرى لِلْحَضارَة الإِسْلامِيَّة ومن بعدها الأوروبِيِّة، إلى أَنْ وَصَلْنا إلى الْكُمْبيوتر الشَّخْصي. وأَدَّت تلك الاختراعات إلى إحداث تغييرات جذرية في طريقة عمل المجتمعات وإنتاجها، عبر ثوراتٍ صناعيةٍ رئيسية، الأُولى سَخَّرَتْ قوة الماء والبخار وحولتها إلى طاقة ميكانيكية. وَالثَّانِيَة سَرَّعَتْ عمليات التصنيع والإنتاج من خلال استغلال الكهرباء. وتِكْنولوجِيا المَعْلومات فَكانَتْ ثالِثَها، وهي التي قادت تدريجياً إلى التَّشْغيل الآلي لِبَعْض عمليات الإنتاج. وَالْيَوْم، نَدْخُل ثورة صناعية جديدة ستُقَرِّب العالم المادي مِنَ العالم الرَّقْمي وَتربط الإنسان بالآلة بشكل غير مسبوق».
وأضاف سموّه: «مِن أَبْرَز مَعالم الثَّورة الصِّناعِيِّة الرَّابِعَة: الحَوْسَبَة الكَميّة؛ وعُلوم الروبوتات؛ والسَّيارَة ذاتِيَّةِ القيادة؛ والتقنيات العصبية؛ والتعلم العميق؛ والتعديل الجيني؛ والطباعة ثلاثية الأبعاد؛ والذكاء الاصطناعي؛ وهي العلوم والتطبيقات التي ستدفع الحَضارَة الإِنْسانِيِّة إلى القفز لمسافات هائلة في فترة قصيرة».
وأكد سموّه، أن طرق التعليم والعمل ستتغير وأن الكَثير مِنْ مَهاراتِنا السَّابِقَة ستكون عَديمَة الفائِدَة، وأنّه وعبر الأنظمة الآلية (الأتمتة)، سينفذ الكثير من العمليات والمهام التي تتطلب حاليّاً مَجْهوداً بَشَرياً، وأن البشرية ستشهد بالتدريج اختفاء الكثير من الأعمال الروتينية والإدارية، واستبدالها بِبَرامِج ونظم مُتَطَوِّرَة.
وتحدث سموّه، عن ميزة الثورة الصِّناعِية بالنسبة لدولة الإمارات موضحاً أنها أوَّل ثَوْرَة تستطيع دولة الإمارات أن تؤثر فيها، مؤكداً أن التَّغْيير لن يبدأ في القِطاع الخَاص فَقَط بل سيبْدأ مِن القِطاع الحكومي.
وأشار إلى دِراسَة قَامَتْ بِها شركة ماكينزي؛ وجدت أنه من المتوقع استبدال 1.9 مليون وظيفة في مختلف القطاعات في الدولة. لافتاً إلى أن بعض الوظائف في قطاعات متعددة، ستخسر، ولكن في المقابل ستخلق وظائف جديدة ستدخل حيز الوجود تتطلب مَهارات مُتَقَدِّمَة وستكون مَفْتوحة أَمام المُنافَسَة العالَمِيِّة، مشدداً على أن نجاح الإمارات في ظل هذه الظروف الجديدة يحتم على الاقتصاد الوطني التركيز على قاعدة التنويع، والعمل على جذب الصناعات وأنماط المعرفة الجديدة التي تؤمِّن النجاح المأمول.
وعن المهارات الجديدة التي تحتاجها القطاعات المختلفة في المستقبل، قال سموّ الشيخ عبد الله بن زايد: «نَحْنُ بحاجة إلى التخلي عَن مَهارات مُعَيَّنَة وَإِلى اكتساب مَهارات مُخْتَلِفَة كالتفكير الناقد؛ والقُدْرَة عَلى التَّكَيّف وَالصّمود؛ وتكريس مَفْهوم التَّعَلّم مَدى الْحَياة؛ وتَوْسيع الآفاق وَالسَّعي لِلتميز؛ ومهارات حَل المُشْكِلات؛ وَالذَّكاء العاطِفي»، مضيفاً: «هَذا يَعْني أَنَّ المَهارات الأَساسِيِّة المُتَمَثِّلَة في مَعْرِفَة القِراءَة وَالكِتابَة وَالحِسابْ لَنْ تَكون كافِيَة، وَأَنَّ المَعْرِفَة العِلْمِيَّة، والتِقَنِيَّة، والمالية، والمَدَنِيَّة، والثقافية والفَنِيَّة أَصْبَحَتْ اليوم أَكْثَرْ أَهَمية مِن أَيِّ وَقْتٍ مَضَى».
رَأْس المَال البَشَرِي العامل الرئيسي

وأكد سموّه، أن رَأس المَال البَشَرِي هو العامل الرئيسي لدولة الإمارات في الثَّوْرَة الصِّناعِيِّة الرابِعَة، حيث تحتل الدولة حاليّاً الْمَكانَة الأولى عربياً وَالخامِسَةْ وَالْأَرْبَعين عالمياً في مَؤَشِّر رَأس الْمال البَشَرِي. لافتاً إلى أنه ولِهَذا السبب، أَطْلَقَت مؤخراً حُكومَة صاحِب السموّ الشيخ محمد بِن راشد آل مكتوم، اسْتراتيجِيةً لِلْثورة الصَّناعِية الرابعة، التي تهدف إلى جَعْل الدولة أَحَد الْمَراكِز الْعالَمِيَّة لَها، مشيراً إلى أن المسعى إلى تحقيق الأهداف الموضوعة يحتم على الدولة إعادة النَّظر في النِظام التَّعْليمي الحالي وتأهيلِهِ، لِيَتَماشى مَعَ مُتَطَلّبات الثَّوْرَة الصِّناعِيِّة الرَّابِعَة.
وبالعودة إلى مسيرة التعليم الوطنية، أكد سموّ رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، أن دولة الإمارات قَطَعَتْ مَسافاتٍ كبيرة لِتَطْوير نِظامِها التَّعْليمي وَالاسْتِثْمار في الإنسان الإماراتي خلال العقود الماضية، حيث قدم سموّه مقارنة لمسيرة التعليم: فمن 20 مدرسة في عام 1962، إِلَى 1200 مدرسة الْيوم. ومِن جامعة واحدة في عام 1976، إِلَى أَكْثَر من 70 مُؤَسَّسَة تَعْليم عالٍ الْيوم. وأن الدولة وضعت لنفسها أهدافاً طموحة لتحقيق أَفْضَل النَتائِج في الاختِبارات الدّوَلِيِّة المُوَحَّدَة، بهدف النهوض بجودة التعليم، مبيناً أنه استناداً لآخرِ المُؤَشِّـرات، ما زال مستوى طلاب المرحلة الأساسية والثانوية في دولة الإمارات أَقَل من أقرانهم في الدول الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD) التي تضم أكثر الاقتصادات العالمية تطوراً في العالم، موضحاً أن ما يزيد من خطورة هَذا الأَمر أن 36% مِنَ السّكان، تَحت سن الـ 15.
وشدد على ضرورة معرفة أبناء الإمارات بأنهم في منافسة مفتوحة مع أقرانهم من كل أنحاء العالم، لافتاً إلى أن على الحكومة الاستمرار في تَنْويع المَناهِج، بالتَّشْجيع عَلى دِراسَة العُلوم وَالتِّكْنولوجِيا وَالهَنْدَسَة وَالرِّياضِيّات، لتشجيع الطَّلَبَة عَلى الاسْتِعْداد لِسوقِ عَمَلٍ أَكْثَرَ تَنَوّعاً وَتَقَدّماً في المُسْتَقْبَلِ القَريب.
وأوضح سموّه أن بعض الطلبة لايزالون يِسْعون لِلحصول على شَهادات في الاقْتِصاد وَإِدارَة الأَعْمال، في حين أن هذه الشهادات، كما وصفها سموّه، لا تسهم منفردة في بِناءِ اقتصادٍ مَعْرِفي مُتَنَوِّعٍ، مؤكداً ضرورة استمرار تَدْريس الفُنون وَالآداب مَعَ المَوَاد الأخْرَى، وعدم الحاجة إلى أن يتحول الخريجون إلى مهندسين، لضمان المستقبل المنشود للدولة. مختتماً قوله: «كما نطْمَحْ ليكون لدينا فائِزِون بِجَوائِزِ نُوْبِلْ في العُلوم، فإنَّنا نَطْمَحُ كَذلِكَ للفوز بِجَوائِزِ نُوْبِلْ لِلآداب».
وعن سوق العمل بالنسبة للمواطنين، قال سموّ الشيخ عبد الله بن زايد: «أكثر من 80% من المواطنين يعملون في القِطاع الحكومي، لِأَنهم يعلمون أَنَّ الوَظائِف الحُكومِيِّة توفر لهم حياةً مُسْتَقِرَّةً، ويعتقدون أنها لا تتطلب تَعَلّم مَهاراتٍ جَديدة والتَّنافُس في سوقٍ دوليةٍ مفتوحةٍ. وهَذِهِ مُشْكِلَةٌ ثَقافِيَّةٌ نَحتاجُ لَيْسَ فَقَطْ كَمَسْؤولين حُكومِيّيْن لِإيجاد حُلول لَهَا، بَلْ حَتّى أَوْلِياء الأُمور عَلَيهم دور كِبير في غَرْس ثَقافَة جَديدة في أَبْنائِهِم وَبَناتِهِم، لِيَسْتَوْعِبوا مُتَغَيِّرات المُسْتَقْبَل. فمسْتَوَى مُشاركةِ القُوى العامِلَة لَدَيْنا مُنْخَفِضٌ جِداً، إِذا ما قارَنّاهُ بِالمُعَدّلاتِ الدّوَلِيّة. كما أن التقاعد يكون مبكراً في أحيان كثيرة مِمّا يُشَكِّلُ عِبْئاً مُتزايداً عَلَى مُجتمعنا عَلَى المَدَى الطِّويل. لِذَلِك عَلينا أَنْ نُطَوِّر بَرامِج التَّعَلّم مَدَى الحَياة وَبَرامِج التَّدْريب العَمَلي التي ستؤهل أبناءنا لاقْتِصاد ما بَعد النِّفْط. عَلينا تَمْكين المواطنين مِن اكْتِساب وتَعَلّمِ مَهاراتٍ جَديدةٍ. وعلينا أَن نتحدى أنفسنا، ونوسِّع آفاقنا، وَلا نَكْتَفي بِتَعَلّم المَهارات المُناسِبَة لِلْعَمَل اليوم، التي لَنْ تُؤَهِّلنا لِوَظائِف المُسْتَقْبَل».
وعن التحوّل إلى اقتصاد المعرفة، قال سموّ رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية: «في عامِ 2010، أَطْلَقَتْ حُكومةِ دولة الإمارات رؤيتها الطموحة لِعام 2021، وَمِن ضِمْنِها التَّعْليم. وَكان أَحَد العَناصِر الرَّئيسَية لِهَذِهِ الاستِراتيجيِّة هُوَ التَّحَوّل إِلى «اقْتِصاد المَعْرِفَة». هَدَفُنَا هُوَ نَقْلُ دولة الإمارات لِتُصْبِحَ دولةً ذاتَ «مُجْتَمَعٍ مَعْرِفِيٍّ»، يكونُ الأفرادُ فيها هُم عوامِل التَّطْوير التي تحدِّد مَلامِح اقتصادنا في المستقبل، بَدَلاً مِنْ أَنْ تَكونَ الحُكومَة هِيَ المُحَرِّكُ الرَّئيسي للاقتصاد. وَلِتَحْقيق هَذا التَّحَوّل الجَذْري، يجِبُ عَلَينا أَن نُعيدَ النَّظَرَ بشفافيةٍ تامةٍ وبجرأةٍ غَيْـرِ مَسْبوقةٍ في جميعِ عَناصِرِ نظام التعليم والتدريب العملي وَالْمِهَني لِكَسر النَّماذِج القائِمَة. نَحنُ بِحاجةٍ إلى نظامٍ جديدٍ للتَّعليمِ عَلى أَسَاس التَّنافُسِيِّة وَالنَّظْرَة الْمُسْتَقْبَلِيِّة وَالمُرونَة، ويركز على الطفل ويأخذ في الحسبان، المتطلبات الاقتصادية للدولة، وَيُعَزِّز التَّمَيّز وَالتَّفَوّق في كُلِّ الْمجالات».
أربع مستويات

ووضح سموّه، أنه وفي إطار المسعى لتحقيق تلك الأهداف الطموحة يجب العمل على أربعة مستويات: الأول: الْمُؤَسَّسَات التَّعْليمِيِّة حيث تحتاج الدولة إلى إِنْشاء نَموذَج تَعْليمِي جَديد، يَتَطَوَّر بِاسْتِمْرار وَيَتَكَيَّف مَعَ المُتَغَيِّرات في سوقِ العَمَل، وهذا يتطلب معرفة المهارات المَطْلوبَة في المُسْتَقْبَل وتكييف النِّظام التَّعليمي لِلإِعداد لَهَا، والعمل على تَجاوز نَصيب الفَرْد مِنْ الإنفاق التَّعْليمي القائم حالياً في ِمجموعة الدُوَلِ السبع الـ(G7). والعمل كذلك على إعادة هَيْكَلة نُظُمِ التَّعليمِ في الدَّوْلَة، ورفع مستويات الرقابة عَلى المَعايير التَّعْليمِيِّة الجَديدَة، وتأهيل المُؤَسَّسَات التَّعْليمِيِّة لكَوَادِرها، وتطوير المَناهِج الدِّراسِيِّة لتتضمن المَهارات الجَديدة.
التَقَنِيَّات التَّعْليْمِيِّة

والمستوى الثاني يجب أن يركز على التقنِيَّات التَّعْليْمِيِّة، موضحاً الحاجة إلى مُعلِّمين مُتَمرِّسين وأصحابَ خِبْرَةٍ، وأنه من مسؤولية الحكومة أن تستثمر في تدريبهم وتطوير مهاراتهم، مؤكداً أن المُعلِّم الذي يعتقد بأنه لَيْسَ في حاجَة إِلَى التَّعلّم وَالتَّطْوير الشَّخْصي، فهو لا يَصْلُح أَنْ يُعَلِّمَ أطفالنا.
كما أشار سموّه، إلى أن الدولة تبنّت مَشروع رُخْصَة المُعَلِّم وجَعَلَتْ الحِيازَة على الرُخْصَة شَرْط أساسي لمهنة الْتَدْريس، كما بيّـن سموّه ضرورة العمل على جمع العملية التعليمية في دَوْلة الإمارات بَين التدريس داخل الفصول وَالتَّدْريس الافتراضي، بهدف تطوير العَمَلِيِّة التعليمية.
وقد أوضح سموّه ضرورة القيام بِتَجْميعِ وتَحليلِ البياناتِ الضَّخْمَة وَالسَّريعَة التي تنتج من العملية التعليمية لِتُساعِد الحكومة عَلى تَحْليل بَيَانات الطَّلَبَة وَالمُعَلِّمين. واختتم سموّه، المستوى الثاني، بأن الذَّكاء الاصْطِناعِي لم يعد مِن الخَيَال العِلْمي، وَلِهَذا يجب توظيفه لِلْمَهام التي تسْتَهْلِك وَقْت المُعَلِّمين مِثل رصد العلامات، وَتالياً سَيَتَسَنّى للمُعَلِّمين التَّفاعُل مَعَ الطَّلَبَة أَكْثَر وَتَطْوير أَنْفُسْهم عَلَى الصَّعيد الشَّخْصي وَالمِهَني.
وفي المستوى الثالث تطرق سموّ الشيخ عبد الله بن زايد، إلى سوق العمل حيث أكد أن الشَّهادة الجامعية لا تَعْني الحُصول عَلَى عَمَل، لافتاً إلى أن بعض الدِّراسات تتوقع أن 65 % مِن الأَطْفال الذين التحقوا بالمَدارِس الابْتِدائِيِّة العَام المَاضي، سيعملون في مهن غير موجودة اليوم وستُستحدث في المستقبل، ما يعني أن عَلَى الحَكومَة وَالقِطاع الخَاص تَبَنِّي فِكْرَة التَّعَلّم مَدَى الحَياة، حيث سيكون رَأْس المال البَشَري المعيار الوَحيد لِقِياس النَجاحِ.
وأشار سموّه، إلى ضرورة تعزيز مَفْهوم التَّدريب المِهَني لَدى الشَّرِكات وَإِقْناعها بِتَخْصيص هَذِه الاسْتِثْمارات الضَّرورِيِّة، الأَمْر الذي يتطلب من الحُكومَة أنْ تكون الجِهَة المُنَظِّمة لِتَطْبيق مَعايير جَديدة في سوق العَمَل، تَضْمَن اسْتِمْرار عَمَلِيَّة تَطْوِير مَهَارات الأَفْراد أَيْنَمَا كانوا. فضلاً عن ذلك، أكد سموّه، ضرورة وجود عُقود عَمَل أَكْثَر مُرونَة تسمح للفرد أن يعمل في أَكْثَر مِن وَظيفِة في الوَقْت ذاته.
التَّغْيير الاجْتِماعي

وفي المستوى الرابع والأخير، تحدث سموّ الشيخ عبد الله بن زايد، عن التَّغْيير الاجْتِماعي مؤكداً ضرورة الاحْتِفاء بِالتَّعَلّمِ وتكريم النَّاجحينَ والسّاعينَ لِاكْتِسابِ العُلومِ والمَعْرِفَةِ، لِخَلقِ ثَقافَةِ التَّعَلّمِ المُسْتَمِرِّ، موضحاً أهمية تمْكين أبناء المُجتمعِ الإماراتِيِّ وَتَشْجيعهم عَلَى البَحْث بِاسْتِمْرار عَن فُرَصٍ تعليميةٍ جديدةٍ ومُبتكرةٍ لِتَحْديد مَساراتِهِم التَّعْليْمِيِّة وَالْمِهَنِيَّة.
كما أشار سموّه، إلى أن تَشْجيع الاعْتِراف بِالفَشَل مِيزة، مؤكداً أن الرِّيادة في الأَعْمال تتطَلَّب مُحاوَلات عدّة، يُصيبُ فيها الشَّخْصُ وَيُخْطِئ وَأن هَذا مَا تِعَلَّمْناه مِن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد. واختتم سموّه، حديثه عن المستوى الرابع قائلاً: «في خِضَمِ كُلِّ هَذِهَ التَّغْييرات الْكَبيرة، عَلينا المُحافَظَة على هُوِيّتنا الإِماراتِيِّة، خاصةً في سوقِ عملٍ جديدٍ لَهُ طابِعٌ عالمِيٌّ، وَبِالتَّالي ستزيد أَهَمِيَّة القِيَم الوَطَنِيَّة في نِظامِنا التَّعْليمي».
وعلى صعيد متصل، قال سموّ الشيخ عبد الله بن زايد: «لِدَعْمِ تَنْفيذِ رُؤْيَةِ التَّعليمِ الشَّامِلَةِ، أَنْشَأَت الحُكومة مَجْلِس التَّعْليم وَالمَوارِد البَشَرِّيَة. وفي الشَّهْر المَاضي أَظْهَرَ اسْتِبيان لِأَكْثَر مِن 1200 مواطن، أعمارهم بين 17 و25 عاماً، أَنَّ أَقَل مِن 10% يَطْمَحونَ للعمَلِ في القطاعِ الخاصِّ، وأقل من 14% مُهتمون بتأسيس عَمَلِهِم الخاص. في حين أن أكْثَر مِن 70% يُفَضِّلون الالتحاق بِالْعَمَل الحُكومِي.
وأضاف سموّه:«ثالثاً، أَطْلَقْنا اسْتِراتِيجِيِّة وَطَنِيِّة جَديدة لِلْتَعْليم الْعَالي لِدَعم الْمُتَغَيِّرات الّتي تواجِهنا في الدَّولة. ورابعاً سنطلق مُبادَرات تُشَجِّع التَّعْليم المُسْتَمِر».
وتحدث سموّه، عن أهمية التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، وقال: «سَنُفَعِّلُ الشَّراكَة مَعَ القطاعِ الخاصِّ في بناءِ وتَطْويرِ مَناهِجِ التَّدْريسِ في الجامِعاتِ تَماشياً مع مُتَطَلَّبات سُوق الْعَمَل».
واختتم سموّه كلمته بالقول: «آنَ الأَوانُ لِلقَفْزَةِ القادِمَة. قَدْ يخْتَفي الْكثير مِنَ الوَظائِفِ في المُسْتَقْبَلِ، وسَتَتَغَيَّـرُ مَفاهيم عدّة، لَكِنْ سَتَظْهَر فُرَصُ عَمَلٍ أُخْرى جَديدَة، وَسَتَتَنَوَّعُ خيارتنا في الحياة. مِنَ المُهِّمِ جِداً أن نكون، حكومةً وشعباً، مُؤَهّلينَ لِهَذِهِ التَّغْييراتِ الحَضارِيَّةِ. الثَّوْرَةُ الصِّناعِيَّةُ الرَّابِعَةُ فُرْصَةٌ عَظيمَةٌ لَنا في الإماراتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَة، لِنُثْبِتَ مِن خِلالها أننا قادِرونَ عَلَى صِناعَةِ الحَياةِ وَالحَضارَةِ والتَّسامُح والسّعادة والأمَل؛ لِذَلِكَ أَقولُ لَكُمْ بعونِ الله سَنَكون مِن المُسهِمِين فيها، مِن أجلِ مُسْتَقْبَلٍ جَميلٍ لِلْأَجيالِ القادِمَة… مستقبل حَلُم به زايد».

التعليقات