مصر الكبرى

11:12 صباحًا EET

لماذا سأصوت لأوباما؟

 
 
 
 
في السادس من نوفمبر الحالي، سأدلى بصوتي من أجل إعادة انتخاب أوباما رئيساً للولايات المتحدة. وسأفعل ذلك من دون تردد، على رغم بعض خيبة الأمل التي أشعر بها ويشعر بها كثير من الأميركيين، بسبب عدم حدوث التغيير الذي كنا ننتظر حدوثه في العديد من المجالات التي نهتم بها أشد الاهتمام.

ومع هذا الشعور بخيبة الأمل، ما زال بإمكاني أن أجيب بثقة تامة على سؤالين شديدي الأهمية، بالإيجاب: السؤال الأول: هل نحن أفضل اليوم مما كنا عليه منذ أربع سنوات؟ والثاني: هل نحن أفضل اليوم مما كان يفترض أن نكون عليه لو كان قد تم انتخاب جون ماكين رئيساً، وسارة بالين نائبة له؟
لإدراك حجم ما تحقق، علينا أن نعود بالذاكرة لنرى كيف كانت الأمور تبدو منذ أربع سنوات، كان الاقتصاد في حالة يرثى لها، وكان الملايين من الأميركيين معرضين لخطر الحجز على أملاكهم العقارية، كما فقدت صناديق المعاشات نسبة تتراوح ما بين 20 في المئة إلى 30 في المئة من قيمتها، وكانت نسبة البطالة في طريقها للتضاعف، كما تحول "الحلم الأميركي" بالنسبة لكثيرين إلى مجرد سراب.
لعلنا كنا قد رفعنا سقف الآمال أعلى مما يجب، عندما صدقنا أن أوباما سيغير كل هذا، ثم يتفرغ من بعده لتنظيف ركام السياسة الخارجية الذي خلفه وراءه سلفه في المنصب. وفي الواقع أن أوباما يوم تنصيبه في يناير 2009 لم يتسلم عصاً سحرية، وإنما تسلم المجرفة التي كان جورج بوش يحفر بها حفراً عميقة في الداخل والخارج.
ومنذ اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض واجه رئيسنا -وكأن كل ذلك الكم من التحديات الداخلية والخارجية لم يكن كافياً- حزباً جمهورياً مصمماً على تقويض كل جهد يقوم به. وفي الحقيقة أننا لو نظرنا إلى حجم الإنجازات التي تمكن الرئيس من تحقيقها، على رغم الجهود التعويقية للحزب الجمهوري لوجدنا أنه لا يدعو إلى ما هو أقل من الإعجاب: حيث أُمكن تجنب الانهيار الاقتصادي، كما أدت حزمة "الحوافز" إلى إنقاذ وظائف مئات الآلاف من الأميركيين، وتم إنقاذ صناعة السيارات التي يعتمد عليها الملايين من العمال والموظفين وعائلاتهم في معيشتهم.
ولم تقتصر الإنجازات على ذلك -حيث وصلت سوق الأوراق المالية وصناديق المعاشات إلى مستويات مرتفعة قياسية- كما قلت حالات الحجز العقاري، وبدأ القطاع العقاري برمته في التعافي. وعلى رغم أن أرقام الوظائف لم تصل إلى المستويات التي كنا نبتغيها إلا أنها انضبطت على المسار الصحيح وتسير في اتجاه الوصول لتلك المستويات في الوقت الراهن.
يضاف إلى ذلك أن الرئيس وإدارته استخدما سلطاتهما التنفيذية لإنهاء برنامج "التسجيل الخاص" المشين الذي مارس التمييز ضد الزوار العرب، وكان يهدد الآلاف من الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعات الأميركية بخطر الإبعاد. كما نجح الرئيس في تمرير القوانين التي تضمن رواتب متساوية للنساء مع الرجال، والقوانين التي تحمي المستهلكين من المؤسسات المالية معدومة الضمير، والأهم من ذلك كله هو أنه نجح في تمرير"قانون الرعاية المتاحة" الذي ضمن لكل أميركي حق الانتفاع بالرعاية الصحية.
وأنا بالطبع لست سعيداً بالانتكاسات التي حدثت في الشرق الأوسط، ولكنني أدرك في الآن ذاته جسامة التحديات التي واجهها الرئيس بعد ثماني سنوات من السياسات الرعناء، والمغامرات الطائشة لإدارة جورج بوش -حربان فاشلتان وتصرفات شائنة ممثلة في فضيحة سجن أبو غريب وممارسات التعذيب، والتسليم غير القانوني للمتهمين، وما عرف بالمواقع السوداء- التي جلبت العار لبلادنا، وجرأت القيادة الإسرائيلية، وشطرت القيادة الفلسطينية القاصرة وظيفياً، وشجعت إيران، وساعدت على خلق تربة خصبة لنمو الإرهاب.
وفضلاً عن صعوبة تلك التحديات، واجه الرئيس محاولات تعويقية من جانب الجمهوريين في الكونجرس الذين كان كل همهم إحراجه، كما لم يحظ بالمساعدة والدعم الواجبين من جانب الديمقراطيين خائري العزم.
وعمل الكونجرس على تعويق جهود أوباما لإغلاق جوانتانامو، ووصف الجمهوريون خطابه الشجاع في القاهرة بأنه كان جزءاً من "جولة اعتذار" خان فيها الرئيس القيم الأميركية! ومنذ عام، عندما بذل الرئيس جهداً لإعادة إطلاق عملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني وقف الجمهوريون وراء رئيس الوزراء الإسرائيلي وساندوه في محاولته لتوبيخ الرئيس من خلال دعوته لإلقاء خطاب في الكونجرس قوبلت عباراته بالتصفيق الحاد 29 مرة من قبل أعضاء الكونجرس.
ويريد الجمهوريون -إذا ما تولى مرشحهم الحكم- إعادة إنتاج نفس السياسات الاقتصادية السابقة التي أدت بنا إلى شفير الهاوية -المزيد من الخصومات الضريبية للأغنياء، وتقليص القواعد المنظمة للقطاع المالي والصناعة- كما يريدون أيضاً إعادة نفس طاقم السياسة الخارجية السابق الذي ساهم في تصميم السياسات التي زجت بنا في الحروب، وعزلتنا عن العالم.
نحن الأميركيين لا نريد كل ذلك وسنلتزم بتأييد الرئيس والحزب الديمقراطي. وأعتقد أن أوباما لو حقق فوزاً حاسماً، وحقق عدد من الديمقراطيين الجيدين الفوز في انتخابات مجلس النواب والشيوخ، فإن ذلك سيزوده بالتفويض الذي يريده لمواجهة جهود الحزب الجمهوري التعويقية.
لقد عملنا معاً منذ أربع سنوات، كي نصنع التاريخ وننتخب أوباما رئيساً للولايات المتحدة. وفي السادس من نوفمبر الحالي سنواصل عملنا وكفاحنا لإعادة انتخاب أوباما لفترة ولاية ثانية من أجل جعل أميركا أفضل وأقوى وأكثر ذكاء، وأكثر عدالة.
 

 
 
 
 

التعليقات