مصر الكبرى

05:17 مساءً EET

التمثال الحجري

شخصية خجولة تميل إلى الصمت، تفضل الاحتفاظ بآرائها لنفسها، ردود أفعالها باردة، لا تبدي رأيا بوضوح سلبيا كان أم ايجابيا، هذا ما كان يراه كل المحيطين بها، أما المقربين منها فقد اعتادوا على ردود أفعالها التي غالبا ما تحرج الأخرين

هي لم تستطع تغير تلك الفكرة المأخوذة عنها، ليس لعدم اكتراث و لكن لأنها حاولت كثيرا وفشلت، كانت تتأثر من أقل شيء، من ضحكة طفل، أو دموع فراق، أو حتى مشهد مؤثر في فيلم، ولكنها لم تكن تعبر عن هذا التأثر بالكلمات، كانت خجولة، خجولة لدرجة أن ملامحها كانت تتجمد لتبدو صخرية باردة ولا تظهر عليها ردود الأفعال، اعتادت على سماع ما يصفها به الآخرون من برود مشاعر ومن أنها تشبه التمثال الحجري، وفي داخل هذا التمثال الحجري كان قلبها يتمزق عند سماع تلك الصفات إلا أن الكلمات لم تكن تساعدها لتدافع بها عن نفسهاكانت تضحك، و تبكي و تعلق، و تقول أرائها و تعليقاتها على كل شيء، لكن في داخلها، دون أن تواتيها الجرأة على التعبير عن تلك المشاعر والأفكار بطريقة طبيعية، تكتفي بابتسامة في الوقت الذي ينفجر فيه المحيطين بها من الضحك على مشهد كوميدي، وكلمات أخرى قصيرة للتعبير عن شكرها أو سعادتها أو استيائها تجاه المحيطات بهاوتعرفت عليه، لم تكن تأمل في أن يعاملها بطريقة مختلفة عن الطريقة التي يعاملها بها الآخرون، و لكن ما أدهشها أنه فعل، لقد رأى فيها ما لم يره حتى أقرب المقربين لها، أدرك كم هي إنسانة حساسة وخجولة، وشعر بتأثرها وأحاسيسها التي لا تظهر حتى على ملامح وجهها، قدر صمتها وشعر بالدفء الكامن خلف هذا القناع البارد البادي على وجهها، كان يعرف معنى ابتسامتها الصغيرة وما تحمله خلفها من مشاعر سعادة كبيرة، ونظرتها الخجولة التي تمر سريعا على وجها اذا رات طفل صغير وكم المشاعر الرقيقة التي تعنيها تلك النظرةو عندما رأته في ذلك اليوم ينظر لها تلك النظرة التي تعرف أنه يقرأ بها ما يدور بخلدها، نظرت له ولأول مرة في حياتها تورد وجهها بحمرة الخجل وابتسمت له، فابتسم لها بدوره وقالوأنا أيضا أحبك

التعليقات