مصر الكبرى

12:12 مساءً EET

مفارقات شعب متدين بطبعه

 
 
 
 
كلما سألنا احد أعضاء التيار الديني السياسي او اي من أفراد الاحزاب الدينية (اللي عامله نفسها مش دينية عشان الاعلان الدستوري) عن سبب انتخاب الشعب المصري لهم وان كان له علاقة بالبحث عن الاستقرار او ان الشعب قد راى فيهم بديلا للنظام القديم المتسلط لكنه مستقر او لأسباب لها علاقة بالزيت والسكر وانبوبة البوتاجاز وجهاز البنات، يجيبون بان الشعب المصري متدين بطبعه ويجدهم الخيار الامثل للحكم اذا ما جرت انتخابات نزيهة وشفافة وذلك لأنهم سيحكمون بشرع الله وهو ما يريده الشعب تماما.

واصل الحكاية يا سادة ان الشعب المصري – على الأقل في رأيي- متدين بقلبه. فالكثيرون في مصر يأخذون التدين بكلياته لا تفاصيله. ولذا فاختيارهم للاخوة المتشددين مبني على اساس اعطي العيش لخبازه وأن هؤلاء بتوع ربنا ومادمنا نحن لا نؤدي الفروض والسنن والنوافل مثل هؤلاء اذن لنترك لهم الحكم اعتمادا على سماحة وجوههم وألسنتهم التي لاتنطق الا بما قال الله وقال الرسول صاى الله عليه وسلم. اي ان الأمر لا يعني ان تختار الجماهير من يماثلها في الفكر بل من تظن ان يملك تعويضا لشيء لا تمتلك الجماهير ناصيته بالكامل. فكما يطلب المواطن مساعدة الطبيب والمحامي لأنه لا علم له بالقانون ولا الطب فقد مال الى طلب الحكم من المتشددين املا في العدالة التي هي صنو الاسلام وركيزته الأساسية.وتتبدى تلك الحالة النفسية المعقدة في عدد من المفارقات التي لا اعرف انى لها ان تستمر في عهد الحكم الرشيد ودعاوى تطبيق الشريعة. كيف لقناة – اوقنوات- تليفزيونية  مخصصة للرقص الشرقي ان تاتي على راس قوائم المشاهدة في بلادنا.. كيف ينتخب الشعب الاخوان والسلفيين لمقاعد الحكم ثم يذهب أفراد الشعب – نعم الشعب نفسه- الى صالات السينما ليمنح أفلام الرقص والغناء الشعبي ارباحا تقدر بملايين الجنيهات رغم ما تذخر به من اغان هابطة ومشاهد فاضحة والفاظ بذيئة.كيف يحرص الشعب على الاحتفال بمناسبات دينية شريفة وعظيمة المعاني مثل عيد الفطر وعيد الاضحى باستنشاق المخدرات ليلا ثم التحرش بالمراهقات في الشوارع نهارا.نعم اعلم ما يدور بخلدكم أنني قد وقعت في فخ التعميم وأن هذا الشعب مازال بخير والأغلبية من أبنائه لم ينحطوا الى هذا الدرك. لكن النسب التي وصلت الينا أعزائي توحي بان الأشرار بيننا عدد لا يستهان به أيضا. وبالنظر الى الملايين التي اعطت صوتها لهؤلاء في الانتخابات ومقاربتها بنسب المنحرفين أعلاه وعدد تذاكر السينما واشارات البث التليفزيوني وارقام البحث غير المحتشم على جوجل (وهي أرقام لا لبس فيها) نجد هامشا يتقاطع عنده الرقمان .. فأصبح  أنا وللأسف متاكدة من استنتاجاتي بان بعضا ممن انتخبوا هؤلاء قد جلسوا في صالات السينما يشاهدون فيلم العيد  ويتمايلون على موسيقى المهرجان اياه رغم ما بها من شتائم وألفاظ بل وقيل ان بعضها قد حمل اساءة لآل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.لكن الخطورة تبدأ عندما نتلمس الأعذار لقيادات التيار الديني في ارتكاب أخطاء من هذا النوع على اساس انننا كلنا بنغلط. فالمواطن الذي يشعر بالذنب لانه يرتكب مثل هذه الأغلاط ثم يكفر عنها بانتخاب اخواننا اياهم بدا ينسى انه قد انتخبهم لطهارة مسلكهم ونزل بهم الى صورة ارضية أقرب الى طريقة معيشته هو المستهترة التي أمل ان يكونوا هم على عكسها تماما.لذا اصبح المواطن ذو الصوت الانتخابي لا يجد حرجا في غض الطرف عن ان يقوم احد السلفيين باختطاف فتاة عمرها 14 عام والادعاء بانها قد غيرت دينها وتزوجته. واذا ما سالت المواطن عن احساسه لو جرى ذلك لابنته فانه سيشيح بوجهه بعيدا ويقول لك ان الرجل شيخ ويعي ما يفعل. وعندما يقنعه هؤلاء بان وضع الخمسمائة جنيه التي وفرها هو في البوسته حرام وربا ثم يطلبون قرضا بفائدة من صندوق النقد يربو على الأربعة مليارات جنيه سيرد عليك بانهم ادرى. وان قلت له أنه من غير الجائز ان يرسل رئيس الجمهورية رسالة ود وأن يتمنى الرغد لاسرائيل سيقول لك أن هذا دهاء سياسي والاخوة يعلمون الصالح رغم انه يردد وراءهم آمين في كل صلاة وهم يدعون على النصارى واليهود بان تنخسف بهم الأرض.عزيزي المواطن، ان كنت قد انتخبت التيار الديني لأنه منزه عن الخطأ وكذلك انت فانتبه فهؤلاء يخطئون وأنت افضل منهم. أما ان كنت قد انتخبته لانك تخطيء وتشاهد أفلاما وقنوات هابطة وتتعاطى المخدرات ليلة العيد وهم لا يخطئون .. فارجو أن تفكر مرة ثانية لانهم يخطئون مثلك بل وابشع.. فعلى الأقل حضرتك لا ترتدي عباءة الدين ولا تنسب أفعالك القذرة اليه. أرجوكم ان تعيدوا حساباتكم.وحسبنا الله ونعم الوكيل
 
 
 
 

التعليقات