كتاب 11

02:45 مساءً EET

المقاولة وكراسة الشروط

من المعروف ان أى مقاولة لها مواصفات معينة وشروط محددة سلفاً، تكون موجودة فيما يعرف بكراسة الشروط وتعتبر تلك الكراسة هى الأتفاق الذى على أساسه يُحدد العطاء، ونعرف من سيفوز بالمقاولة  طبقاً للشروط المحددة .

بهذه النظرية تتعامل الحكومة الحالية مع “مصر” وهذا تجلى فى العديد من المواقف والتى كان أخرها الأجتماع الذى عقده (المقاول إبراهيم محلب) مع الإعلامين من مقدمى برامج التوك شو وبعض ُملاك هذه القنوات وبعض رؤساء تحرير الصحف، الذى جاء كرد فعل للأزمة الأخيرة بين” وائل الإبراشى ووزير التربية والتعليم ” التى ترتب عنها تهديد الوزير للقناة مما تبعه إنقطاع البث عن البرنامج فى سابقة لم تكن الأولى لإنقطاع البث عن مقدمى البرامج فى مصر بغض النظر عن توجهاتهم.

مازال محلب يتعامل بعقلية المقاول ولا يقدر أن ينسى بعد أنه ترك منصبة كرئيس مجلس إدارة لشركة مقاولات بغض النظر عن حجم هذه الشركة لأنه ليس هذا هو المهم بل المهم هو المبدأ، لا يقدر الرجل بعد أن يتفهم طبيعة موقعه الجديد كرئيس مجلس للوزراء ومازال يتعامل مع الأمور بطريقة كراسة الشروط .

فحسب ما اٌعلن عن هذا اللقاء هو محاولة لوضع شروط للتعامل بين الأعلام وقنوات بعينها، وبين الحكومة فى خطوة أقل ما توصف بأنها نوع من الترهيب والترغيب، وإعلاء لفكرة المقاولات التى لا يعرف غيرها المقاول محلب ومحاولة أيضا لقمع هامش الحرية الذى نعيش عليه الأن فى مصر بعد (ال 30 من يونيو) التى حلمنا أن تجلب لنا الأستقرار والرخاء ولكن لما العجب وأن كان رئيس المقاول نفسه يحمل نفس الفكر فقد ظهر الجنرال قبل أن يصعد إلى سدة الحكم متحدثا عن ضرورة إحتواء الإعلام بالترهيب والترغيب وسياسية العصا والجزرة.

والتقى بهم مراراً وتكراراً وقاله صراحة بأن عبد الناصر كان محظوظ لأن الإعلام كان معه، وحتى الأن أنا لا أقدر أن أفهم كيف يحلم هؤلاء بعبد الناصر بعد كل هذا الزمان وكل الظروف التى تغيرت على مستوى العالم ونحن فى عصر السموات المفتوحة وثورة فى عالم الأتصالات لم يشهدها العالم من قبل. 

ولكن هذا لا يجعلنى أعفى بعض الاعلامين والمنتسبين إلى مهنة الإعلام من الأخطاء، ولكن اذا نظرنا إلى هؤلاء وكيف دخلوا إلى عالم الشاشات سنجد أن بعضهم دُفع به من قبل الأجهزة الأمنية والدولة، ليكونوا ابواق للنظام ومطبلاتية له وهم الأن من يتسببون فى حالة الهرج الإعلامى الحادث فى مصر ويتبقى السؤال هل ضاق النظام بهؤلاء ولم يعد قادر على احتمالهم أكثر من ذلك؟ وهل سينقلب عليهم قريباً ام هناك ادوراً اخرى لهم سيتم توجيهم اليها؟ أم سيتم استبدالهم بأخرين؟ على أيه  حال دعونا نراقب ماذا سيحدث لنعرف على من رسى العطاء طبقا لكراسة الشروط الجديدة الموضوعة من قبل حكومة المقاولات الحالية .

واخيراً أن الطريقة التى تم الإعلان عنها للصلح بين الإبراشى والقناة من جهه ووزير التعليم من جهة أخرى، بواسطة المقاول محلب هى كارثة بكافة المقاييس لأنها تكريس وأستمرار لفكرة إسقاط هيبة الدولة وتحقير القانون، الذى من المفترض أن يكون هو الفيصل فى النزاع أو الخلاف بين أى جهات او أشخاص وليس جلسات وواسطة من أى شخص مهما كان منصبه . 

التعليقات