تحقيقات

12:12 مساءً EET

الصداع القطري في الرأس الخليجي

يكتنف الغموض مصير ومكان انعقاد القمة الخليجية المقررة الشهر القادم، وسط تكهنات وانعدام يقين تجاه إمكانية التئام قادة الدول الخليجية الستة في الدوحة، والانعقاد برئاسة أميرها الذي تتهمه عواصم خليجية بالمناورة والتلكؤ في تنفيذ التزاماته وأخذ خطوات عملية لإنهاء الخلافات بمعالجة أسبابها.

صداع قطري في الرأس الخليجي

التكتل الخليجي يعاني من صداع قطري فشلت في تفكيكه وإنهاء آلامه المزعجة، حتى الآن، جميع المساعي التقريبية التي قادها أمير الكويت بدرجة رئيسة، في محاولة منه لوقف مزيد من الصدوع في جدار العلاقات الخليجية البينية، وخصوصاً بشأن الخلافات مع الدوحة.

غير أن الإمارة الخليجية، الغنية بالغاز الطبيعي، تتصرف بنوع من الثقة ووجه أميرها الشاب الشيخ تميم، منتصف الأسبوع الماضي، الدعوة لقادة دول مجلس التعاون إلى القمة الخليجية المقررة الشهر المقبل، في الدوحة التي تتهمها عواصم ثلاث دول خليجية، هي: الرياض، وأبوظبي، والمنامة، بدعم الإسلاميين، وتبني واحتضان قيادات ورموز جماعة الإخوان المسلمين، علاوة على ملف قناة “الجزيرة”.

لكن السلطات القطرية تستشهد ببرامج تمويل ودعم تقدمها وتنفذها الدوحة في أكثر من بلد، للقول بأن دعمها لا يقتصر على الإسلاميين دون غيرهم.

 

الأزمة الأخطر منذ التأسيس

وتمثل أزمة انعقاد القمة القادمة، تحدياً كبيراً أمام التكتل الخليجي، بحيث تأخذ مسألة القمة حيزاً مستقلاً كأزمة على هامش الأزمة القائمة والمستمرة منذ قرارات سحب السفراء.

في السياق، وفي وقت سابق، قال جين مارك ريكلي، الأستاذ المساعد بقسم دراسات الدفاع في جامعة كينجز كوليدج لندن، وهو مقيم في الدوحة: «قد تكون هذه أخطر أزمة داخلية تواجه مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه»، بحسب تقرير نشرته رويترز في 11 الجاري.

وتتمسك الدوحة بحقها في استضافة قمة القادة الخليجيين وفقاً لما أقرته قمة الكويت التي سمت الدوحة مكاناً لانعقاد القمة القادمة.

وقال دبلوماسي عربي في الخليج: «لا ترغب الإمارات والبحرين في الذهاب إلى الدوحة، حيث يرأس الأمير الاجتماع بسبب اعتقادهما بأنه لم يبذل ما يكفي من جهد لحل الخلافات معهما».

وعملياً، فإن لقاءات التحضير الوزارية للقمة لم تتم حتى هذا الوقت المتأخر قبل موعد القمة. وعلى صلة، تحدثت تقارير صحفية وإعلامية خليجية وعربية في لندن، عن توجه محتمل قد يفضي إلى قرار بتأجيل القمة ما لم يكن بنقل أعمالها من الدوحة.

لكن هذا، أيضاً، أمر غير مؤكد، وقد تفضل الدولة الوسيط (الكويت) التمهل في أخذ قرار بشأنه حتى لا ينعكس سلباً على جهود المصالحة وإنهاء الخلافات. علاوة على ذلك ينبه مراقبون ومحللون من أن الدوحة سوف تتضرر من نقل القمة لجهة الدور والمكانة ضمن العائلة الخليجية.

وتمتد عناوين الخلافات القطرية الخليجية أو تتفرع عنها قضايا وملفات ساخنة ومعقدة تتصل بالأسباب السابقة، كما يتكرس بصورة أوضح من غيرها في الملف الليبي، حيث تتبادل العواصم اتهامات صريحة ومعظمها ضمنية وفي غير الوسائل الرسمية، بشأن الصراع بين الفصائل المتناحرة في طرابلس وبنغازي وبرقة، وصدرت قبل أسابيع، وعقب زيارة قام بها إلى أبوظبي، تصريحات عن رئيس الحكومة الليبية التي تقيم خارج طرابلس العاصمة «الثني»، تتهم قطر، صراحة، بدعم المتطرفين الذين يبسطون سيطرة كاملة منذ أشهر على العاصمة، وأعلنوا حكومتهم الخاصة، وإرسال طائرات قطرية محملة بالسلاح إلى مطار طرابلس.

 

ضبابية.. حتى إشعار آخر

صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية الصادرة في لندن، ذكرت ـ الجمعة ـ أنها، لاتزال الرؤية ضبابية حول انعقاد القمة الخليجية التي مقرر لها أن تكون في العاصمة القطرية الدوحة.

ويشير التقرير إلى أنه، وعلى الرغم من المباحثات الماراثونية التي أجرها القادة في دول مجلس التعاون الخليجي، فإنه لا تزال «حتى حينه» الرؤية ضبابية حول مقر ومكان القمة الخليجية.

الثلاثاء الماضي، أيضاً، كانت “رويترز” تنسب إلى دبلوماسيين القول «إن الاستعدادات للتجمع السنوي لدول مجلس التعاون الخليجي أصبحت تشير الى وجود شقاق غير مسبوق بين دول الخليج العربية».

وبالعودة إلى الجمعة، تذكر الجريدة السعودية الدولية أن «مصدراً مسؤولاً في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية» أفصح «بأنه لم يتم انعقاد الجلسات التحضيرية للقمة الخليجية، والتي كان من المفترض أن تكون في وقت مبكر، مشيراً إلى أنه بعد صدور تعليمات التحضير للقمة في الدوحة طُلب منهم التريث حتى “إشعار” آخر، وهو مؤشر يدل على استمرار عدم اليقين بشأن مكان انعقاد القمة الخليجية».

 

مصيدة «دعم وتمويل» الإرهاب

وتزايدت الاتهامات الموجهة إلى قطر بتمويل الإرهاب العالمى وإخفاقها الواضح فى السيطرة على مواطنيها من ممولي الأنشطة الإرهابية فى كل من سوريا والعراق، وكذا فشلها في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشبكات الإرهابية المالية في البلاد. مما جعلها مهددة بتوجيه عقوبات اقتصادية لها، كما جاء في تقرير نشرته التلغراف البريطانية «قطر صندوق أموال المتطرفين»، ونشرته مترجماً وكالة “خبر” للأنباء مطلع أكتوبر الماضي.

وتحدث تقرير «التلغراف» عن شخصيات قطرية متهمة بتمويل جماعات إسلامية إرهابية على صلة بتنظيم #القاعدة في العراق وسوريا.

حيث كشفت الصحيفة البريطانية عن ممول تنظيم #القاعدة «خليفة محمد تركي السبيعي» والذي سجن لدوره في تمويله ودعمه المالي لـ«خالد شيخ محمد» العقل المدبر لهجمات 9/11 وفي تمويله ودعمه المالي مرة أخرى للإرهابيين الإسلاميين بعد إطلاق سراحه من قبل السلطات القطرية.

وقد سجن «خليفة محمد تركي السبيعي» – مواطن قطري – لجرائم إرهابية في عام 2008، لكن أفرج عنه بعد ستة أشهر فقط – وذلك بتهمة «الدعم المالي» لخالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 9/11. وهو متهم الآن بتمويل الإرهابيين الإسلاميين في سوريا والعراق.

وكانت نشرت وزارة الخزانة الأمريكية وثائق جديدة كشفت عن وجود صلات بين السبيعى وممول إرهابى أُتهم بتمويل فرع تنظيم #القاعدة فى سوريا لتنفيذ عمليات تفجير طائرات مسافرين باستخدام متفجرات داخل عبوات معجون الأسنان.

التلغراف قالت، أيضاً، إن «منتقدين بارزين طالبوا بمزيد من التدقيق عن صلات قطر ومدى تورطها بالإرهاب وتمويلها، كما طالبوا بفرض عقوبات عليها إذا فشلت في معالجة المشكلة واتخاذ إجراءات صارمة ضد الشبكات الإرهابية».

 

محاولة الأمير لدى الملك.. فشلت

وغير بعيد عن هذه أو تلك.. كانت المحاولة الأخيرة لرأب الصدع بذلها الأمير تميم لدى الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، الذي استقبل الأول ووفداً مرافقاً منتصف الشهر الماضي، المملكة العربية السعودية لإقناع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بإيفاء الدوحة لوعودها بالتخلي عن دعم جماعات متطرفة.

وطلب تميم، وفقاً لتقارير ووكالات، من العاهل السعودي، التوسط لحل الخلاف مع دولة الإمارات التي ترفض وجود الشيخ يوسف القرضاوي بدولة خليجية لتطاوله عليها. كما أمل الأمير أن ينتزع موافقة بإعادة السفراء إلى الدوحة.

لكن العاهل السعودي، بحسب تعبير مصدر أمني خليجي: «يبدو أنه غير مقتنع» بالعرض الذي قدمه تميم عن التزاماته بتعهداته المنصوصة في إعلان الرياض، الذي يعتبر قاعدة التسوية والحل لإنهاء الخلافات والعودة عن قرار سحب السفراء.

وتتخذ الإمارات الموقف الأكثر تشدداً تجاه السياسات القطرية وممارسات ترى أبو ظبي أنها تمس بمصالح دول الخليج ومصر خصوصاً، وتشجع جماعات متطرفة وعدائية، سيما «في ظل استمرار السياسة الإعلامية التحريضية ضد مصر والتي لا تبرهن عن نية قطر على المصالحة»، طبقاً للمصدر.

 

تعليق دبلوماسي يمني

لا يبدو أن مصير القمة الخليجية المقبلة سوف يتحدد ويعرف بشكل نهائي في غضون أيام.

وفي تعليق لوكالة “خبر” للأنباء في #صنعاء، قال دبلوماسي يمني سابق عمل في أكثر من عاصمة خليجية: «لن يكون متاحاً معرفة مصير القمة قبل معرفة مصير المساعي التي تواصلها قيادة دولة الكويت بوصفها رئيس القمة الأخيرة، لإنقاذ القمة الخليجية».

وأضاف: «الأمر الأهم، في تقديري، يتجاوز معالجة موضعية تكفل إنقاذ وبالتالي انعقاد القمة الخليجية سواءً أكانت الدوحة أم عاصمة خليجية أخرى المكان الحاضن. إننا نتحدث عن أزمة حقيقية باتت تتطلب عملاً شاقاً وجهوداً تشتغل على العمق لإنقاذ البيت والتكتل الخليجي من الصداع القطري الذي يتهدد التكتل بتصدعات أسوأ، ونرجو أن لا تصل الأمور هذا الحد».

التعليقات