كتاب 11

07:36 صباحًا EET

أفشوا السلام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:في وصيته للناس، يا أيها الناس: أفشوا السلام وأطعموا الطعام- إلخ- تدخلوا الجنة بسلام ) إذن وصية رسولنا الكريم التي قدمها على أربعة أمور أخرى كانت هي إفشاء السلام، فالسلام هو مفتاح التآلف ونشر المودة، وهو الطريق والموصل الجيد لنقل المحبة بين الناس بعضهم بعض.

وقد قال (صلع): في حديث آخر حق المسلم على أخيه ست أمور: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه، وقد حض على فعل ذلك ليس فقط مع من تعرف، لكن أيضا مع من لا تعرف، أي أن الأمر ليس مقصورا على أهلك أو معارفك فقط، فالسلام يُزيل الوحشة بين الناس، ويُبعد المرء عن الخصال المذمومة من كبر واحتقار لأخر.هذا هو ما أمر وأوصى به صلوات الله عليه.

فهل هذا ما نراه اليوم في مجتمعات يقال عنها مسلمة ؟ لا والله..! فما نراه بين الناس في هذه الأيام وما سبقها ولمدة عقود مضت، سلوكيات أبعد ما تكون عما أوصينا به، فقد بات كبيرنا يظلم صغيرنا، وقوينا يقتل ضعيفنا، أصبحنا شعوبا بأخلاقيات فاسدة، سلوكيات متدنية، ضرب الفساد كل أنحاء البلاد، وبات يحكمنا قانون الأسماك! أصبح عقد الجبين، والتجهم في وجه بعضنا بعض سمة لنا، ضاعت الرحمة من قلوبنا، رحمة ليس المقصود بها به أن تتغاضى عن المخطئ، أو أن تغض النظر عن فاسد، مبررا له سلوكا مجرما مرفوضا، أو أن تتقبل فحش قبيح في المجتمع! لكنها تكون في قبول الأخر وتقبله مهما كان مختلفا عنك، فالله يحاسب الناس على أفعالهم، وليست على أشكالهم. إن ما قدمته لكم كان نتيجة خرجت بها بعد زيارتي لمجتمع غربي، لا يؤمن بعقيدة المسلمين، لكن- ويا لا العجب- كانوا هم من ينفذون وصية رسول المسلمين، إذ أنهم يفشون السلام، فلم يحدث طوال مدة أقامتي هناك، أن رأيت من يشيح بوجهه إذا التقى وجهي مصادفة، لقد كانت الابتسامة دائما على الوجوه، ليس من سعادة يعيشونها، لكنها عن قناعة بأنه سلوك إنساني متحضر حميد، يساعد على تيسير وتسهيل الحياة، بل وعلى التعاون والتكافل بين الناس بعضهم البعض. أعلم أن ما قلته أمرا معلوما من قرابة قرن من زمن، وأنه ليس بجديد عليكم، لكن المفارقة الشديدة بين ما يحدث في تلك المجتمعات، وما يحدث الآن في مجتمعاتنا المسلمة وعلى أيدي من يدعون الإسلام، أصابني بصدمة حضارية ألمت بي، وزرعت في حلقي مرارة، يوم عودتي إلى وطني الحزين.

التعليقات