كتاب 11

01:51 مساءً EET

اليمن الجديد والأمن الوطني السعودي

منذ دخول الحوثيين صنعاء ونحن نسمع ونقرأ سيناريوهات كثيرة معضمها “خيالي” تستند غالبها على نظرية المؤامرة وهو ماتعودنا عليه في بداية كل حدث بالمنطقة حيثما تكون الرؤية ضبابية خصوصًا ان العالم العربي يمر بحالة إضطراب وفوضى عارمة وتردي فكري وثقافي وإجتماعي وإقتصادي وسياسي ، مثال على ذلك ماحدث بعد ٣٠ يونيو في مصر سميّت “حرب على الإسلام” وحاليًا في اليمن اعتبروها “حرب على السُنّة” وسقوط صنعاء بيد الرافضة وإيران والشعارات الدينية ذات الأبعاد السياسية بهدف اللعب على عواطف الشعوب وهي بالأصل نتاج فشل سياسي لا أكثر ولا أقل والعقل العربي العام مُغرم بقصص المؤامرات والمخططات وهي تراكمات يحملها منذ أكثر ٦٠ عام تروج لها الأنظمة والنخب التابعة لها للاستبداد وحماية كراسي الحكم ولانستوعب الأحداث التي تدور حولنا الا بعد فوات الآوان.

وماجرى ويجري حاليًا باليمن ماهو الا بسبب المبادرة الخليجية التي لم تكف يد الرئيس السابق صالح وهو أطلقها بالوقت المناسب إقليميًا في ظل أوضاع مابعد الربيع العربي وصنع تحالفاته مع عدوه السابق الحوثي الذي كان يبتز دول الجوار والسعودية تحديدًا في حربه ضدهم والان يبتزهم مره أخرى بالتحالف معه لاعادة رسم خارطة اليمن السياسية لتنصيب ابنه أحمد علي صالح قائد سابق بالحرس الجمهوري “المنحل” وسفير اليمن الحالي في الإمارات ، فالحوثي لايمتلك أرضية شعبية ولاخبرة سياسية ولكن يملك السلاح والدعم المالي من إيران وهذا كان أساس تحالف صالح والحوثي “تكامل وتكافل” كان التحالف خفي في بدايته رغم انه كان مرصود للمتابع للشأن اليمني منذ عام اما الان بعد فرض العقوبات على الرئيس صالح و٢ من القيادات الحوثية وتشكيل الحكومة والترحيب الخليجي والعربي والدولي بالحكومة الجديدة سيجعل تحالفهم يصبح ذا طابع علني.

رغم كل محاولات الرئيس السابق لعرقلة تشكيل الحكومة وتهديد السعودية بتصريحات حزب المؤتمر الشعبي من جهه وبعث رسالة للأمير سعود الفيصل انه باقي على العهد والوفاء من جهه أخرى “حسب مصادر صحفية” ، وهذا قبل ان ترفع يدها السعودية من الحصانة الممنوحة له حسب المبادرة الخليجية وبالتالي فرضت عقوبات عليه من مجلس الأمن ومن الولايات المتحدة الأمريكية لقطع رأس الأفعى التي أستغلها الحوثي سياسيًا لإدخال اليمن في نفق مجهول والإنقلاب على الشرعية وهذا ما أتضح مؤخرًا بمواقفهم المعادية للرئيس هادي والحكومة الجديدة ، وكان واضح ان السعودية توجست من صالح منذ إستقبالها لخصمه اللدود اللواء علي محسن الأحمر ، لكن بالمحصلة كان هناك تباين لدى صناع القرار في الرياض من الملف اليمني وكيفية التعامل معه رغم التحسن التدريجي مؤخرًا وذلك بسبب التغيير الذي مرت به اليمن في عام ٢٠١١ والجمود الذي حصل بعد المبادرة الخليجية ودخول أطراف خليجية وإيران بالأحداث الأخيرة الأولى لمصالح ضيّقة والثانية لمقايضة وتشتيت الرياض ولو مؤقتًا من الملف العراقي والسوري ، ولتفادي مثل هذا التباين الداخلي والتدخلات الخارجية بحديقتنا الخلفية يجب ان يُفعّل مجلس الأمن الوطني وتعيين مبعوث سعودي خاص باليمن على سبيل المثال الأمير سلمان بن سلطان مساعدالأمين العام لمجلس الأمن الوطني ويضع مشروع واضح على المدى القريب والبعيد ذا إستراتيجية سياسية وإقتصادية وأمنية والتعامل مع جميع أطياف المجتمع اليمني في إطار هذه الإستراتيجية ويكون مغاير لتعاملنا مع اليمن ماقبل وبعد الربيع العربي للنهوض بهذا البلد الشقيق والجار وانعكاس ذلك سيكون إيجابي علينا وبأذن الله نرى اليمن الجديد هو الذي طالما تغنى به شعبه وسماه “اليمن السعيد”.

التعليقات