كتاب 11

08:17 صباحًا EET

أخشى ما أخشاه !

 أعلنت وزارة الداخلية، عن نية بيع لوحات لأرقام مميزة، تخص عربات الركوب الملاكي، لمن يرغب من الجمهور مقابل مبالغ مالية غير تقليدية، على أن يصب العائد منها في صندوق تحيا مصر.

وفكرة الدعم من خلال هذا الصندوق مقبولة من حيث المبدأ، لا غبار عليها، خصوصا في وقت نعلم جميعا أن خزانة الدولة في حاجة ملحة إلى كل فكر وجهد لدعمها. لكن هناك سؤال ألح على رأسي، ولم أجد له إجابة: هل تميز هذه اللوحات سيكون منحصرا في خصوصية الرقم والحرف أي في الشكل فقط ؟ رغم أن المقابل المادي المدفوع للحصول عليها، ليس بالقليل أبدا، بل هي مبالغ مالية ضخمة، قابلة للزيادة من خلال المزايدات المقترحة ! أم أن هناك مميزات أخرى خفية، سيحصلون عليها لكن دون إعلان عنها ! وهل سيكون تجديد رخصة تلك الأرقام – مثلا- بنفس القيمة التي يدفعها المواطن غير المميز ؟ فتصبح هذه الشريحة المميزة المتميزة، قد أشتروا تميزهم الدائم عن الآخرين بمقابل مبلغ، أعتبره زهيدا دفع لمرة واحدة، وانتهى الأمر ! ثم ألم يخطر على بال أحد من مستوردي النظام، رد الفعل المجتمعي على هذا التمايز! الذي سيخلق فارقا طبقيا جديدا، في مجتمع أصابته قروح التفكك والتفسخ، وملأت جسده التهابات وتشوهات الانقسام إلى شيع وأحزاب !

نعلم جميعا أن ذلك النظام معمول به في بعض الدول، لكن هل كل ما يناسب تلك المجتمعات – مؤكد أن لها ظروف خاصة مختلفة – يتناسب ومجتمعنا ؟ إن تلك المجتمعات الخليجية أو الغربية، لا تعيش أزمة اقتصادية حادة كالتي نعيشها، فأفراد تلك المجتمعات لا يعانوا من شظف العيش، وضيق ذات اليد التي يقع تحت وطأها النسبة العظمى من أفراد مجتمعنا!. ثم من يضمن ألا تكون تلك اللوحات الخاصة المميزة، سببا في استفزاز، وتحريض البعض من أهل هذا المجتمع من فقراء ومحتاجين لا يجدون قوت يومهم، ضد فئة تمتلك الكثير بل ما يزيد عن حاجتهم ! فئة قد تكون من هؤلاء المتهربين من دفع ضرائب ملزمة، لا يدفعها إلا الفقراء ! أو من هؤلاء الذين لا يقدمون للمجتمع إلا كل ما هو فاسد وغث ! أو من تجار السموم بأشكالها، وقد باتوا كثرة في مجتمع مات فيه الضمير، وغابت عنه الفضيلة ! فأمثال هؤلاء يأكلون أموال الناس بالباطل ! إن المواطن الصالح الذي في قلبه حب صادق، ويبتغي المساعدة لوجه الله والوطن، لا يحتاج ( لوحة خاصة) إعلان يلصقه على ظهره يقول فيه للناس: أنا محب.. أنا محسن.. قادر وغني، أنا كريم دفعت كثيرا من مال ( لا يعلم إلا الله مصدره) لدولتكم الفقيرة المحتاجة، ومن ورائها أنتم بعوزكم وحاجتكم ! إن من يمن بعطائه، كمن يعمل حسنة ويتبعها بأذى! ونحن لسنا في حاجة له ولا لأمواله، التي سيرفعها علما يجري به في طول البلاد وعرضها ليقول للخلق: أنا متميز، أنا مختلف، أنا الأفضل والأعلى ! يا سادة أرحموا الناس يرحمكم الله !.

التعليقات