كتاب 11

11:26 صباحًا EET

صباح الخير.. يا ألمانيا

إلى ألمانيا هذه المرة، أخرج من طائرة مصر للطيران فى مطار دوسلدورف وأنا أضرب الأخماس فى الأسداس.

فلا أعرف كيف أتصرف إذا لم يأت السائق الذى يصحبنى إلى مدينة (جليزنكيرشين) التى تبعد عن دوسلدورف بمسافة (٦٠ كيلومتراً)، أجد اسمى وصورتى مرفوعين فى ورقتين بيديه، يحمل حقيبتى إلى السيارة، وفى الطريق أعرف منه أنه طبيب كبير للأمراض النفسية، وعلى العشاء فى بيت مضيفتنا الألمانية (ميشا) لا يكف زوجها عن خدمة ضيوف زوجته، وكنا حوالى عشر نساء توافدن من أماكن شتى لمشاركة الألمانيات تضامنهن مع المرأة الكردية فى مدينة كوبانى، الزوج يعد المائدة، ويصفُّ الأطباق والأكواب، ويقدم الحساء الساخن والخبز والجبن، وبعد العشاء يصفُّ الأطباق والأكواب داخل آلة التنظيف، ثم يقوم بتجفيف كلٍّ على حدة، وأعرف أنه مهندس كبير. أما سميرة السورية فقد استقرت منذ سنوات عديدة وأنجبت (٦) أطفال جميعهم فى مراحل التعليم، وتدير مع زوجها محمد محلاً صغيراً للموبايل، وتحمد الله أنها خرجت من سوريا مبكراً، ولكن محمد يحلم بيوم العودة إلى وطنه سوريا. وفى فرانكفورت تستضيفنى (كيتى) فى شقة صغيرة منحتها لها الحكومة لأنها لا تستطيع أن تدفع إيجاراً، تصر على أن أنام أنا فى الغرفة الوحيدة، وهى فى الصالة. وفى بيت (بيرناديت) يسترعى ابنها انتباهى، فهو لديه إعاقة ذهنية تجعل عمره أقل من عمره الحقيقى بحوالى (١٥) عاماً، تتولى هى رعايته وفق برنامج مشترك مع المدرسة الحكومية، ورغم إعاقته يملأ البيت بهجة وضحكاً وحضوراً، تصطحبنى (بيرناديت) فى جولة على نهر (الماين)، النهر ملك للناس، يرونه ويسيرون بمحاذاته، وفى الصيف تتحول ضفتاه إلى مراسٍ للفنانين والموسيقيين والعشاق، لا فنادق ولا نواد ولا سفن راسية تخصخص مياهه لصالح الكبار. وإلى برلين، حيث التقى (مونيكا)، الدينامو المحرك لفعاليات التضامن مع المرأة فى كوبانى.

تحرك (مونيكا) مجموعات النساء والرجال، لكلٍّ دورٌ محدد، من ترتيب كلمات المتحدثين، وإعداد شاشات عرض لفيديوهات وصور، وترجمة، وإعداد أنواع من الطعام فى المنازل، وفقرات غناء وموسيقى كردية، وأخيراً جمع تبرعات رمزية تقدم لنساء كوبانى، وغناء تضامنى جماعى عن مؤازرة المظلومين والمقاومين فى العالم، الذين يحاربون من أجل قضايانا ويقدمون للحياة ما يشير إلى أنهم بشر.

التعليقات