كتاب 11

07:20 صباحًا EET

إنقذوا الإعلام المصرى

فقدت مصر ريادتها الإعلامية وأصبحت تشكو وتعانى من عدم المهنية بعد أن كانت مقالة في الأهرام أو برنامج في صوت العرب يكفى لهز أركان أي دولة في المنطقة. فكان لصوت العرب دورا كبيرا في إسقاط حلف بغداد ومشروع ايزنهاور ومن ثم كانت الإذاعة المصرية من الأهداف المرصودة في الاعتداء الثلاثي عام 56 . كان الإعلام المصري في فترة أجمل وأكمل ما في مصر ولكننا الآن أصبحنا نقدم أقبح وأبشع ما في مصر بكثير من المبالغة وحرص غريب على تشويه ايجابيات الماضي فأصبح المصري في الدراما التي نقدمها إما بلطجي فج أو مهرج أهطل أو مرتشى فاسد.

لعله قد آن الأوان لتحرير الإعلام من سطوة الإعلان وأن نعيد التوازن إلى إعلامنا بمكوناته العلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية والترفيهية، ونعيد الوقار والرزانة إلى لغة خطابنا الإعلامي قبل أن يؤثر الإنحدار الإعلامي على مكانة الإعلام المصري بل على مكانة مصر ذاتها إقليميا ودوليا ، والعودة به للريادة .

أكد الدكتور حسن على محمد استاذ الاعلام بجامعة المنيا فى تقرير له حول حالة الفضائيات الخاصة وبرامج التوك شو وهو التقرير الذى كشف عورات الإعلام المصرى بجناحيه الخاص والحكومى وكيف أنه يتدهور من حيث المهنية والأداء.. فى المحتوى والمستوى.. فى المصداقية والثقة نتيجة للصراع السياسى الضروس الذى نتج عن إستقطاب وليد الانتخابات.. واستمر بفعل نخب عالية الصوت منخفضة القوة والقاعدة الشعبية التى راحت ثم يقول ” تغوص وتعوض ضعفها بتغذية حالة الهجاء السياسى”..

ويعترف الدكتور ـ فى ورقته العلمية الهامة ـ بالعناد الواضح لدى نخب التيار الاسلامى وهو وزر يتحملون عقباه حين إختاروا المنازلة عبر الشاشات دون فعل مؤثر يشعر به الناس.. وهذا الإستقطاب أشعل ناره النخب المصرية السياسية الممثلة فى الأحزاب والتيارات والجماعات والنخب الدينية مسيحية واسلامية.. ثم النخب الاقتصادية الممثلة لرجال الأعمال.. وكل هؤلاء ضيعوا فرصًا كبرى فى قيادة مرحلة التحول والانتقال بمصر إلى بر الأمان فى سلاسة ويسر.

ويكشف أيضا على أن المواطن المصرى أصبح يمقت نوعية برامج التوك شو.. وفقد ثقته ببعض مؤسسات الإعلام الخاص وبخاصة بعض الصحف المملوكة لرجال الأعمال.. وبعض الصحفيين الذين يعيشون حالة من الإسترزاق.. فالآفة التى عطلت نمو الاعلام المصرى المرئى هى نقل ثقافة الصحافة المكتوبة إلى الصحافة المرئية التى لها معايير وقواعد تختلف تمامًا عن غيرها.. ثم كشف أن من أهم أسباب الأزمة غياب مبدأ التوثيق لأن جزءًا من الأخبار التى تقدم لم يبذل أصحابها مجهودًا فى التأكد منها.. وهكذا أصبحنا نعيش حالة من الخبر.. ونفى الخبر.. والحقيقة وعدم الحقيقة..وضاعت الأشكال الصحفية فدخل الخبر فى المقال.. والعكس .،

والنتيجة الملموسة للجميع نجد أن النخبة الاعلامية ضلت طريقها إلى حد التنازل عن كثير من اخلاقيات العمل الإعلامى والأعراف المهنية.. من أجل مشاحنات ومناورات سياسية وهجوم وإحتكار الصحفين على الفضائيات وعدم خبرتهم بالعمل الإعلامى المرئى وإختفاء الإعلاميين المهنيين أبناء التليفزيون المصرى الذى يملك من الكفاءات والخبرة بالعمل الإعلامى
بالفعل لمسنا جميعاً أن الإعلام المصرى يعانى من فقر ثقافى ومعرفى.. إلى جانب الخلل فى إختيار مقدمى البرامج والمذيعين وهذا أنعكس على الاخطاء اللغوية والتمسك بكل الطرق فى الألفاظ الخارجة وإفتقد الجميع آدبيات الحوار بالإضافة إلى التحريض السافر وتهييج للرأى العام، والتراشق بالإلفاظ بين مقدمى البرامج على مرأى ومسامع المشاهد وبث اليأس فى نفوس الناس .

علينا أن نعيد ترتيب الأوراق قبل فوات الآوان …..

التعليقات