كتاب 11

01:32 مساءً EET

تغير

تغير الشيء عن حاله أي تحوله، غير الشيء بمعنى حوله وبدله كأنه جعله غير ما كان، هذا هو معنى التغير كما ورد ذكره في معاجم اللغة.

فالتغير يعد أحد النواميس الكونية، وهو أمر مسلم به كآلية تحدث بشكل ديناميكي تلقائي، يدركها ويعلمها الجميع في حياتنا الدنيا ! وهو واقع يجري على كل الموجودات و الكائنات من حي إلى جماد، بل أن تأثيره يمتد أيضا حتى على الأمور المعنوية من أحاسيس ومشاعر.

ويؤكد موروثنا الشعبي هذا المعنى، هذا الأمر حين يقول ( دوام الحال، محال ) وعدم ديمومة الحال يعني التغير. وإن ألقينا نظرة فاحصة على مجتمعات تعيش في الجوار لهؤلاء المحيطين بنا، لوجدنا أن التغير قد طالهم أو أعمل فيهم أسلحته الباترة دونما رحمة أو شفقة، فكان ما يحدث لهم من تغير سواء كان عن إرادة و اختيار، أو نتيجة ظروف أخرى انبثقت من الداخل، أو ربما فرضت عليهم من الخارج ! إذن وبناء على ما تقدم نخلص إلى نتيجة واحدة تقول: بما إن التغير أمر بديهي ينسجم مع قوانين الحياة، فلماذا هو مرفوض هنا ؟ ففي بلدنا هذا ومجتمعنا هذا أناس يصرون على رفض التغير، ويتمسكون بالماضي ! لاعتقادهم أن التغير يؤدي إلى ارتباك وخلل لما اعتادوه، كما أن بعضهم يظن أن التغير هو الفوضى التي قد تصل إلى حد وقوع أزمات وكوارث ! لهذا نجد هؤلاء ومن على شاكلتهم، يرفضون تماما التغير، ويفضلون الإبقاء على حالهم، حتى لو كان حالهم هو الأسوأ على جميع الأصعدة، مرددين مقولة عجيبة تقول ( اللي نعرفه، أحسن من اللي ما نعرفهوش ! )، وحدسي يقول أن مثل تلك المقولة الخبيثة، هي ميراث لئيم جاءنا منذ كانت مصر ترزح تحت نير الحكم الأجنبي سواء كان عثمانيا تحت مسمى واهم خادع – الخلافة- أو فرنسيا باسم الحملة الفرنسية، أو ذلك الحكم المملوكي، وما تبعه من تسلط إنجليزي، فكل هؤلاء كانوا يعملون على ترسيخ فكرة ( ليس في الإمكان، أفضل مما كان) وهي فكرة تنادي بترسيخ للوضع القائم، دون أدنى تفكير في مجرد محاولة التغير، لماذا لأن التغير كما ادعوا لن يعود إلا بالخراب ! في حين أن عدم التغير والثبات في الثلاثة عقود الماضية التي عشناه جميعا خلال فترة الحكم الأسبق، قد أصابت البلاد بالتدهور والسقوط والتدمير لكل مؤسسات الدولة ! ولم يكن هناك رابح من عدم التغير إلا الحاكم ومن حوله من حاشية المنتفعين آنذاك، لذلك كانوا هم الداعمون لفكرة بقاء الحال، لأن بقاءه أو سلساله هو أفضل ما يمكن أن يحدث للبلاد والعباد، ولقد اقتنعت شريحة كبيرة من المجتمع، ولجأت للخنوع والاستسلام..!

وهنا يجب أن ينتبه الجميع، أن تلك الشلة حاولت وما زالت تحاول إثبات صحة أن التغير فكرة غير صائبة، وإنه جاء بنتائج سيئة جدا على البلاد ! وأن الأصلح والأنجع هو العودة إلى حضن النظام السابق ! وقد عمد هؤلاء للمناوءة وإثارة الشائعات وخلق الاضطرابات ليثبتوا للناس صحة ما يزعمون، وأنهم قد أخطأوا عندما قبلوا بالتغير، وأن عليهم الآن العودة لحضن سيطرتهم، أو سيطرة المستعمر الأجنبي الذي كان، وإن اختلف شكله واسمه ! ويوجد الآن على الساحة من يرجون لمثل تلك الأفكار، سواء بالدعوة لعودة الخلافة متمثلة في تبعية فكر الأخوان والسلفيين، أو هؤلاء الذي يرجون لعودة حزب أدعى دائما الوطنية، وهو عنها ببعيد.

كل هذا ليس إلا توطئةلسيطرة هؤلاء على البرلمان القادم، فهو مدخلهم لإعادة السيطرة، وتنفيذ مخطط عودة الخلافة ( التي يزعمون) أو عودة الوطني، من خلال رموز معروفة للجميع، أو ربما استعمال وجوه جديدة، هم عملاء مأجورين لهم. إن مثل هذا الجمع قل عدده أو عظم سيلقي بثقله من أجل إيقاف التغير الجاري الآن جراء فعلي 25 يناير، و30 يونيو.. لذا فقد وجب التنويه والإعلان، وعلى الجميع الانتباه من هؤلاء الرافضين للتغير، ويريدون الوقوف في وجه قوانين الكون وسنة الحياة.

التعليقات