كتاب 11

01:11 مساءً EET

“حسن” سير وسلوك

حين تطالع الصحف الإلكترونية والورقية، تكتشف أن “شريط الأخبار التربوي” لا ينقطع عن “البث” يومياً، ويكاد يتوازى مع مختلف الأحداث التي تجري داخل الدولة . هذه الأخبار التي تتواصل كل يوم عن المدارس والتربية والتعليم وأحوال الطلبة والمعلمين والحافلات . . دليل عافية وتطور وشفافية بين الوزارة والمؤسسات التعليمية من جهة، وبين الناس من جهة أخرى.

حتى حين تقرأ خبراً لا يعجبك، ترى فيه جانباً إيجابياً لأنه مؤشر إلى أن الخبر لم يمنعه أحد من الوصول إليك، ولم يعترض عليه مسؤول كي يبقيه طي الكتمان . مثل أن تطالع خبراً عن مطالبة مديري مدارس في دبي بإعادة درجة السلوك إلى المدارس، وإن كان هدفهم منها منع أو ضبط كثرة غياب الطلبة عن الدوام الدراسي، إلا أن الفكرة تضيء على نقطة أهم وأبعد.

“السلوك المدرسي” لماذا لم يعد هاجساً لدى طلبة اليوم في أغلبية المدارس؟ لماذا لم يعد يعنيهم أن يشتكي أستاذ من كثرة حركة أحدهم، أو ردوده الفظة على المعلم، أو تعامله بعنف أو سخرية مع زملائه، أو إهماله لواجباته وللنظافة وعدم التزامه بالزي المدرسي؟ هل هو موضة بطلت ولم يعد من حق المعلمين المطالبة بها؟

قبل سنوات ليست بالبعيدة، كان سلوك الطالب أول مؤشر يحرص عليه من أجل الحفاظ على صورته أمام زملائه، ومن أجل إرضاء مدرسيه والتباهي أمام أهله بأنه الأول على صفه في “الالتزام والأدب والأخلاق والتعاون مع زملائه” . . وكان للسلوك درجات تظهر في الشهادة الفصلية وتحسب مع المجموع العام، وللمتفوقين شهادات خاصة ومميزة يتباهون بتعليقها على جدار البيت.

مع غياب الدرجات عن الشهادة، أصبح الطالب يشعر بكثير من التحرر مما يسميه “القيود”، ويتباهى بخروجه على القانون وردوده السخيفة أو قليلة الحياء على معلميه . صحيح أن إدارة المدرسة توجه رسائل إنذار إلى الأهل، وتستدعيهم للتفاهم معهم ومحاولة ردع ابنهم أو ابنتهم من هذه السلوكيات، لكن في نهاية المطاف، يعلم الطالب أنه عند مغادرته المدرسة سيجد “مديراً حنوناً” يعطيه شهادة حسن سير وسلوك من أجل أن يتخلص منه ويلتحق بمدرسة أخرى . وهنا تكون الكارثة بانتقال مصادر المشاكل و”قلة الأدب” بين المدارس دون حل المشكلة، ودون تغيير أو تعديل سلوكيات الطالب.

محاسبة التلاميذ على الأخلاق والتصرفات الاجتماعية داخل الفصول وضمن الحرم المدرسي مهمة جداً، وكفيلة بإعادة ضبط الأجيال الجديدة وزرع القيم ومعنى الأدب والاحترام فيهم منذ الصغر، باعتباره مادة موجودة حسياً ويحاسبون عليها عقاباً أو ثواباً، ومن شأنها أن ترفع من معدلاتهم خلال العام الدراسي، ثم ترفع من قيمهم ومستوياتهم الأخلاقية في الحياة.

التعليقات