مصر الكبرى

12:02 مساءً EET

خيرت الشاطر: حريري مصر؟

لم تكن قيادة حركة الاخوان المسلمين مقتنعة الاقتناع كله باسناد منصب رئيس الوزراء الى السيد هشام قنديل، ولكنها اضطرت الى تكليفه فيما يبدو قبل بضعة اشهر لتجنب حملة الانتقادات التي تعرضت لها وعنوانها محاولة الاستئثار بكل المناصب العليا في الدولة ابتداء من رئاسة السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) ومرورا بالسلطة التشريعية (البرلمان) وانتهاء برئاسة الجمهورية.

الخيار الاول للحركة كان السيد خيرت الشاطر نائب المرشد العام ورجل الاعمال الناجح، لتولي رئاسة الوزراء بعد ان حالت اللجنة العليا للانتخابات وقوانينها من ترشحه لرئاسة الجمهورية الى جانب شخصيات في ايار (مايو) الماضي.حادث حافلة الفيوم الذي راح ضحيته خمسون تلميذا قضوا اثناء اصطدام حافلتهم بقطار، والغضب الشعبي الذي ساد الصعيد على وجه الخصوص بسبب وقوعه، هيآ الفرصة للسيد الشاطر لتولي منصب رئيس الوزراء، وابعاد السيد قنديل الذي منعته الجماهير الغاضبة من زيارة مكان الحادث، وبعد ذلك من زيارة الجرحى حيث تعرض لمواجهات شرسة.من غير المستبعد ان تكون حركة الاخوان غير راضية على اداء السيد قنديل وحكومته، ولذلك قررت استخدام حادثة تصادم الخرطوم كذريعة من اجل استبعاده من منصبه، وتعيين السيد الشاطر، مضافا الى ذلك انه لم يكن عضوا فيها في اي يوم من الايام ولا يدين لها بالولاء المطلق.صحيح ان مدة حكومة السيد قنديل في السلطة لا تزيد عن بضعة اشهر، ولذلك قد يرى البعض انه من السابق لاوانه توجيه اتهامات بالفشل اليه والى وزرائه، ولكن الصحيح ايضا ان انجاز هذه الحكومة ووزرائها لم يكن مبشرا بالقدرة على مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها مصر في مرحلة ما بعد الثورة حيث التوقعات الشعبية كبيرة جدا، والآمال بالخروج من الوضع الاقتصادي الصعب بلا حدود.فالبطالة في اوساط الشباب خاصة في ارتفاع مضطرد، ومعدلات النمو الاقتصادي ما زالت متدنية، والاوضاع الامنية وان كانت تحسنت بعض الشيء، الا ان هذا التحسن ما زال بعيدا عما كان عليه الحال قبل الثورة، والشيء نفسه يقال عن الخدمات العامة من صحة وتعليم ومواصلات وخلافه.السيد الشاطر الذي قال موقع الاخوان انه سيكلف برئاسة الوزارة على الارجح ثم عاد وسحب الخبر لا يملك عصا سحرية، كما انه شخص غير مجرب في ميدان العمل العام، ولكنه رجل اعمال ناجح ويملك خبرة ادارية كبيرة، ويعرف كيف يحرك رأس المال في ميادين الاعمال حسب ما يدل تاريخه الشخصي والاقتصادي.من الصعب اصدار احكام مسبقة على الرجل ومدى كفاءته في المنصب الجديد في حال تعيينه فيه، ولكنه يمكن ان يكون ‘حريري مصر’ اذا توفرت له الفرصة، وسارت الامور وفق ما يريد، واستمرت حالة الاستقرار الاقليمي الحالية.حركة الاخوان وحكومتها تواجهان انتقادات عنيفة، حيث يتوحد ليبراليون وعلمانيون مع بعض انصار النظام السابق ضدها، ويشككون في قدراتها ورجالاتها على ادارة شؤون مصر، ولذلك لا مناص امامها لمواجهة هذا التحالف المضاد الا من خلال الانجاز الاقتصادي الذي يصل الى القطاعات العريضة من الشعب وبشكل ملموس.خيرت الشاطر قد يكون الورقة الاخيرة في يد الحركة لتحقيق هذا الانجاز.

التعليقات