أفضل المقالات في الصحف العربية

08:26 صباحًا EET

«شارلي إيبدو» وردّ الفعل المطلوب

أساءت مجلة «شارلي إيبدو» الأسبوعية الفرنسية إلى أكرم الخلق وأشرف المرسلين سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- برسومات ساخرة، ثم عادت وتبجّحت هي وغيرها وأصرّت على الإساءة مرة أخرى بقصد وإرادة، تحت الشعار الكاذب «حرية التعبير».

فأي حرية تعبير هذه التي تتحدّث عنها «شارلي إيبدو»؟! في الوقت الذي قامت هي نفسها عام 2008 بطرد أحد رسامي الكاريكاتير العاملين فيها واسمه موريس سيني بتهمة معاداة اليهودية عندما سخر من «جون ساركوزي» ابن الرئيس الفرنسي السابق «نيكولا ساركوزي».

 

قائلاً إن «ابن ساركوزي يرغب في اعتناق اليهودية قبل زواجه من خطيبته اليهودية، وريثة أحد مؤسسي إحدى الشركات المتخصصة في الأجهزة المنزلية والمعلوماتية»، مستطرداً بأن هذا الزواج «سيمكّن صغير ساركوزي من بناء مسارٍ في الحياة»، ما اعتبرته إدارة المجلة معاداة لليهودية والسامية؟!! فأين حرية التعبير هذه التي تتحدّث عنها «شارلي»؟!

 

إن من يقومون بمثل هذه الإساءات العنصرية القبيحة، التي تتحدّى مشاعرنا نحن المسلمين وتستفزها، يعلمون تماماً أن بعض المضللين والمغرّر بهم منا سيُستدرجون إلى مربع العنف وسيقومون بردّ فعل لا تحمد عقباه، وهذا بالضبط ما يسعون إليه من وراء أعمالهم هذه، إنهم في حقيقتهم صانعو إرهاب ومحرّضون عليه ومولّدو كراهية في الجانبين.

 

يجب أن نعي أن سوء تصرّفات بعضنا في الرّد على الاستهزاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسوء تقديرهم لنتائج ردّات فعلهم الغاضبة على هذا الأمر، أصبحا ورقة رابحة في يد من يسعون إلى النيل من الإسلام والمسلمين، وإبقاء تهمة الإرهاب ملتصقة بنا في أذهان الرأي العام الغربي، وتأليبه ضدنا، وتثبيت هذه الأكذوبة لديهم، دون تفريق بين مسلم وآخر، وعلينا أن نقدّر الأمور بشكل صحيح بعيداً عن الانفعالات غير مقدّرة العواقب، ونتعلّم من دروس الماضي.

ألم يسبق أن نشرت الصحف الدنماركية وغيرها رسوماً شبيهة، وكانت النتيجة مشابهة؟! إنهم يستفزوننا ويستغفلون بعضنا ويثيرونهم ويحضّونهم على العنف، ويدركون تماماً حساسية هذا الموضوع بالنسبة إلينا وبأن هناك ردّات فعل معيّنة ستخدم أهداف تأجيج الكره ضدنا وهذا ما تحقق في النهاية، لقد وقعنا في الفخ مجدداً!!

إن الغضب نصرة لله ورسوله أمر محمود، ولكن يجب أن يكون غضباً منضبطاً دون عنف وتصرّفات تشوّه صورة الإسلام ونبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- بل يجب استثمار مثل هذه الإساءات -التي لم تتوقف قبلاً بالتدمير والقتل والعنف .

ولن تتوقف بها ما دمنا نتعاطى مع الموضوع كما يريدون هم- من خلال قلب السحر على الساحر، واستغلال المناخ الإعلامي المواتي للتعريف برسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- والتعاطي مع ما تمّ نشره بالعقل وإظهار الحق، والإجابة عن التساؤلات التي تطرح بالمنطق والحجّة.

وإذا كانت رسومهم مشينة ومسيئة، وهي كذلك، فيجب ألا يكون ردّ فعلنا مشيناً ومسيئاً مثلهم، كما علّمنا نبينا -صلوات الله وسلامه عليه- إذ علينا أن نواجه هذه الحملة المسيئة لرسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- بطرق مختلفة تجبرهم على التراجع عن شن مثل هذه الحملات مستقبلاً.

ومنها على سبيل المثال تبني حملة مليون وردة توزّع في فرنسا وفي أوروبا كلها تحت شعار «هل تعرف من أنا؟ أنا محمد»، ومع كل وردة عبارة تدعو إلى التعرّف إلى نبي الرحمة سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- .

مثل: «أنا أمثّل محمداً، وهذه وردة منه، هل تعرف من محمد؟ تعرّف إليه قبل أن تصدر أحكامك».. «أنا أمثّل محمداً، وهذه وردة منه، هل تعرف لمَ أنا منزعج من الإساءة إليه؟ ابحث عن السبب».. «أنا أمثّل محمداً، وهذه وردة منه، محمد الذي بُعِث ليتمّم مكارم الأخلاق بحرمة الدماء والأموال والأعراض».. هكذا فقط سيتوقفون .

التعليقات