كتاب 11

07:18 صباحًا EET

الأمن قبل قواعد الاشتباك

قواعد الاشتباك Roles Of Engagement هو مصطلح عسكري  يحدد اليات التعامل مع خصم ( عدوُ )  في وضع عالي الدفق ميدانيا ، و الفراغ السياسي القائم في اكثر من بقعة ليس اخرها اليمن او اقدام داعش على تلك الجريمة الشنعاء بحق مواطنيين مصريين في ليبيا الا عناوين لحالة الفراغ لا عدم الاستقرا السياسي عربيا ، و هذا هو العنصر المفقود من قراءة المشهد السياسي تحديدا ، اي الفراغ لا الفوضى الخلاقة . للفراغ السياسي ( الدولة الفاشلة ) افرازات و أدوات تمثل تهديدا مباشر لدول اخرى تقع في ُقطر إشعاعها الجغرافي ، و ما الهجوم الذي استهدف موقعا عسكريا تونسي قريب من الحدود الليبية بعد يوماً واحد من جريمة قتل العمال المصرين و قتل أربعة من جنودة الا مثال على ذلك الواقع .

في الاسبوع الماضي تزامنت قمتين  تباعا الاولى في الرياض لاعضاء الحلف الدولي ضد داعش و الاخرى في واشنطن مناهضة الارهاب ، قمة الرياض كانت عسكرية سياسية اما قمة واشنطن فلم تكن اكثر من ورقة توت جديدة  و محاولة يائسة لستر عورة العري الاخلاقي للسياسة الخارجية الامريكية بعد كم الدم و الفشل في كل الملفات الخارجية التي مرت عبر المكتب البيضاوي للرئيس اوباما شخصيا ، و ما كم الاستقالات التي اضطر لقبولها من فريق عمله المباشر الا دليلا دامغ على ذلك الفشل . الولايات المتحدة تعي الان يقينا انها لن تستطيع تعويض حليفها السياسي الأكبر عربيا المتمثل بالاخوان المسلمين ، لذلك نجد الرئيس اوباما يمارس أقصى أدوات الضغط المباشر على بريطانيا بعدم تصنيف الاخوان كمنظمة ارهابية لما يعنية ذلك القرار من استتباعات ستطال كامل البنى التحتية للإخوان المنتشرة عبر اوروبا ، و على راس تلك المنظومة مؤسساتها المالية لما تمثلة كراس حربة قادر على اختراق كل أدوات الرقابة الممكنة .

 قبل ايام نشر الرئيس السابق لأيباك (  السفير الامريكي السابق لإسرئيل  و المبعوث  الخاص السابق لوضع رؤية الحل النهائي للقضية الفلسطينية ) السيد مارتن إنديك مقالا تحت عنوان ” العودة للشرق الاوسط ” على موقع معهد بروكننجز قال فيه ” سوف يتحتم على الرئيس اوباما الاختيار بين حلفاء استراتيجيين مجربين يمكن الاعتماد عليهم باخر مراوغ كإيران ، و الذي يمثل اكبر عوامل عدم الاستقرار في الشرق الاوسط ” و يضيف حول الصيغة المُحتملة لاتفاق أمريكي ايراني حول الملف النووي  للأخيرة  ” و حتى في حالة عرض ضمان أمن حلفاء الولايات المتحدة  بمضلة نووية فأن ذلك سوف يدفع هؤلاء الحلفاء في البحث عن خيارات سوف تبعدها عن الولايات المتحدة ” اما فيما يتعلق بالاخوان فقد علق ” علاقاتنا بحلفائنا العرب اهم من اعادة التفكير في الموقف من الاخوان ” رابط التغريدة المتضمنة للمقال    http://brook.gs/1A6oJpn

الطلب الليبي من مصر بشكل رسمي  بالاستمرار في توجية المزيد من الضربات لاهداف تابعة لداعش على أراضيها مثل اهم مخرجات جلسة مجلس الامن الاخيرة حول ليبيا ، و التي قد انعقدت بعد التصاعد الملحوظ لداعش على الاراضي الليبية بعد تراجع القاعدة و انصار الشريعة في الشرق الليبي . و الطلب الليبي الشرعي مثل الارادة الوطنية الليبية في الاستعانة بجار شقيق عربي يمثل منفردا العمق الاستراتيجي العربي  بالمساعدة في فرض الامن .  و الأمن مطلب يجمع علية الجميع ، و مصر تملك من الأدوات ما يستلزم للاسهام في فرض هيبة الدولة و الارادة الليبية . مصر و ليبيا تصرفتا بما تقتضيه المصلحة الوطنية لكليهما في التعامل مع تهديداً مباشر طال أمنهما القومي المشترك ، و المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار او مواثيق دولية . و هما تملكان مشتركتين الحق الشرعي القانوني في اختيار الزمان و المكان بل و بتحديد اليات الرد على اي اعتداء او تهديدا مباشر لأي منها ان هما قررا ذلك ، و قتل مواطني الدولتين على الأرضي الليبية هو اعتداء مباشر و صريح  على الارادة الوطنية لكليهما .

مصر و ليبيا قد حددتا قواعد الاشتباك لتحقيق و فرض الامن عبر استهداف عدو صنف ” كمنظمة تمارس الارهاب  عبر العالم ” مما يجعلة هدفاً شرعي في التقصي و التعامل معه بأشكالاً تتناسب و التهديد الذي يمثله حينها ، لذلك يجب ان لا يشغلنا موقف مجلس الأمن حول آلية التعامل او تحديد الزمان و المكان بعد تأكيد ليبيا رسميا على وجود الطلب المباشر من مصر في ذلك الشأن بالتنسيق عبر مؤسساتها السيادية ذات الاختصاص . و الوضع القائم في ليبيا الان بات مصدر تهديد تجاوز ُقطر إشعاعه الجغرافي افريقيا ليطال اوروبا ، حيث بات البوابة الوحيدة لقوارب الموت الناقلة للمهاجرين غير الشرعيين للسواحل الأوروبية على امتداد سواحل جنوب المتوسط .  

ان من سفح دموع التماسيح على ليبيا و تصايح دوليا لوقف الجهد المصري الليبي في التصدي لتهديد داعش ما هم الا اصحاب مشروع تقسيم ليبيا عبر محادثات المصالحة العبثية و التي تهدف لشرعنة البرلمان المنحل الخارج على الشرعية الوطنية بقيادة إخوان ليبيا في الغرب الليبي . و ليبيا و مصر لا تحتاجان لوصاية احد في تقرير امر بعد الان و يجب ان لا يلتفتوا للخلف بعد عقد العزم  

المشهد السياسي العربي مقبل على تحولات تتجاوز العزل الى الاحتواء الإيجابي مع البعض او الاحتواء بأشكال اخرى لأطراف اخرى ان استوجب الامر ذلك ، و تحديداً بعد اعلان الرئيس الامريكي اوباما في قمة البيت الابيض حول الارهاب ” بأن حقيقة الصراع في الشرق الاوسط هو سني شيعي و ليس صراعا سياسي ” مسقطا بذلك ما آلت اليه العراق بعد الغزو الامريكي الآثم  او الحالة السورية و اللبنانية قبل اليمنية . قد تبدو بعض ملامح سياسات ذلك الاحتواء الاولية مربكة للبعض بعض الشىء ، لكن ذلك الاحتواء سوف يَصْب  في مصلحة تحقيق الأمن القومي العربي الانتقالي من المنظور المتوسط زمنيا ، و ان أول أهداف ذلك البرنامج سيستهدف اعادة التوازن للعلاقات العربية في محيطها الجيوسياسي ، فالسياسة متغيرات إما المصالح القومية فتبقى ثوابت .   

 

التعليقات