كتاب 11

11:05 صباحًا EET

«راحت عليّ نومة»

هذه أشهر عبارة اعتذارية يستخدمها من يتأخر عن موعد صباحي، وأحياناً مواعيد ما بعد الظهر إذا تمددت القيلولة!

 في المجتمعات السويّة يستخدم الإنسان الطبيعي هذه العبارة بما لا يزيد عن ١٠ مرات طوال حياته العملية كحد أقصى. وغالباً ما كان يحصل ذلك في سنين مضت، بسبب عطل ساعة المنبه التي كانت تُضبط يدوياً قبل النوم فيعتريها ما يعتري الأدوات البدائية حينذاك. وأحياناً تتحول الغفوة إلى غفلة جرّاء عطل الإحساس عند النائم بسبب التعب، رغم المنبه الذي قد يبلغ صوته مراقد الجيران.

الآن، وقد ازدادت وتنوعت وسائل التنبيه والإيقاظ من النوم بمختلف الأصوات والاهتزازات والألوان والمؤثرات، بات استخدام عبارة «معلش. راحت عليّ نومة» في ازدياد أيضاً بين أفراد الجيل الجديد.

 في جيل أبي كانت تمر السنوات من دون أن يسمعوا هذه الجملة الاعتذارية في محيطهم. في جيلي صارت تمر الأشهر من دون سماع ذلك. في الجيل الحالي تغيّرت الجرعة.

 حين كبر جيل الأبناء وبدأت ألتزم معهم بمواعيد عمل، كانت جملة «معلش. راحت عليّ نومة» تقنعني وتؤثر في تخفيف إنفعالي من المتأخر بدرجة معقولة، لكنني بعد ذلك فطنت إلى كثرة استخدام هذا الاعتذار من لدن الشباب، وكانوا يقدمون هذا الاعتذار المكرور كل مرة ووجوههم تبدو بريئة صادقة وجريئة تلتمس التفاعل العاطفي مع اعتذارها.

 في الأجيال السابقة، كان لاعتذارية «راحت عليّ نومة» ملابسات تدلل على عفوية الخطأ، كأن يكون قد تعطل المنبه أو أن يكون المعتذر قد ضُبط «رائحاً في نومة» وفي يده صحيفة كان يقرأها فأنامته، أو أن يكون جالساً أمام التلفزيون يطالع نشرة الأخبار فغفا.

 أما الآن فبفحص ظروف وملابسات الابن الذي راحت عليه نومة «عفوية»، ستجده متمدداً على فراشه مع العمد والإصرار، متلحفاً بأنعم الأغطية، مغلقاً الستائر بأثقل العوازل، لم يركّب منبه الإيقاظ على ساعة محددة بل تركها عفوية، ثم يأتيك معتذراً بأن «راحت عليه نومة».

 يا عزيزي، أنت في هذه الظروف المهيأة جداً للنومة يجب أن تعتذر إذا راحت عليك «قومة»!

 (من فصول كتابي «متى يستيقظ الناجحون؟» الصادر حديثاً عن دار مدارك)

التعليقات