كتاب 11

02:14 مساءً EET

السودان

في 9 من يوليو 2011 أعلن عن ولادة جنوب السودان في احتفال مهيب حضره الجميع كمؤشر لنهاية حقبة عدم الاستقرار و الصراع في السودان و ولادة اكبر حالة لعدم الاستقرار يشهدها العالم العربي  في تاريخة الحديث منذ نهاية الحرب العالمية الأولي و معاهدة سايس بيكو . حتى جنوب السودان الوليد لم يهنأ بعام كامل من الاستقرار منذ مولدة لانقلاب حلفاء الامس ” أمراء الحرب ” في الجنوب حيث لم يكونوا باحسن حالا من أمراء الحرب  الافغان بعد الانسحاب الروسي ، فالاستحواذ على السلطة هو المدخل للثروة ، و من يملك الثروة يملك أدوات القهر و الترغيب . و حال السودان في الشمال لم يكن احسن حالا من الجنوب ، فإقليم دارفور يشهد حراكا عسكري لم يهدأ و فيما تبقي منه فقد بلغت عدد الأحزاب المسجلة حتى الان أكثر  80 حزبا .

 

هذا الواقع ليس بغريب على المجتمعات في دول العالم الثالث حيث يتقدم حزب القبيلة او الطائفة اي حزب اخر فيما عدى حزب المؤتمر في جنوب افريقيا ، و بمراجعة سريعة لأصول نشأة الأحزاب الافريقية تحديدا ( بما فيها جمهوريات افريقيا الوسطى)  فهي احزاب قبائل . السودان الان يعيش مرحلة ما قبل الانتقال الى مرحلة التفسخ السياسي الكلي و تحوله الى امارات القبائل الذي سيقود الى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار  و مهددا  لامن  جيرانه عندما يتحول إلى  ” حارة كل من له أيده إلوه ” ، اي عراقاً أفريقي . فمنطقة القرن الأفريقي بامتداداته غربا و شمالا كانت و لا تزال مطمعا لجميع القوى العالمية و مثل احد اكبر مختبرات التفريغ السياسي حتى قبل افغانستان . فالصراع فيه راوح بين الكامن و الظاهر على مر العقود الخمسة الاخيرة بين اكثر من قوة دولية بهدف اعادة صياغة المنطقة خصوصا بعد نجاح تجربة دولة جنوب السودان . و للتاريخ و الانصاف ، ما كان لجنوب السودان ان يولد لو لا تعاقب سلطات سياسية ذات صبغة دينية تفتقد لأي شكل من اشكال البرغماتية السياسية او الوطنية في الشمال ، مما سهل انجاز ذلك المشروع .  

الرئيس البشر ادرك متاخر ، و بعد اكثر من اسلوب ” تحفيز” بان المصالح العربية اكثر كثافة من السياسة ، لذلك تم استقباله في الامارات على هامش معرض ايدكس للسلاح و التكنلوجيا في ابوظبي في فبراير الماضي ، و من بعده في مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادى و الذي اختتم أعماله يوم الأحد الماضي . فالرئيس البشير الان يمني النفس بدور وطني جديد يتناسب و طموحة السياسي الشخصي و الذي قد لا يتلاقى او يرقى  لطموح السودان بقياس نتائج سنوات حكمه . و على الجانب الاخر  لأن يتقبل الرئيس البشير اي شكل من اشكال  اعادة المراجعة للكثير من الملفات قبل صياغة برنامج قد يقبل منه في الشمال قبل الجنوب او دارفور ، و ان محاكاة ما أنجز في شرم الشيخ يعد جسراً بعيد المنال في المستقبل المنظور.

إعادة الاستقرار في السودان مهمة يجب ان يضطلع بها الاتحاد الأفريقي و شركاء دوليون على أن يكون لمصر دور قيادي في ذلك لما تملكه من مشتركات تاريخية مع السودان . و ثانيا لما تملكه من قدرات و امكانيات كالطاقات البشرية و المعرفية ، مما سوف يسهم في تنمية قطاعات استراتيجية  تشمل الامن الغذائي ، الطاقة و  نقل الطاقة .

التعليقات