كتاب 11

08:44 صباحًا EET

الحكمة في كلام معصوم

غرس الرئيس العراقي فؤاد معصوم آمالا في قلوبنا تبشر بتعزيز علاقات العراق بالبلدان العربية وارتباطه بالعالم العربي. هذا ما لمسته في كلماته الحكيمة التي أدلى بها إلى هذه الصحيفة خلال المؤتمر الأخير في شرم الشيخ. وهو في ذلك يتابع في الواقع مسار سلفه الرئيس السابق جلال طالباني.

وهذا أمر يبشر بالخير ويحيي إيماننا بخلاص العراق واستئناف مسيرته كجزء مهم من العالم العربي. لم يدهشني شيء من ذلك فطالما لمست هذه العواطف فيه خلال وجوده في لندن، ومن مسيرته في صفوف الحركة اليسارية في العراق.

إنه يؤيد تشكيل قوة عربية يلعب فيها العراق دورا رئيسيا في تعزيز أمن المنطقة وإنقاذها من شرور الإرهاب والتطرف. وأعتقد أن أبطال البيشمركة الكردية سيكون لهم دورهم الريادي في هذه القوة، كما سبق وأظهروا في محاربة «داعش» ودحرها.

لإخواننا الكرد أفضالهم على العرب. وكيف ننسى تلك الشخصية الرائعة في تاريخنا، صلاح الدين الأيوبي، الذي لم يدحر الصليبيين ويحرر القدس الشريف فقط، وإنما أعطى مثلا باهرا للعالم كله في الحاكم العادل والمتمدن والمتمسك بسنن الإنسانية. وحيثما نلتفت نجد شخصيات لامعة من الشعب الكردي لعبوا دورا بارعا في حضارتنا وحتى في أدبنا العربي. وأملي قوي في أن يصبح الدكتور محمد فؤاد معصوم واحدا منهم. ولا ننسى أنه تلقى دراسته الجامعية في الأزهر ولا بد أن تأثر بروح الاعتدال التي تمسك الأزهر بهديها. ولا أدري إن كان قد تأثر أيضا بروح الفكاهة المصرية فقد وجدته شغفا بطرح النكات والتنكيت، أيضا كخلفه طالباني، كلما استفاض في الحديث. كل تاريخ سيرته يدل على التحامه بالتراث العربي والإسلامي، من تلميذ في القاهرة إلى أستاذ في البصرة ثم ممثل للحركة الكردية في مصر. لا تسمعه يفوت فرصة دون أن يؤكد على وحدة الأمة بكل طوائفها وقومياتها ودياناتها ولغاتها.

تصريحاته التي أدلى بها لهذه الصحيفة (28 مارس «آذار») ردتني إلى عالم الأحلام وذكريات الماضي عندما كتبت وأعربت عن أملي في أن يظهر بين إخواننا الأكراد صلاح دين أيوبي جديد يقود الأمة في تخليص العراق من هذا التمزق الذي أوقعته فيه الأحداث وعلى رأسها التدخل الإيراني في شؤون البلد ومصيره.

حالما تسلم رئاسة الجمهورية، انتهز أول فرصة لزيارة الرياض وكانت بمناسبة مشاركته في تشييع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، ليلتقي بالملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله. ومن هذا اللقاء الأول واصل مسعاه في تعميق العلاقة بين العراق والمملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج ورتق ما حصل من توترات خلال حكم الجعفري والمالكي. أسهب المراسلون الصحافيون في الإشارة إلى الحرارة التي شعت وتدفقت عن كل لقاءاته بالمسؤولين السعوديين. «الانفتاح على دول الخليج يتسارع»، هكذا صرح في كلامه مع مندوب هذه الصحيفة، وهو ما نصبو إليه جميعا في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ المنطقة.

التعليقات