كتاب 11

10:07 صباحًا EET

منظومتنا … اختلافنا نقمة!!

تعيش منطقتنا العربية أصعب فتراتها على مر تاريخها السياسي المعاصر، وهي بذلك تحصد ثمار أخطائها نتيجة الصمت العربي أمام التنافس على البقاء للأقوى، وتهميش واضطهاد الأقليات، ما خلق حرباً أهلية هنا، وانبعاثاً لعصبية بغيضة هناك، وهو ما مزق العالم العربي أشلاءً .

والمضحك المبكي أن هذه الحروب لم تجد سبيلاً لتحقيق النصر، وإنما سقطت بكل مقاييس القيم الإنسانية، منتظرة صحوة المجتمع العربي من جديد. وانطلق «مشروع الربيع العربي» بصفعة البوعزيزي، تلك الصفعة التي قصمت ظهر البعير، وتسببت بتقسيم المنطقة العربية من جديد، فعادت أجواء «سايكس – بيكو» بشعارات حقوقية مسَّت وجدان المواطن العربي، ورفعت رايات المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، بعد خذلان الحكومات وكفرها بحقوق مواطنيها، ما جعل الشعوب تثور باحثة عن حلول لمشاكلها، إما من خلال انفصالها عن مجتمعها، أو «الارتماء بأحضان المتآمر»، وبهذا تحقق طموح أعداء المنطقة، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني الغاصب، فتحقق مبتغاهم بانفصال مكونات المجتمع الواحد. وهنا، أجد أنه لا بد من وقفة مصارحة مع النفس، والاعتراف بأن الحالة الخليجية لا تنفصل عن العربية، فسهام «الربيع المزعوم» رشقتها، وتعثرت المنظومة الخليجية في حفظ التوازن بين المصالح الخاصة والمشتركة، تاركة خطر الإرهاب والتطرف يمزق أشلاءها. وليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل اتسمت بعض مواقفها بالازدواجية، فأصبحت الهزيمة في قاموسها انتصاراً، والعكس صحيح. وفي زحمة الاحداث السياسية انفرد المشهد العماني عن المواقف الخليجية، فاستمر بسياسة دعم الحوار والنأي بالنفس عن سعي الخلافات بين مكونات الشعب الواحد، سعياً لتكريس الاستقرار في العالم وسعياً للسلام. وما هذه إلا منطلقات عُمان التي بنيت عليها، فتميزت السياسة العمانية بالحياد والموضوعية، وحملت في طياتها مشروعاً إصلاحياً يقوم على غرس مفاهيم قيم التسامح والتعايش ، وهذا ما نحتاجه كشعوب في ظل الظروف الراهنة. من هنا أقول، ليت المنظومة الخليجية تحذو حذو السلطنة، وتقتدي بمنهجها ما سطرته السلطنة، هو ما لمسته وشاهدته بتجربتي البسيطة، التي عايشتها في ملتقى التقارب والوئام الإنساني الأخير، ولعل ابرز ما أثار فضولي رغبة هذا الشعب الشقيق في توطيد أسباب التعايش بين مختلف فئاته، وكيفية الحفاظ على وحدة المجتمع رغم التعدد المذهبي، وأدعو هنا لقراءة ما ذكره أحد التقارير الدولية عن ترتيب مؤشر الإرهاب الدولي في عمان للعام ٢٠١٤، حيث احتلت المركز ما قبل الأخير من حيث التهديد، وصنفت كأكثر الدول أماناً واستقراراً. ان انصراف الحكومة العمانية في التركيز على بناء المواطن العماني، كان له الأثر المباشر والايجابي، وما كان لعُمان أن تحقق هذه النتيجة، إلا بسبب ابتعادها عن الصراعات السياسية، والاهتمام ببناء الثقافة الإنسانية، والعمل على الإصلاح والتطوير المستمرين، لتصبح عُمان اليوم وبجدارة: «عاصمة المواطنة الصالحة».

التعليقات