مصر الكبرى

07:31 مساءً EET

وجة النظام …

 
لكل مقام مقال ولكل زمن رجال ، والأيام دول لكن من يتعظ ؟ ظننا ان المشهد السياسي المصري سيشهد تغييرا جذريا بحجم التغيير الذي حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير ، لكن يبدو أن الآمال لم تكن بقدر الواقع ومعطياته فوجدنا الوجوه قد تغيرت لكن بقيت السياسات كما هي بل نراها تتجه للأسوأ ، فلقد رأينا المبرراتية  ومختلقي الاعذار والمهللين يتحلقون حول الرئيس ، حتي وصل بهم الحال تبرير القرار بقانون الصادر بزيادة الضرائب علي 50 سلعة بأنه قد صدر انحيازاً لمحدودي الدخل !!! ، بالله عليكم هل يعقل هذا ؟ هل تلك الزيادات التي تأجل تطبيقها ولم تلغي ألن يتأثر بها هم محدودي الدخل الذين يتمسح هؤلاء بهم وبصالحهم ، وحين تعجب الكثيرون من توقيت صدور القرار وكيف يصدر الرئيس مثل هذا القانون في مثل هذا التوقيت ؟ خرج علينا بعض من هؤلاء يتلمسون العذر للرئيس وبرروا ذلك أيضا بأن الرئيس قد كان مشغولا لدرجة أنه وقع عليه دون تفكير أو انه لم يكن يتصور أنه سيكون لها تأثير علي الناس !!! وفي هذا لا نطلب منهم وهم يبررون سوي احترام عقولنا.
تخبط وخلل في صناعة القرار داخل مؤسسة الرئاسة أصبح غير خاف علي أحد قرارات تصدر بليل غالبا ولا تمكث كثيرا ثم تلغي ، تصريحات متضاربة تجلت بالأمس بعد دعوة وزير الدفاع لمائدة حوار مجتمعي فوجدنا رئيس ديوان رئيس الجمهورية يؤكد حضور الرئيس في نفس الوقت الذي يؤكد فيه المتحدث الرسمي بأن هذه الدعوة ليست علي اجندة مواعيد الرئيس ثم يعود ويصرح بأن الدعوة قد وجهت بعد الحصول علي موافقة الرئيس وأن الرئيس سيحضر هذا اللقاء ، ثم يؤجل اللقاء فجأة ولا نعرف لما كانت الدعوة ولما تم تأجيلها بعد ان قبلت القوي الوطنية ورموز المعارضة الدعوة ؟! ، أصبح كل شئ في مصر قابلا للتأجيل وحتي للإلغاء الا الدعوة للاستفتاء علي الدستور ، فبرغم اعتراض الكثير من القوي السياسية المعارضة والحركات الثورية وشرائح كبيرة من المجتمع علي مسودة الدستور المطروحة للاستفتاء وبرغم امتناع أغلب القضاة من الاشراف علي هذا الاستفتاء
– والاعلان الدستوري يحتم اشرافهم – الا أن مؤسسة الرئاسة ما زالت علي اصرارها علي اجراء الاستفتاء في الموعد المعلن من قبل الرئيس يوم الخامس عشر من ديسمبر الجاري ، بل تم الاستقرار علي اجرائه علي مرحلتين وستكون الثانية يوم الثاني والعشرين من ديسمبر الجاري للخروج من المأزق الذي واجه اللجنة العليا للانتخابات التي لم يتوفر لها العدد الكافي من القضاة لإجراء الاستفتاء في يوم واحد .
ولأجل استكمال المشهد دعا الرئيس لحوار وطني للخروج من المأزق الراهن ولم تستجب القوي الوطنية المعارضة الفاعلة لهذه الدعوة ، ورغم أن المنطق في هذه الحالة يحتم تأجيل الحوار لحين جمع الفرقاء علي مائدة حوار واحدة الا أن مؤسسة الرئاسة اتمت الحوار بحضور حزب الحرية والعدالة – حزب الرئيس – وبعض الاحزاب المؤيدة والمتحالفة معه والعديد من الشخصيات معظمهم كانوا أعضاء باللجنة التأسيسية – فبدا أن الرئيس يحاور الرئيس – التي أنهت التصويت علي مسودة الدستور فجراً بعد تسعة عشرة ساعة متواصلة وكأنهم يسابقون الزمن للانتهاء من هذه المسودة وفاءاً لوعد قطعوه ، لمن لا ندري ؟ لتقديم المسودة لاستكمال السيناريو المرسوم للاستفتاء علي الدستور في اقرب وقت – رغم أن الرئيس مدد عمل اللجنة لشهرين – ولكون جل حضور الحوار الوطني كانوا أعضاء في التأسيسية كما سبق واسلفنا بدأ لنا أن تجربتهم في انهاء العمل ليلا كانت ما زالت حاضرة بأذهانهم فوجدنا الحضور قد عكفوا علي مائدة الحوار حتي خرجوا علينا في منتصف الليل – وكأن القرارات المصيرية أصبحت ليلية الاصدار –
بإعلان دستوري وصفوهم بالجديد يلغي الاعلان الدستوري الصادر في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي – الذي وحد المعارضة وأنزل المعارضين للميادين مرة اخري – ويبقي علي كل ما ترتب عليه اثار ولم ينسي الحضور تزيين اعلانهم الدستوري الجديد بالعبارة التاريخية "
بان هذا الاعلان محصن لا يجوز الطعن عليه " رغم ان الاعلانات الدستورية بطبيعتها غير قابله للطعن عليها باعتبارها من أعمال السيادة التي
ليس للقضاء ولاية عليها ، وانتهي الحوار لإتمام الاستفتاء في موعده دون النظر لكل اعتراضات قوي المعارضة والقضاة وجموع الشعب التي
خرجت اعتراضا علي هذا الاعلان مطالبة بإلغائه وتأجيل موعد الاستفتاء للوصول لصيغ توافقية للمواد المختلف عليها في مسودة الدستور .
وبدا ان دور من حضروا الحوار كان قاصراً علي القيام بعملية تجميل لوجه النظام حين عنونوا الاعلان الدستوري الجديد بانه يلغي الاعلان القديم
رغم أنه يبقي علي أثاره ، وبرروا الاصرار علي اجراء الاستفتاء في منتصف ديسمبر بأن هذا الموعد الزاميا للرئيس وليس تنظيميا بنص الاعلان الدستوري الصادر في الثلاثين من شهر مارس 2011 ، وكأنهم تناسوا – وهم يقومون بالمنوط بهم – أن الرئيس قد منح اللجنة التأسيسية شهرين اضافيين للانتهاء من عملها ، الم يكن وقتها الموعد الزاميا أيضا ؟! ، ويبدو أنهم ارادوا بهذا احراج المعارضة والحفاظ علي هيبة مؤسسة الرئاسة 
وفي ظل هذا المشهد المتخبط وبعد صدور قرارات من عينة نقل المحامي العام لنيابة شرق القاهرة الكلية المستشار مصطفى خاطر الذي أشرف علي التحقيقات مع المتهمين في أحداث قصر الاتحادية – المقبوض عليهم بمعرفة أعضاء جماعة الإخوان – وأصدرت النيابة قراراً بالإفراج عنهم لعدم كفاية الأدلة ، واستدعاء المستشار محمود حمزة رئيس محكمة جنح الأزبكية للتفتيش القضائي، بسبب الحكم الذى أصدره والذى قضى فيه ببطلان إجراءات تحريك الدعوى الجنائية لبطلان تعيين النائب العام الجديد .
هل هذه الاجواء مناسبة لحوار من أجل مصر ؟ ، برغم القتامة التي تعتري سماء مصر السياسية ، الا أنني أري الوقت ما زال يسمح بمثل هذا الحوار شريطة اخلاص النوايا والبعد عن لغة التخوين والتكفير وحشد المؤيدين والمليشيات ، فالصراع صراع سياسي بامتياز بعيد كل البعد عن الدين ، ولو خلصت النوايا لكتب الله لهم التوفيق ولمصر السلامة .
 

التعليقات