مصر الكبرى

07:46 صباحًا EET

تفكير خارج الإطار

خرجت من المنزل وكانت تستعد للذهاب الي العمل كالعادة فكرت للحظة وقررت ان تغير خط سيرها فجأة، لم تكن تتحمل الذهاب الي العمل في هذا اليوم او التحدث الي احد، لم تعد تتحمل التظاهر بأنها طبيعية وبأن حياتها تسير بشكل عادي اكثر من ذلك، سأمت من التظاهر بأن كل شيء على ما يرام، سأمت من الابتسامة البادية على وجهها بشكل آلي والتي اصبحت ترتديها على وجهها قبل الخروج من المنزل، سأمت من النقاشات والحوارات اليومية التي تدخل فيها مع المحيطين بها، سأمت من تبرير موقفها واختياراتها، سأمت من المحاولات الفاشلة في توضيح وجهة نظرها ورؤيتها لحياتها، سأمت من كل شيء ولا تملك سوى ان تصبر وان تدعو الله ان يهيدها الى طريق الصواب والرشد.

ذهبت الى اكثر الاماكن قربا الى قلبها، هذا الشارع الهاديء الذي طالما سارت فيه كلما شعرت بالرغبة في الانفراد بنفسها، وبالرغم من برودة الجو الشديدة، وبالرغم من الساعة المبكرة، فقد كانت تسير وكأنها تعيش وحدها على هذا الكوكب شعور رهيب بالوحدة، وشعور اقوى بأن تلك الوحدة هي الحل لحالة الاختناق والسأم التي عانت منها طوال الفترة الماضية.
كانت الافكار تداهمها وتدور في رأسها، تمنت من كل قلبها ان يكون هناك من يستطيع مشاركتها تلك الافكار التي تدور برأسها وحدها، لم تعد تستطيع تحمل وحدتها اكثر من ذلك، لكن من يستطيع ان يشاركها تلك الافكار من سيتفهم وجهة نظرها او سيتفهم طريقة معالجتها للموضوع حتى هي نفسها عندما تخضع افكارها للمنطق تجد ان قراراها مناف لكل منطق او تفكير مقبول، طالما كانت قراراتها غير متوقعة ومفاجأة لكل من حولها حتى اقرب الناس اليها، فقط لأن المتوقع دائما يكون هو القرار المنطقي وهي اعتادت ان يكون قرارها هو ما يريح عقلها وتفكيرها بصرف النظر عن المنطق.
كان تؤجل هذا القرار وتتهرب من التفكير على امل ان يأتي الحل من حيث لا تدري او ان تنتصر لرغبتها وامنيتها رغم انف المنطق الا انها فشلت، والسبب هو هذا الموقف المفاجيء الذي وجدت نفسها فيه فجأة، لا مفر اذا من اتخاذ القرار النهائي الذي اجلته كثيرا والتى تهربت منه طوال الفترة الماضية رغم يقينها وعلمها المسبق ان هذه هي نهاية القصة فقط كانت الفكرة كلها في التوقيت.
قررت ان ترفض طلبه للإرتباط بها وهو الشخص الوحيد في العالم الذي أحبته، تذكرت تلك اللحظة التي طلب منها هذا الطلب، كانت تتوقع ذلك منذ فترة وكانت قد هيأت نفسها بالفعل لذلك، لكنها لم تستطع ان تمنع كل تلك المشاعر التي انفجرت داخلها، طلبت منه مهلة للتفكير رغم ان هذا الطلب كان غريب منها بعد كل تلك السنوات من الصداقة والزمالة في العمل.
وكان هذا هو سببها الاساسي في الرفض، خوفها من ان تفقده كصديق اذا ارتبطت به، اعتادت على وجوده في حياتها كصديق وكحبيب، خافت ان تفقد عفوية الصداقة ومشاعر الحب في قيود الزواج، كانت تعرفه اكثر من معرفتها بنفسها، وكانت متيقنه من انها ستكسب زوج مخلص سيجتهد ليوفر لها كل سبل السعادة، ولكنها ايضا ستفقد الصديق وستفقد الحبيب داخل اطار الزواج الذي كان يشكل لها منظومة من الروتين والقواعد التي تتعارض تماما مع شعورها بحريتها وستمنعها من ان تكون هي التي تريدها.

التعليقات