مصر الكبرى

10:41 صباحًا EET

الخروج الآمن .. لمصر: مجلس رئاسى من الخمسة الكبار!

فى آخر مقال لى قبيل الانتخابات حذرت تحديدا من اختيار كل من أحمد شفيق ومحمد مرسى، ليس لأسباب تخص أيا منهما بصفة شخصية، ولكن لما يمثلانه من أقصى حالات الاستقطاب فى الشارع المصرى. إلا أن نتيجة الانتخابات جاءت لتجسد أكثر السيناريوهات إثارة للقلق، وليس أمامنا الآن سوى البحث عن مخرج واقعى للأزمة يجنب البلاد الدخول فى مرحلة خطيرة من المواجهات. لكن دعونا أولا نتفق على بعض الحقائق التى أكدتها الانتخابات:
أولا: أن مرشحى الإعادة مرسى وشفيق لم يتمكن أى منهما من تجاوز نسبة 25% من الأصوات.
ثانيا: إذا أخذنا فى الاعتبار أن حملتيهما كانتا الأوفر مالا والأكثر تنظيما وبفارق هائل عن أقرب المنافسين وبتأييد كبير من أقوى التيارات السياسية فى البلاد وأكثرها خبرة، فليس من المبالغة القول إن نسبة التأييد  الحقيقية التى يحظى بها الرئيس القادم لاتتجاوز 10 إلى 15% على أقصى تقدير.
ثالثا: إن نسبة كبيرة من الأصوات التى سيحصل عليها أى منهما فى انتخابات الإعادة لن تكون تأييدا له بقدر كونها ضد المرشح المنافس ورفضا لسيطرة التيار الذى يمثله على السلطة فى مصر، بل وأكاد أجزم أنا أيا منهما لو قدر له خوض الإعادة أمام مرشح آخر لكانت فرصته شبه معدومة فى الفوز. فكل منهما يمثل المنافس المثالى للآخر.
رابعا: الأخطر من كل ذلك ليس فقط ضعف وقلة التأييد للرئيس القادم، ولكن ضراوة المعارضة التى سيواجهها ممن يجدون فيه تمثيلا لنظام فاسد فى حالة شفيق أو تهديدا لمدنية الدولة فى حالة مرسى.
خامسا: فوز أى من المرشحين لايعنى بأية حال نهاية المواجهة بل البداية الحقيقية لصدام سياسى حاد قد لايخلو من العنف. فالإخوان سيجدون أنفسهم فى مواجهة مجلس عسكرى متحفز وعصبى، وقوى مدنية وثورية ساخطة ومتوجسة. أما شفيق فلن يمر وقت طويل قبل أن يختبره الشباب فى الميادين، والإخوان فى البرلمان، وستصبح جمعية وضع الدستور أو أى مادة تشريعية جديدة ساحة للمواجهة واختبار القوة بين الطرفين.
السؤال الآن ماهو المخرج؟
الإجابة يجب أن تحمل ليس فقط محاولة الائتلاف بين بعض القوى السياسية كما يحدث الآن للوصول إلى الأغلبية المطلقة فى انتخابات الإعادة، ولكن أيضا تفادى النبرة الإقصائية التى ترفض الآخر وتستبعده بشكل مطلق. فقد رأينا كيف تحول تعبير "فلول" إلى وصمة يوصف بها كل من كان له أدنى علاقة أو ارتباط بالحزب الوطنى المنحل بصرف النظر عن سلوكه الشخصى. هذا الأسلوب وضع فجأة نحو 3 ملايين شخص فى موقع الإقصاء والاتهام، وخسروا الكثير من مكانتهم الاجتماعية وحقوقهم السياسية بما حشدهم تلقائيا ضمن صفوف الثورة المضادة بما لديهم من نسبة تأييد وقدرات مالية وتنظيمية ، بينما كان ينبغى استيعاب من لم تثبت ضدهم أية اتهامات بالفساد أو على الأقل عدم استعدائهم ضد الثورة بالصورة التى حدثت. والنتيجة أننا نواجه الآن معركة لاتعرف اللون الرمادى، فهى إما أبيض أو أسود بما وضع أغلب المصريين بين شقى الرحى.
هذا يقودنى إلى السيناريو الذى أتصوره كمخرج من هذه الأزمة كما يلى:
1 تشكيل مجلس رئاسى من الخمسة الكبار الذين حصلوا على أكبر نسبة تأييد فى الانتخابات الرئاسية وهم مرسى وشفيق وصباحى وأبو الفتوح وموسى.
2 الاستمرار فى انتخابات الإعادة، على أن يصبح الفائز منها رئيسا للمجلس الرئاسى ، ويكون الخاسر نائبا له.
3 يتم الاتفاق مبدئيا على فترة سنتين لهذا المجلس يتم فيهما وضع الدستور واستعادة الاستقرار الأمنى والسياسى تمهيدا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة.
4 يتم اتخاذ القرارات فى هذا المجلس بالأغلبية البسيطة أى بتصويت ثلاثة منهم لصالح القرار. ولحسن الحظ فإن الخمسة يمثلون أطيافا متعددة ومتباينة للمجتمع بما يوفر صوتا داخل المجلس لكل من هذه التيارات  السياسية والأيديولوجية، ويطمئنها على عدم استبعادها أو التعدى على حقوقها فى حالة سيطرة الفريق الآخر. هذا السيناريو سيضمن أيضا عدم استفزاز قوى أساسية فاعلة مثل المجلس العسكرى وبعض القوى الأخرى التى لعبت من وراء ستار خلال الفترة الماضية لإفشال عملية التحول السياسى.
أعلم أنه لايوجد حل مثالى للأزمة الحالية وهو ماينطبق بالتأكيد على هذا الاقتراح، وأكاد أشم رائحة الصراع داخل المجلس الرئاسى من الآن خاصة أن أغلب أعضائه سيحاولون ترتيب الأوضاع لصالحهم فى حالة دخولهم انتخابات قادمة، كما أتوقع استنكارا لإشراك شخصيات "الفلول" فى هذا المجلس.  لكننا جميعا فى مركب واحد بما فينا الفلول، وهناك الملايين الذين أعطوا أصواتهم لشفيق ولن يختفوا فجأة لمجرد أننا نختلف معهم، وهو ماينطبق أيضا على مؤيدى مرسى. كما أننا نبحث الآن عن أكثر الحلول واقعية وليس مثالية. وفى هذه اللحظة أجد أن هذا هو أقل السيناريوهات ضررا، فهو تهدئة مؤقتة لالتقاط الأنفاس من أجل تفادى الانسياق إلى هاوية سحيقة لن ينجو منها أحد. قد يفكر طرفا الصراع فيما سيخسرانه من تنفيذ الاقتراح خاصة فى حالة الفوز فى الإعادة، لكن على كل طرف أن يفكر أيضا فيما سيكسبه لو خسر المعركة. أما هؤلاء الذين يرفضون الطرفين، فهم ليس لديهم مايخسرونه بعد إقصاء مرشحهم المفضل. وهذا الاقتراح يوفر لهم كرسيا على مائدة الرئاسة، بدلا من الصراخ فى الميدان.

التعليقات