كتاب 11

09:20 صباحًا EET

إسرائيل تحلم

كشفت الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ضربت سيناء، تورُط دول أخرى بأجهزة استخباراتها في هذه “العمليات القذرة”، على رأسها إسرائيل والولايات المتحدة وهو ما ذهب إليه خبراء استراتيجيون، انطلاقاً من أن مادة “C4” شديدة الانفجار (أربعة أضعاف قوة مادة TNT) التي استخدمت في الهجمات تُصنع على مستوى المنطقة في دولة واحدة فقط هي إسرائيل، بما يشير إلى وقوف جهاز الاستخبارات الصهيوني “موساد” وراء هجمات “مطلع يوليو”، ويعطي لمحات عن الحلم الإسرائيلي الذي حوله الجيش المصري إلى كابوس.

على أية حال فإن مسألة C4 ليس من جديد فيها، فقد تنبه إلى ذلك خبراء كُثُر، لكن ما يجب الإشارة إليه وإبرازه، هو الخطة النفسية التي أعدتها إسرائيل بالتنسيق مع أميركا ودول أوروبية أمدت العملية بالدعم المعلوماتي وبعض الأسلحة والآليات العسكرية وسيارات الدفع الرباعي طراز “لاند كروزر”، حيث كان المبتغى الرئيس من وراء الهجمات هو تصوير نتائجها، مثلما دأب تنظيم “داعش” في جميع عملياته وبخاصة الكبرى منها، للتأثير على معنويات الجيش المصري، وإثارة الرعب في نفوس المصريين، والإيحاء الكامل بالسيطرة على الأوضاع فيما يسمونه “ولاية سيناء” الموالية بعناصرها الإرهابية لخليفة الدواعش أبوبكر البغدادي.

مسألة التصوير هنا هي ركن أساسي من نجاح أي عملية ينفذها الدواعش في إطار ما يعرف سيكولوجياً بـ”الحرب النفسية” وبالتأكيد صوّر التنظيم بالفعل لقطات أثناء تجهيز الهجمات، ونقل عن منفذي العملية تصريحات “اللحظات الأخيرة قبل الشهادة” وهم يتوعدون الجيش المصري في سيناء ويصفونه بـ”جيش الطاغوت”، ويثبتون مدافع الهاون على سيارات الدفع الرباعي، ويزرعون القنابل والعبوات الناسفة على الطريق لإعاقة تتبع قوات الجيش لهم بعد تنفيذ الهجمات.. وبالتأكيد كانت الخلفية أغنيات متأسلمة مستفزة تقلب الحقائق على طريقة “صليل الصوارم”.

إن نجاح الجيش المصري في الرد سريعاً ومواجهة أعداد لا تقل عن مئة تكفيري مسلح – بحسب تقديرات خبراء استراتيجيين – أفسد على الدواعش المرتزقة إمكانية استكمال تصوير شريطهم الخادع على طريقة السينما الهوليوودية، فقد نسف الجيش آلياتهم وفجر عتادهم وقصف فلولهم في الصحراء في وقت كان بعضهم يصور المشهد الأخير للفيلم المطلوب وهو مشهد رفع الرايات السوداء على مناطق بارزة وبيوت أهلية في مدينة “الشيخ زويد” للإيحاء بالنصر وبأن جميع المواطنين في المدينة المقدر تعدادها بـ6 ألف نسمة يؤيدون هذا النصر العظيم، وللإيحاء بالسيطرة الكاملة على المدينة التي يتم إعلانها عاصمة لولاية سيناء !

كل هذا أحبطه الجيش وبث نصره المبين على أولئك الكفرة الفجرة بالصور والفيديوهات، ليقطع ألسنة الشاكين والمشككين في قدرات ووطنية جيشنا، الأفضل بين جيوش منطقة الشرق الأوسط كافة.

ملحوظة أخرى لا يجب أن تفوتنا أو نمر عليها مرور الكرام، حين نوجه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، وهي اللعبة الساذجة التي روجوا لها وكانت وكالات الأنباء الصهيونية الإسرائيلية والغربية أول من نشرها وهي تهديد “داعش” بنسف “حماس” وتوجيه ضربات موجعة لها. على الرغم من أنه معلوم أن كلا التنظيمين “داعش وحماس” الإرهابيين لا يختلفان في الأسلوب الدموي ولا المنهج الفكري المنحط ولا العمالة للإمبريالية الغربية، فقيادات حماس تنعم بالعيش الرغد في فنادق الدوحة الفايف ستارز، وليس غريباً أن تأوي مستعمرة إسرائيلية مثل “قطر” هذه النماذج العميلة، فإسرائئيل نفسها تستقبل مصابي تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” ممن يسقطون في سوريا، في مستشفيات تل أبيب.

وبالتالي فإن الحلم الإسرائيلي بتكوين دولة تمتد حدودها من الفرات إلى النيل، قد باتت – بحسب الرؤية الصهيونية – قاب قوسين من التحقُق، فها هو العراق أرض الرافدين يضربه الإرهاب والتمزق ويسيطر “داعش” على مناطق واسعة منه، وها هي سوريا لم يعد فيها بيت ينهض على أعمدته الأربعة، في وقت بدأ العد التنازلي لسقوط الرئيس بشار الأسد، بعد تقلص المساحة الفعلية التي يفرض سيطرته عليها، في مقابل استحواذ الدواعش وباقي التنظيمات الإرهابية على الأرض هناك، وبالتالي لا يتبق للحلم الإسرائيلي سوى “فركة كعب” – كما يتصور بنو صهيون – بتوجيه ضربات لمصر تعمل على تكسير الجيش وتحطيم كل الآمال الحقيقية في النهوض بالبلاد، ولذا لم يكن هناك بديل سوى علميات الاستهداف المتكرر لمصر عبر الطرق المباشرة كهجمات سيناء الأخيرة أو غيرها من العمليات التي ظهرت فيها مثلا مادة C4 الإسرائيلية كما في حادث “عرب شركس” بالقليوبية العام الفائت، أو بالاعتماد على الطرق غير المباشرة، مثل ترويج الشائعات ودعم كل من يشكك في قدرات الجيش المصري ويسهل لهم مهمتهم تلك وجود عملاء وخونة في الداخل سواء من تنظيم “الإخوان” الإرهابي، أو غيرهم من المنتفعين الذين ستكشف عنهم “القضية 250” آخر ما وقع عليه النائب العام الشهيد هشام بركات بحظر النشر قبل اغتياله بساعات.

كلمة أخيرة:

في ظل الحرب المستعرة ضد مصر لم يعد من خيار أمام المصريين سوى الحفاظ على قائدهم ومؤازرته ودعمه، والوقوف إلى جانب جيشنا الوطني، وسيرى الجميع كل الخير بإذن الله. حفظ الله مصر وشعبها.

 

Email:elgammal813@gmail.com

التعليقات