كتاب 11

11:06 صباحًا EET

لا بد من الدولة وإن طالت الحرب

استعادة عدن من أيدي الفوضى والفوضويين خطوة حاسمة على طريق استعادة الدولة اليمنية. ورسو سفينة الإغاثة الدولية في الميناء، وهبوط طائرة

الإغاثة السعودية في المطار الذي تم تحريره، يثبتان للعالم كله أن الميناء والمطار أصبحا آمنين تماما. ولقد كانت سرعة وصول أعضاء الحكومة اليمنية من السعودية إلى عدن فيها إشارة واضحة للعالم كله.. من هنا نحن نبدأ بناء الدولة.

لا بد من التذكير بأن القضاء على «داعش» وبقية التنظيمات الإرهابية لا يمثل الهدف الأساسي الذي بتحقيقه نكون قد انتصرنا في معركتنا واكتسبنا الحق في أن ننام آمنين في مخادعنا. بل هي معركة على طريق الحضارة لاستعادة قوة الدولة وهيبتها. لقد كان من المستحيل على «داعش» أو غيره أن يوجد بغير غياب الدولة أو ضعفها.

بغياب الدولة أو بضعفها لا حرية لأحد، ولا كرامة لأحد، ولا مستقبل لأحد. إنها هي الحامية للفرد المبدع وأسرته، وهي الحامية للأفراد من خلال تنظيماتها وتشكيلاتها ليقوموا بتنمية بلادهم. والدولة هي المحتكر الوحيد للعنف الذي تمارسه طبقا للقانون. ليس من حق مخلوق في الدولة أن يحمل سلاحًا بغير أن ترخص له الدولة، وعادة يكون ذلك بهدف الدفاع الشخصي، وفي كل الأحوال والأوقات الدولة لها جيش واحد وجهاز شرطة واحد بكل تشكيلاتهما المعروفة. والهدف من ذلك ليس سحق المواطن وإشعاره بالضعف في مواجهة الدولة، بل على العكس من ذلك، الهدف من قوة الدولة هو أن تشعر الجماعة ويشعر الفرد بالطمأنينة طول الوقت استنادًا لأن هناك من يحميه.

عندما تتوه في الصحراء فالدولة مسؤولة عن البحث عنك وإنقاذك. عندما تتعرض لعدوان من آخرين، فإن الدولة ستخف لنجدتك بكل تشريعاتها وقواتها. لتكن في الدولة قبائل وعشائر، ولكن الدولة فقط هي من سيتولى الدفاع عنهم. السماح بجيوش صغيرة داخل الدولة فيه فساد وفيه جهل عظيم بشؤون الحكم والدولة. السماح بجيوش أهلية صغيرة داخل الدولة بدعوى الاستعانة بهم في مواجهة المخربين يؤدي إلى ضياع الدولة وضياع أهلها.

بعيدًا عن القوات المسلحة وتقاليدها الصارمة، ستجد لهذه الجيوش الأهلية الصغيرة سمات أخرى وصفات ليست في صالح البلاد. إن المقاتل الذي لا يعرف ما يسمى بالضبط والربط، والذي خاض معارك واستمتع بذلك التوتر الناشئ عن مواجهته الموت في كل لحظة، لن ينسى ذلك إلى الأبد، سيبحث دائما عن أعداء جاهزين أو يقوم هو بصنعهم ليخوض معركة ضدهم. بذلك لا تتوقف المدافع إلى الأبد.

لكن رجل الدولة عليه أن يفرّق بين قوته هو وقوة الدولة. عليه ألا يستمتع على المستوى الذاتي بقوة الدولة، وأن يحترس منها، وأن يكون محصنًا ضد السلطة، فالسلطة إلى حد بعيد مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة. ليس معنى ذلك أننا نبحث عن رجال للدولة لم تلدهم امرأة بعد. ففي كل مكان هناك رجال ونساء يعشقون المعرفة ويؤمنون بالمثل العليا. هؤلاء هم رجال ونساء الدولة، هؤلاء من صنعوا الحضارة.

التعليقات