كتاب 11

10:11 صباحًا EET

بشائر التفاؤل

ميزان النجاح في الدراما له أكثر من معيار، لكن الناجح يفرض نفسه على الجميع، ولا يمكن لأي حسابات جانبية غير مهنية أو «محسوبيات» أن تطفئ الأضواء عن نجم أو عمل أحبه الناس.

في رمضان هذا العام، شاهدنا خطاً جديداً تسير باتجاهه الدراما المصرية من خلال باقة من المسلسلات التي ضاقت بها المساحة، ونعمل جميعاً على اللحاق بها أو إعادة مشاهدتها حالياً كي لا تفوتنا. وإذا تحدثنا عن «نجوم الدراما» هذا العام، فإن اللائحة طويلة تشمل أسماء مسلسلات وكتّاب ومخرجين وممثلين أبطال وثانويين. 
أهم ما نقرأه في الخط الدرامي هو قيادة الأجيال المتوسطة والشابة وغياب «الكبار» عن المشهد. المسألة لا انتقاص فيها من قدر أحد، ولكن من الطبيعي ان يخلف الصغار أساتذتهم الكبار وتبدأ مرحلة التسلم والتسليم، دون إلغاء أي طرف للآخر. ومن الإيجابيات أن نشهد مرحلة الانتقال هذه تتم بنجاح، بدل أن نتحسر على زمن الكبار ونترحم على غياب الراحلين كما يحصل غالباً في عالمي الغناء والموسيقى.
«الشباب» تولوا قيادة الدراما بنجاح هذا الموسم، قدموا روحاً جديدة، دخلوا مناطق مختلفة بجرأة، وابتعدوا عن التقليد والاستنساخ وإعادة إنتاج حكايات مستهلكة، رغم اتهام الفنانة نادية الجندي صناع مسلسلي «تحت السيطرة» و«حارة اليهود» (الأنجح بين الدراما في رمضان) بأنهم سرقوا فيلميها «الضائعة» و«مهمة في تل أبيب».. وهو ما لم يشعر بها المشاهد أو ينتبه إليه ما يعني أن المسلسلين غردا خارج سرب أفلام نادية الجندي.
كثيرة الأسماء التي تستحق التوقف عندها وتحميلها عبء المرحلة المقبلة من الدراما والوثوق بقدرتها على تحمل المسؤولية كاملة، لأنها أثبتت قدرتها على التفوق، والأهم لأنها تتعامل مع الفن بحرفية وجدية وتشغلها الرسالة التي توصلها إلى الجمهور من خلال إطلالتها فعلاً وليس قولاً. من هؤلاء طبعاً نيللي كريم، التي أصبحت الحصان الرابح في كل السباقات ولم تخذل جمهورها والنقاد أبداً بل تفاجئهم بأن لديها المزيد من الطاقات الفنية في داخلها، تعيد اكتشافها الكاتبة مريم نعوم في كل مرة. وهذه الكاتبة هي أيضاً باتت الحصان الرابح في السنوات الأخيرة، وإلى جانبها كتاب يتميزون جداً وأولهم محمد أمين راضي الذي يقدم كل عام دراما بأفكار بوليسية تشويقية روحانية، تختلط فيها الأحداث بين واقع وخيال، بين مشاعر دنيوية وتحليق إلى حدود الصوفية. راضي قدم «العهد- الكلام المباح» مع مجموعة ضخمة من الممثلين النجوم، ليؤكد بأنه مؤلف غير عادي، لدراما غير مألوفة.
من الكتّاب الناجحين أيضاً أحمد عبد الله الذي قدم «بين السرايات»، عمرو سمير عاطف «بعد البداية» و«لعبة إبليس» إنجي علاء، وغيرهم. وتلك القصص والسيناريوهات وجدت من يحولها ببراعة إلى أعمال تلفزيونية من الطراز الجيد، حيث يتحمل المخرج الجزء الأكبر من وصول أي نص إلى المشاهدين بصورة واضحة وجميلة، ومهمة تحويل الشخصيات من خيال إلى لحم ودم من خلال حسن اختياره للممثلين كل في المكان المناسب ليضيف إلى العمل بدل أن ينتقص منه. المخرج سامح عبد العزيز «بين السرايات»، تامر محسن «تحت السيطرة»، خالد مرعي «العهد»، شريف اسماعيل «لعبة إبليس».. أسماء تقدم صوراً درامية جديدة وتبشر بمستقبل أكثر نجاحاً إذا عرفت كيف تواصل السير صعوداً.
أما في التمثيل، فسلسلة الأسماء بين جيل الوسط والجيل الشاب طويلة، منها طارق لطفي، أحمد عبد العزيز، روجينا، سيمون، شيرين رضا، سلوى خطاب، منة شلبي، صبري فواز، محمد الشرنوبي، محمد فراج، هاني عادل، نسرين أمين، سيد رجب، آسر ياسين، وليد فواز، أروى جودة، مي عزالدين، عمر متولي، هيثم زكي، غادة عادل، حسن الرداد، إيمي سمير غانم، وشقيقتها دنيا، جميلة عوض.. وآخرون ممن سجلوا أسماءهم في ذاكرة المشاهدين في رمضان، على أمل أن يحسن كل ممثل اختيار أدواره لاحقاً كي يكمل المشوار ويتحدى قدراته دون الاستسهال أو الانخداع بالإبهار الذي تقدمه له الأضواء خصوصاً في بداية الطريق حيث مطبات الغرور والابتذال كثيرة.
بشائر التفاؤل هلت ومستقبل الدراما آمن إذا استمر الشباب على طريق الإبداع والخروج على المألوف وكلهم رغبة في تطوير الأفكار والأدوات.