مصر الكبرى

09:01 صباحًا EET

علياء المهدي والتعري ضد دستور مرسي!

رغم تجاهل كثير من المحطات الفضائية لقصة علياء المهدي وسلسلة حفلات التعري، التي يبدو أنها لا تجيد غيرها، إنما هذا لم يمنع محطات عالمية مثل الCNN مثلا من إفراد مساحة إخبارية، تظهر فيها الفتاة ‘ الناشطة’ وهي ترفع علم بلادها خلف جسدها العاري تماما إلا من جزمة سوداء طويلة، وتدلي بصوتها وبطريقتها الخاصة على الدستور بأن .. لا!

حدث هذا في السويد وأمام السفارة المصرية، وبمصاحبة فتيات من منظمة فيمن الأوكرانية، والتي نشرت بيانا لها على موقعا الإلكتروني، يبين كيف ‘تداعت’ المنظمة لتقول لا لدستور الشريعة في مصر، حسب تعبيرها.أعرف أن تلك الصبية البائسة اليائسة لا تستحق كل هذا التسليط الإعلامي الذي يضيف إلى شهرتها رصيدا لا تستحقه من وجهة نظري لأنه يبدو أن ما فشلت في صنعه في بلادها وبين أهلها، تحاول مجددا أن تحصل عليه في بلاد بارادة أكثر! لكن الحمية الزائدة وردات الفعل التي أوصلت متابعي تويتر إلى مليون في وقت قياسي، لمشاهدة صور علياء المهدي ‘اسم على غير مسمى’، يجعلنا نسلم بالأمر الواقع، أن هذا الجزء من تركيبة دماغ الانسان العربي، لا يزال يسيطر على عقلية المشاهد ونزعاته ورغباته، خاصة إذا كان المشهد ببطولة عربية صرفة!طبعا كلنا متفقون أن فتاة تدلي برأيها السياسي بهذه الطريقة، سواء عبر فيديوهات مستفزة صورها لها صديقها الذي تقيم معه، أو عبر عريها أمام سفارة بلادها، لا يمت بصلة للرأي السياسي، بقدر ما يعبر عن أمراض نفسية معقدة ظهرت غير مرة في مقابلات قليلة، عبرت فيها علياء عن غضبها وحقدها على والديها، فقررت أن تجرعنا جميعا طعم انتقامها.لكن ما يثير الحزن فعلا أن تيارات سياسية ليبرالية وعلمانية ويسارية في مصر، ‘تتداعى’ هي الأخرى لنفي التهمة عنها والدفاع عن نفسها بالتبرؤ من علياء، وكأنها فعلا تمثل هذا التيار أو ذاك، طبعا في معرض الرد على جمهور ‘ نعم للدستور’، الذين تلقفوا مبادرة علياء، وتابعوها باهتمام شديد، ليصوروا للعالم أن ‘لا’ ستودي بمصر إلى تلك النتيجة!مقاربة سخيفة ‘تستهبل’ تاريخا نضاليا وحقوقيا وسياسيا ومدنيا، لكافة الأطياف السياسية، في لقطة ساخنة، أرادت أن تبعثر الأوراق وتظهر الحوار ما بين طرفي نعم ولا، بهذه السطحية والغباء! وهذا ليس جديدا بالمناسبة، لأن قضايا الهام شاهين ودعاة الدين وقضايا نواب التيار السلفي وفضائح تسجيلات متبادلة ما بين التيارات المتنازعة،والتي أفردت لها روتانا المصرية ودريم 2 والحياة المصرية، مساحات زمنية ليست بسيطة، كلها تدور في نفس الفلك الضيق، و’تمسخر’ مخرجات ثورة 25 يناير، لتظهر أن حوار الأضداد صار يستحلي فكرة التعري قطعة قطعة، للتأثير على الجمهور. وهذه برأيي لعبة خاسرة، لأنها قريبا جدا، مثل أي عرض رخيص، ستصبح مملة!
أنشودة السجن والسجان!
تريد أن تزور الأراضي الفلسطينية، إذا زرنها بدون تقديم مبررات أو استنباط مسوغات من تحت الأرض، تشرح بها أسباب الزيارة، خاصة تلك العبارة الشهيرة التي فقدت معناها، من كثرة الزوار العرب والفلسطينيين من الخارج: أننا نزور السجين ولا نزور السجان! جيد .. كانت عبارة جميلة ومؤثرة وتستأهل التصفيق، ولكن اليوم ومع مرور سنوات التواصل العربي الفلسطيني، على الأرض، وأقصد الأرض المحتلة، أظن أنه جاء الوقت لإعادة قراءة فكرة الزيارة من زاوية جديدة، تتناسب مع شكل السياسة والمجتمع والفكر الذي تحظى بها السنوات العشر الأخيرة، خاصة الربيعية منها.في نشرات هذا الأسبوع على التلفزيون الفلسطيني، كانت هناك متابعة إخبارية وقصصية لزيارة وفد كويتي من الفنانين والصحفيين ورجال الأعمال، ضمن سلسلة زيارات قام بها مثقفون واقتصاديون عرب، خاصة من دولة الكويت إلى الأراضي المحتلة، خلال السنوات الخمس الماضية. وبطبيعة الحال فإن استقبالا جميلا ودافئا يحظى به الزوار يبدأ من مدينة أريحا مرورا برام الله وبيت لحم ونابلس والخليل، ومنطقة جبل المكبر تحديدا، حيث مشهد قبة الصخرة، الذي يقف عليه الزائر مطولا، ليملأ عينيه من مشهد مدينة القدس، وروحه من خصوصية المكان .لا يختلف اثنان عربيان من أي ديانة كانت، أن زيارة مماثلة هي حلم بحد ذاته، لولا القيود السياسية والأمنية وأيضا، الاجتماعية. فمسألة التنسيق مع السلطة الفلسطينية، والتأكيد أن المرور سيكون عبر أراض عربية كاملة الاستقلالية، والحلفان بأغلظ الأيمان أن أقدامهم لم تطأ الجانب الآخر من الحواجز، كل تلك المبررات، لا تشفع لهؤلاء الذين يقومون بتلك الزيارة، من التحلل من صفة العمالة مثلا!المسألة بغاية التعقيد، وأيضا تحمل قهرا وغيظا وألما، يستحق فعلا أن يتم التعامل معه بحذر شديد، من ناحية لا يكسر خاطر هؤلاء المتطوعين العاشقين لفلسطين والمشتاقين لمقابلتها وجها لوجه . ومن ناحية أخرى لا يلوي ذراعنا ويدفعنا الى الاستسهال في التعامل مع الأمر، ويجرنا دون أن ندري إلى خانة الورطة الكاملة! لكن هذا لا ينفي الدعوة إلى إعادة ترتيب الأوراق من جديد، بما يتناسب مع المرحلة وإعلان الدولة، لا أعرف كيف، ولكن أعرف أن نقابيين ومثقفين ومفكرين وسياسيين عرب، يتحملون مسؤولية هذه الفكرة، التي لم تعد طارئة!
حتى الصمت يكذب أحيانا!
المكان: إحدى صيدليات عمان عاصمة الأردنالزمان: قبيل الظهر بقليلالصيدلانية مشغولة بتحضير طلبية دواء مستعجلة، فيما شاشة التلفاز في الخلفية مفتوحة على قناة دنيا السورية. الصوت موضوع على وضعية الصامت، ولكن حركات جسد المذيع المستفز حتى أطراف أصابعه تغني عن الكلام، فمه مفتوح على آخره والزبد يقطر من بين شفتيه، ذراعاه تلوحان في الهواء وربطة عنقه مائلة إلى اليسار، وصمت الجهاز يغني عن الكلام!كنت أنتظر الصيدلانية ، لكي تصرف لي الدواء، فيما شاب يقف إلى جانبي وينظر إلى بحسرة، وهو يؤشر للتلفاز قائلا بلهجة حلبية: ما تصدقيه .. كل كلامه كزب في كزب!

التعليقات