مصر الكبرى

01:16 مساءً EET

‘فتاة الحافلة’ هل تُخرج الاغتصاب من دائرة الصمت؟.. ونساء غزة حكايات ‘جدعنة’ لا تحصى

فتحت قناة بي بي سي هواءها في أول يوم من العام الجديد وعبر برنامج ‘حديث الساعة’ للقراءة في الحالة السياسية الإسلامية التي سادت عدداً من الدول العربية في العام المنصرم على خلفية ما يسمّى الربيع العربي. وتالياً كان ولوج إلى المشهد المتحرك بكليته من ليبيا حيث كلٍ يطالب بحصته، إلى اليمن حيث طار رأس النظام وبقي جسده على حاله، إلى سوريا حيث يجري الدم غزيراً ولا حل إلا بالتسوية السياسية.

في حضرة بي بي سي كان ضيوف ثلاثة من مشرب موحد علماني ليبرالي كما ظهر لنا عمدوا إلى قراءة من جانب واحد للحالة الإسلامية في مصر. فكما بات معروفاً هي الحالة الفاعلة والأكثر تأثيراً بالمشهد العربي برمته، وهذا ما ثبت بالملموس خلال العدوان على غزة مؤخراً. لقد شكل أخوان مصر اللاعب الوازن في التسوية. ليس هذا وحسب بل صاروا بالتوازي مع حركة حماس اللاعب الوحيد. وإن كان مذيع قناة بي بي سي قد وصف صعود الإسلاميين بشر لا بد منه حتى لا يبقوا على مظلوميتهم بأنهم مقصيون، مبعدون، وغير ذلك. فقد بدا ظاهراً من خلال التحليل الذي تابعناه بوجود أكثر من وجهة نظر. منها القائل بضرورة منح الفرصة للإخوان لقول كلمتهم في السلطة بعد تجارب مع الأحزاب القومية العربية من ناصرية وبعثية. ومنها ما لم يكن متفائلاً بهذه التجربة فصنفها وبشكل مسبق ضد حركة التاريخ. أما القراءة الواقعية فراحت نحو الغرب الذي يسعى لمنح الحالة الإسلامية زمنها الطبيعي، والذي يسعى بحسب الحوار الذي تابعناه للأخذ بيدها لتتشابه مع الحالة التركية. لكن ما هو المطلوب من الحالة الإسلامية الحاكمة حالياً في بعض الدول العربية على الصعيد الدولي؟ يرى المحللون في ندوة بي بي سي أن المطلوب تنازل إسلامي عن القدس في أية تسوية للنزاع العربي الصهيوني. فقد كان مستحيلاً على من سبقهم القيام بخطوة مماثلة. وكانت قراءة في غزل متبادل بين الإسلاميين والأميركيين جرى مؤخراً من مصر إلى تونس، كذلك دخول خالد مشعل قطاع غزة منتصراً، وحجب الدخول عن عبدالله شلح من الجهاد الإسلامي. فهل المطلوب كمب ديفيد إسلامي يوقع صك تنازل عن القدس؟ أما في الواقع الاقتصادي والاجتماعي في بلدان الربيع العربي فالمشهد يزداد قتامة. حتى اللحظة لم تظهر خطة إنقاذ يمكن الاستكانة إليها. ومشهد البوعزيزي الذي أشعل ثورة تونس تكرر مؤخراً في مصر، حيث أحرق شاب في ربيع العمر نفسه لأنه فشل في إيجاد عمل ولم ينتبه الإعلام كثيراً للحدث. لكن تكاتف ملايين العاطلين عن العمل في مصر من شأنه أن يقلب المعادلة مجدداً.نساء غزة حكايات شجاعة وتميزلم يكن برنامج نافذة على فلسطين اليومي على قناة الميادين قد فاته أن يقول كلمة حق بالمرأة على امتداد الوطن الفلسطيني أو في غزة تحديداً. فهذا البرنامج كان يضعنا على الدوام مع حكايات تحدٍ مشرّفة لظروف فرضها الاحتلال الغاشم على الإنسان الفلسطيني والمرأة تحديداً. إلى نبض غزة المباشر حملت لينا زهر الدين برنامج ‘العد العكسي’ لتسجل حلقة تسلط الضوء على إبداعات وتمايزات النساء. وكان أن اختارت من بين ضيفاتها أول قاضية فلسطينية المستشارة سعادة الدجاني. تحدثت الدجاني بما يشبه رفع العتب، واحتفظت لنفسها بالباقي عندما قالت ‘القضاء كان كالشعلة كل من يقترب منه يحترق’. المستشارة ولينا زهر الدين وضعا تعبير ‘كان’ بين الهلالين وتركاهما على حالهما مقفلين. ففي بحث خاص بالمرأة لا شك السياسة ‘محظورة’. أو دونها محاذير في الواقع الغزاوي. وتبقى المستشارة سعادة الدجاني تجربة رائدة في مجتمع غزة المحاصر. وإلى جانبها كانت تجربة لطالبتين من كلية الهندسة في الجامعة الإسلامية. طالبتان شكل الواقع بوصلة لعملهما. خريجة الهندسة المدنية بسمة التي نشأت في عتمة غزة وساعات التقنين التي تميت الحياة، وساعات عودة التيار التي تعيدها، ألهمها الواقع بمشروع بحث عن خرسانة منفذة للضوء. ما لفتني في بسمة قولها بأن المصاعب التي كانت تعترض مشروعها في كل مرحلة، كانت تعيد ترتيب الأحلام وليس إلغاءها. أما خريجة الهندسة المعمارية هبة فكان لها مشروع عنوانه كلمات وأساسه العمارة الشعرية المستندة إلى علم العروض. وفي ذلك بحث يطول. وإلى الخليل كان تواصل عبر الصوت والصورة مع فداء أبو تركي القائمة على مشروع ‘إرادة’. مشروع رائد يبحث في تمويل أعمال إنتاجية للنساء الفلسطينيات من تربية أغنام، دواجن، وأعمال زراعية مدروسة. وهو رائد فعلاً.حاول البرنامج في استطلاعه لحال المرأة الفلسطينية أن يقرأ ما تحت العنوان، إنما الحالات التي استقبلها حاصرته في مكان محدد. وكان الخط الذي فتح مع عزة كامل إلى القاهرة شبه خارج عن السياق، ولم يضف للمرأة الفلسطينية أي جديد. أما الشهادات التي قالها الشارع الفلسطيني بالنساء فقد اختصرت كافة سرد الكلام الذي سبق والذي قد يليه ولزمن. بحسب الشارع الغزاوي المرأة في غزة وفلسطين عامة: أجدع نساء العالم.. صابرة وثابتة.. يافع لم يغادر منطقة الطفولة قال: قوية تقدر تربي أجيال وتحميها.. تقدر على زراعة الأرض وأن تنغرس فيها.. هي بنت الأرض.. هي أشجع نساء العالم.وفي اليوم التالي على العد العكسي من غزة، كانت نافذة على فلسطين ومن غزة أيضاً عن الطفلة أريج المدهون التي تفوقت في مسابقة ذكاء حسابية عالمية جرت في ماليزيا. ضمت المسابقة 1500 متباريا من عشر دول. وحلت أريج أولى وقالت للكاميرا ببهجة الأطفال ‘فكرة جميلة أن يكون أحدنا رقم واحد’.إذاً غزة وفلسطين كريمتان بالمميزات، الرائدات والذكيات. هو التحدي. جريمة الهند تحزن العالم كثيرة هي الأحداث الدموية التي شغلت العالم مع انقضاء الأيام الأخيرة من العام 2012. ولا شك بأن موت الطالبة الهندية ابنة 23 ربيعاً من الاغتصاب الجماعي والضرب الذي تعرضت له مع خطيبها، كان من المحطات الرمزية المؤلمة. هذه الحادثة التي صدف أن خرجت للضوء لقيت شجباً واسعاً على امتداد الهند وفي العالم أجمع. الطالبة التي أرسلت إلى سنغافورة لإنقاذ حياتها من الموت عادت جثة هامدة. وخوفاً من تداعيات موتها تمّ إغلاق عشر محطات لمترو الأنفاق في دلهي. وتحدث رئيس الوزراء الهندي واعداً بأن تكون الهند أكثر أمناً للنساء. ابنة الهند أو فتاة الحافلة، كما صار اسمها معروفاً كانت تستعد للزواج خلال أشهر وكان ثوب زفافها بانتظارها. عائلتها تعيش في مدن الصفيح، وقد باع والدها قطعة أرض من أجل تعليمها الجامعي. الجديد في الحالة الهندية العامة التي تُحِّمل الضحية مسؤولية اغتصابها، أن أسرة ابنة الهند قررت الخروج على الصمت. لقد أكد شقيق الضحية أن العائلة ستتابع القضية حتى إعدام كافة المشاركين في التسبب بموت شقيقته. كذلك خرج مئات الآلاف في الهند من رجال ونساء مطالبين بحماية النساء من الاغتصاب. وكان لافتاً تظاهرات دعا إليها راكبو الدراجات النارية في سبع مدن هندية طلباً لتوفير الحماية للنساء. أما النساء فقد ركزن على طلب الحماية، وسجلن رفضهن للفحوص المعيبة والمهينة جداً التي يجريها الأطباء للنساء في حال تعرضهن للاغتصاب. وفي عام 2011 سجل في الهند ما يزيد على 256 ألف جريمة اغتصاب، ورد أن أكثر من 50 ألف من بينها تؤدي إلى موت الضحية. كل هذا يحدث بصمت. العائلات والنساء تخفين جروحاً تسبب بها سفلة يجدون في جسد المرأة مكاناً لممارسة تفوقهم الذكوري البغيض. لا بد من كسر حاجز الصمت. إنها بداية المواجهة. مشهد الهند هذا لا شك كان لافتاً لكل من يطالب بحقوق متساوية للبشر في الحياة.
كلام أفلامجاء هذا الحوار في فيلم ‘سكر بنات’ للمخرجة نادين لبكي.قالت الفتاة التي تستعد لعرسها لصديقاتها:ـ بسام مش راح يكون أول واحد.سألتها إحداهنّ: هوي بيعرف؟جاء الجواب: أكيد لاء شو هبلا إنتي؟ردت أخرى: شو منعمل؟ مندبحلا زغلولين حمام؟وتم الاتفاق على زيارة الطبيب وإجراء اللازم قبل الزفاف. وفي الطريق بدأ البحث عن اسم مستعار للصبية. فوقع خيارها على Julie Panpideau. لما لا فهو اسم مناسب تماماً طالما عبرت الصبية أنها بصدد عملية Haute couture. من يتحمل مسؤولية هذا التكاذب الاجتماعي؟ الرجال أم النساء؟

التعليقات