كتاب 11
محمد أمين عُودوا «حُفاة».. كما عرفناكم !
وزير الزراعة ليس آخر واحد فى عصابة «الرشوة الكبرى».. باقى العصابة جاى!.. كل واحد عارف نفسه.. بيان النيابة لا يعنى أن الحكاية انتهت.. «فودة» لم يعتد أبداً أن يكون وحيداً خلف الأسوار.. قبل ذلك جرجر ماهر الجندى محافظ الجيزة.. تعرّف عليه كمحافظ للغربية.. قدمه للوزير فاروق حسنى.. وانطلق بعدها ليربح الملايين.. اعتاد ألا «يُحبس» وحده، كما اعتاد ألا «يأكل» وحده.. فلسفة الحرامية!
منذ عامين اتصل بى «فودة».. أثنى على مقالى قبل أن يُعرّفنى بنفسه.. قلت: مين معايا؟.. قال: محمد فودة يا جدع!.. كان يتحدث بلهجة فيها تهتهة.. قلت: مين محمد فودة؟.. أغلق التليفون ولم يكرر الاتصال.. استغربت أنه يقرأ، وأنه قادر على التقييم.. (كان يأتينا فى «الوفد» لينشر شكاوى للناس).. بعدها اكتشفت أنه يكتب الصفحات، ويدير حوارات مع عدد من الوزراء، ويحاول جدياً الاقتراب من الدوائر العليا!
تخيلوووا.. أصبح «فودة» كاتباً كبيراً.. وأصبح إعلامياً كبيراً.. وأصبح مستشاراً للعديد من الفضائيات.. كيف هذا؟.. بقدرة قادر يا سيدى فى زمن الفهلوة.. يقف خلفه رجال أعمال وإعلاميون.. يستغلون جسارته فى لعب دور الوسيط.. هذا الوسيط المحبوس هو الذى سوف يجرجر باقى العصابة.. للأسف أسماء تخض.. لم يرد اسمها «حتى الآن» فى «الرشوة الكبرى».. ولكن من أين لهم هذه الملايين والقصور؟!
عاوزين مصر تنضف بجد.. ننتظر تشريف باقى العصابة.. ننتظر مصادرة أموالهم ليرجعوا «حُفاة» كما كانوا.. «فودة» يعرفهم كويس.. كانوا ضيوفه فى الفورسيزونز.. كانوا يقدمونه فى الصحف والفضائيات.. ينشرون صوره وأخباره وإنجازاته فى زفتى.. عاوزين مصر تنضف بجد.. لا ينبغى أن يكون الوزير أضعف حلقة فى السلسلة.. كل الذين لم يشبعوا ولم يقنعوا ينبغى أن يلحقوه فوراً.. أخيراً سقطت الأقنعة!
فى كل وزارة «عصابة».. فى كل هيئة «عصابة».. فى كل مؤسسة إعلامية «عصابة».. الأخطر أنها تمددت بشكل سرطانى.. كوّنت خلايا عنقودية مع بعضها البعض.. يحمون بعضهم.. يذهبون معاً إلى أى مكان.. «ريحتهم طلعت».. الرقابة الإدارية تعاملت مع الوزير بسهولة.. لكنها من الصعب أن تتعامل معهم.. «فودة» ليس من الإعلاميين.. من الأدعياء.. للأسف صنعوه ونفخوه ليتعامل مع الوزراء طبعاً!
عندما سقط وزير الزراعة قلت: بركاتك يا فودة.. كنت أعرف أنه سيفعل أى شىء.. من تحليلى لشخصيته عرفت أنه لن يقف الأمر عند الوزير صلاح هلال.. قد يُبقى على بعض رجال الأعمال.. عارف ليه؟.. لأن محمد فودة سوف يعود من جديد.. سوف يخرج لأنه وسيط.. مفتاح شخصيته أنه سريع التحوّر.. قد يعود صاحب فضائية.. وقد يعود صاحب صحيفة.. وقد يصبح بعد سنوات نائباً فى البرلمان، كما يحلم!
أكرر «فودة» لا يأكل وحده، ولا يُحبس وحده.. بيان النيابة لا يعنى أن الحكاية انتهت.. المكاسب التى حققها بعض الإعلاميين لا يصل إليها تجار المخدرات.. عُودوا «حفاة» كما عرفناكم.. «تفكيك» هذه العصابة لا يقل عن مكافحة الإرهاب أبداً.. ربما أمسكنا بأول الخيط.. فيه ناس لازم تختفى من المشهد.. الآن وليس غداً!