كتاب 11

10:41 صباحًا EET

توريط الرئيس !

بالنسبة لى، أعتقد أنى حريص للغاية على إنجاح تجربة الرئيس السيسى فى الحكم، وأظن أن كل كلمة كتبتها، منذ جاء هو إلى السلطة، كانت فى هذا الاتجاه، ليس انحيازاً له، كشخص، وإنما للوطن، كوطن، وأظن أيضاً أن كثيرين غيرى يعملون فى الاتجاه نفسه.. ولكن.. ما العمل إذا كنا نفاجأ، بين حين وآخر، بأن الرئيس يكاد يعمل ضد نفسه!

 إننى حزين وأنا أقول هذه العبارة الأخيرة، ولكنى، فى الوقت ذاته، لا أستطيع إلا أن أصارح الرئيس بها، لعله ينتبه، ولعل المخلصين له، ممن هم حوله، ينتبهون بكامل الوعى عندهم!

وعندما يقول كاتب له وزنه، مثل الأستاذ وحيد حامد، إن المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء المكلف، غير مرحب به فى الشارع رئيساً للحكومة، فلابد عندئذ أن ينتبه الرئيس جيداً، وأن ينتبه الذين هم حوله، إذا كانوا مخلصين له فعلاً، لأن كاتباً، مثل وحيد حامد، لا مصلحة له من أى نوع فى أن يكون ضد رئيس الوزراء الجديد، ولا يقول ما صدر عنه إلا تعبيراً عن إحساس صادق يصل إليه من الشارع، وهو إحساس لا يمكن تجاهله فى كل الأحوال!

فما معنى هذا؟!.. معناه بأمانة أن الذى أشار على الرئيس بإقالة محلب فى هذا الظرف، وباختيار «إسماعيل» تحديداً مكانه، لم يكن أميناً معه بأى حال، ومعناه أن الذى أشار على رئيس الدولة بما جرى قد أشار عليه بما يخصم من رصيده الباقى لدى الناس، ليس لأن المهندس شريف رجل سيئ لا سمح الله، فهو وزير ناجح للبترول، ولم يحدث أن أخذ أحد عليه شيئاً، باستثناء علاقته بسمسار الرشاوى فى قضية فساد وزارة الزراعة، وهى علاقة لاتزال بالمناسبة لغزاً، رغم كلام الرجل عنها فى صحف أمس!

والمعنى أن كل الأسباب كانت تدعو الرئيس إلى الإبقاء على «محلب» رئيساً للحكومة إلى ما بعد الانتخابات، مع تعديل بسيط وسريع يطرد كل الذين ثبت أن لهم علاقة غير طبيعية بسمسار الرشاوى!

وحين أقيلت حكومة «محلب» فجأة، وجىء بالمهندس شريف فجأة أيضاً، فإن ذلك كان معناه توريط الرئيس بشكل، أو بآخر، فى اتخاذ قرار لايزال غير مفهوم بالمرة، ولايزال المؤيدون للرئيس، والمحبون له – وصاحب هذه السطور يظن أنه واحد منهم – عاجزين عن فهم القرار، فضلاً عن عجزهم عن الدفاع عنه فى أى محفل!

وكانت النتيجة أننا لم نكسب المهندس شريف وزيراً ناجحاً فى مكانه، ولن نكسبه رئيساً للحكومة!.. وأتمنى من أعماقى أن أكون على خطأ!

وعندما قال الرئيس، فى لقائه مع الشباب، صباح الأحد، إن مواد فى الدستور قد جاءت بحُسن نية، وإن الدول لا يمكن حكمها بحُسن النوايا، لم يدرك الذين تابعوا اللقاء ما الذى بالضبط يقصده الرئيس، وأكاد أقول إنها كانت عبارة توريطية للرئيس، إذا جاز التعبير!.. وهناك أمثلة مشابهة أخرى كثيرة!

هناك إحساس خفى، لدى كثيرين، بأن فى الدولة أشخاصاً وجهات تعمل فى اتجاه توريط الرئيس، فيما يبدد شعبيته التى جاء بها وبما يسىء لتجربته، يوماً بعد يوم، والطبيعى أن يكون فى الدولة مثل هؤلاء الأشخاص، ومثل هذه الجهات، لأننا لسنا فى مجتمع من الملائكة، ولكن غير الطبيعى بالمرة، وغير المفهوم أبداً، وما يعجز العقل عن استيعابه حقاً، أن يستجيب الرئيس لمحاولات وأشياء كهذه بسهولة هكذا، وأن يسمح بها المخلصون له ممن هم حوله بالسهولة نفسها، وألا ينبهوه على نحو ما يجب، وألا يكونوا أمناء معه على نحو ما يريد محبوه ومؤيدوه!

التعليقات