كتاب 11

08:43 صباحًا EET

الفساد …والندرة

ثمة علاقة مؤكدة بين الفساد والندرة ..فدوافع الفساد تتنوع وتتعدد ويبقي البحث في اصولها النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وايضا بواعثها الفطرية( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ولعل دوافع الفساد والنفس الامارة بالسوء تظل موجودة فطريا في الانسان كنتيجة حتمية لمتطلباته الغريزية غير المهذبة التي لم تفلح اساليب التربية والثواب والعقاب واخطاء التنشئة الاجتماعية واخطاء التكوين الاولي للشخصية في ردعها وردها ودحضها ثم تحطيمها علي صخرة الضمير الذي يتكون مع بدايات التنشئة الاجتماعية الاولي والتي لا شك تتصادف وتتصادم مع النشاة المشوهة لمجتمعات تبحث عن نفض غبار التخلف بعد ثبات الرجعية والانغلاق والاستعمار والاستنزاف العام والتقوقع الفكري تحت حصار جيتو من التقاليد المتوارثة غير المتطورة.

لا شك ان الندرة الاقتصادية تلعب دورا محوريا في خلق اساليب جديدة للتغلب علي النقص العام في الموارد وتخلق صراعا حتميا بين افراد المجتمع مما يجعل الفرد سواء كفرد اعتباري او ذو منصب او موقع متحكم يكون فريسة لهذه النزعة التي تتحول رويدا رويدا الي عادة مكتسبة والي معتقد ايديولوجي نفعي كامن في البناء الفكري الهش بطبعة والموجة لسلوك هؤلاء مما ينعكس علي باقي التابعين القابعين والمتمترسين خلف هذا القيادي القدوة.

نعم انني اتحدث عن وقائع الفساد العام في اي مجتمع ولا اتحدث عن وقائع للفساد ظهرت علي السطح خلال الفترة الماضية  سواء واقعة وزير الزراعة او رئيس جمعية محاربة الفساد فهي فقاقيع تظهر علي السطح لما هو قابع وكامن تحت السطح من فساد عظيم علي كل المستويات …ولنتخيل مثلا انواع الفساد الكامن والظاهر في المحليات والجهاز الاداري للدولة وحتي المسئولين الكبار ممن اودعوا في السجون او لم يتم ضبطهم حتي اللحظة نظرا لفسادهم المعقد والملتوي الذي يصعب كشفة نظرا لتطور ادواته حتي اصبح من يمارسه محترفا بفعل تكرار الفعل .

 ان الندرة الاقتصادية  احد اهم اسباب الفساد لذا وجب تقوية عنصر الردع العام او تقوية جهاز الامن وتطوير اساليبة لحماية مقدرات وحقوق المجتمع والدولة والا يترك المجال سداح مداح او يكون حاميها حراميها كما يقول المثل …فالعقاب الرادع هو احد اهم الطرق لمعالجة الفساد والي ان نتحول من مجتمع الندرة لمجتمع الوفرة –وسوف ياخذ هذا وقتا ان حدث –فاننا بحاجة الي شن هذه الحرب الشرسة علي الفساد والفاسدسين ولنبدا بالرؤوس الكبيرة قبل الصغيرة التي تدور في افلاكها –واضرب المربوط يخاف السايب –ولا انكر ان هناك منابع اخري لتغذية الفساد سنناقشها فيما هو آت.

التعليقات