كتاب 11

08:04 صباحًا EET

الإمارات.. مبادئ راسخة ونظرة مستقبلية

يتزامن اليوم الوطني الرابع والأربعين لدولة الإمارات هذا العام مع يوم الشهيد الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، تكريماً لشهدائنا الأبرار وهم يؤدّون مهامهم وواجباتهم في مختلف الميادين.

ويشكل استشهاد كوكبة من جنود قواتنا المسلحة الباسلة، الذين لبوا نداء الواجب إلى جانب أشقائهم في قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، علامة مضيئة في تاريخ دولة الإمارات وفي سجلها المشرف في مختلف الميادين منذ قيامها بقيادة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وتسود احتفالات اليوم الوطني أجواء الفخر والاعتزاز بشجاعة وبسالة قواتنا المسلحة، التي تشكل السياج المنيع الذي يحمي عزة الوطن ويصون مكتسباته وإنجازاته التنموية والحضارية في شتى المجالات.

وإذ تعود بنا الذاكرة في اليوم الوطني إلى جهود الآباء المؤسسين، يشعر كل منا بالثقة والأمل في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.

ولأن اتحادنا يقوم على أسس صلبة، أصبحت الإمارات العربية المتحدة اليوم دولة حديثة يحظى مواطنوها والمقيمون على أرضها بأرقى مستويات المعيشة في العالم، وذلك ضمن أجواءٍ آمنة ومستقرة تضمن تحقيق النمو المستدام وتفتح آفاقاً لا متناهية للمضي قدماً نحو بناء مستقبلٍ زاخر بالفرص الواعدة.

وبفضل الرؤية الاستراتيجية لقيادتنا الحكيمة والتخطيط المستقبلي الشامل، حققت دولة الإمارات الكثير من الإنجازات العمليّة والملموسة على صعيد تنويع الاقتصاد والانتقال به من الاعتماد على الموارد الطبيعية إلى اقتصادٍ قائم على المعرفة وعلى رأس المال البشري الذي يشكل الركيزة الأساسية التي ستمكننا من الاستمرار في ترسيخ مكانة الوطن بين البلدان المتقدمة.

وبفضل توجيهات القيادة، تتبع دولة الإمارات استراتيجية حكيمة تقوم على ثوابت وطنية راسخة وتركز على مد وتعزيز جسور التواصل والتعاون مع البلدان الشقيقة ومع المجتمع الدولي، وبشكل خاص، تتسم العلاقات الوثيقة مع المملكة العربية السعودية الشقيقة بأبعادٍ إضافية رسختها قيادة البلدين الشقيقين على مدى العقود الماضية وازدادت رسوخاً في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، حيث تمثل هذه العلاقات ركيزة أساسية للأمن الخليجي والعربي المشترك، خاصة في ظل مواقفهما إزاء مختلف التحديات التي تواجه المنطقة، سواء بالنسبة لأهمية وضرورة ضمان الأمن والاستقرار الإقليمي، أو مكافحة خطر الفوضى والتطرف والإرهاب، أو فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية التي تركز على التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية كأساس لبناء مستقبل مستدام.

ويتقاسم البلدان العديد من العوامل المشتركة التي تشمل العادات والتقاليد والتراث المشترك، ويضاف إلى ذلك النهضة التنموية في مختلف المجالات والميادين والناتجة عن توظيف الثروة الهيدروكربونية بحكمة واقتدار وعلى النحو الأمثل لخدمة أجيال الحاضر والمستقبل، وتعد التنمية البشرية والاستثمار في الإنسان من أهم العوامل المشتركة بين البلدين خاصة من حيث التركيز الكبير على تمكين جيل الشباب وإفساح مجالات جديدة لهم لبناء مستقبلهم باعتبار أنهم يشكلون أكبر شريحة من الشعب في البلدين الشقيقين.

ويمتلك البلدان نظرة مشتركة تجاه مسؤولياتهما كمنتجين ومزودين أساسيين وموثوقين للطاقة التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي، حيث اتخذت المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الإمارات خطوات ومبادرات عديدة لضمان أمن الطاقة من خلال تنويع مصادرها. ففي عام 2006، قامت دولة الإمارات بتأسيس “مصدر”، مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه للطاقة المتجددة، التي تغطي كافة جوانب سلسلة القيمة للقطاع بما فيها التعليم والبحث والتطوير من خلال معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا؛ كما أطلقت الدولة برنامجاً لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية السلمية، وساهم النجاح الذي حققته مشاريع “مصدر” وإثباتها للفوائد الاقتصادية للطاقة المتجددة في كسب ثقة العالم وفوز دولة الإمارات باستضافة المقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) التي تزاول أعمالها على أرض الدولة منذ عدة سنوات.

وفي المملكة، هناك العديد من المبادرات المماثلة والهادفة إلى تنويع مصادر الدخل والطاقة، بما فيها مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

والقاسم المشترك بين هذه المبادرات هو استثمار الموارد الوفيرة من الإشعاع الشمسي التي تنعم بها منطقتنا والتي تتيح إنتاج الكهرباء بأسعار تنافسية وذات جدوى اقتصادية.

وبما أننا نعيش في منطقة تتسم بشح المياه التي تشكل الشريان الأساسي للحياة، وبما أن تحلية المياه تعد من العمليات ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة، من المهم أن تتضافر جهود البلدين الشقيقين، بل جميع بلدان الخليج العربي، لتعزيز التقدم نحو ضمان أمن الطاقة والمياه. وفي هذا الإطار، باشرت “مصدر” برنامجاً تجريبياً لتحلية المياه بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتم بالفعل البدء بالمرحلة التشغيلية لهذا المشروع.

إن تعزيز الشراكة والتعاون يشكل الضمان الرئيسي لمواجهة مختلف التحديات، وكلنا ثقة بأن العلاقات الوثيقة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، ستشهد مزيداً من النمو والازدهار في مختلف المجالات لما فيه خير ومصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، وذلك في ضوء توجيهات القيادة الحكيمة في كل من البلدين، وتماشياً مع الروابط والجذور التاريخية العميقة التي تجمع بينهما.

وفيما نحتفل باليوم الوطني لدولة الإمارات، فإننا نتطلع إلى المستقبل بكل ثقة وتفاؤل لأن القيادة تخطط للمستقبل واضعة مصلحة الوطن في قمة أولوياتها، ولأنها أرست علاقات وطيدة مع الأشقاء والأصدقاء في المنطقة والعالم، وفي مقدمهم الأخوة في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ولأن أبناء الإمارات مستعدون للذود عنها بأرواحهم من أجل صون أمنها واستقرارها وازدهارها، لتستمر مسيرة البناء والتعمير والتنمية والتطوير.

* وزير دولة – رئيس مجلس إدارة المجلس الوطني

للإعلام لإمارات العربية المتحدة

التعليقات