مصر الكبرى

11:53 صباحًا EET

شعراوي مات يا برادعي !

" الحزب لازم ينضف " .. تلك آخر كلمات لفظها شعراوي قبل أن تنطلق الصرخات في الآذان وتتعاظم الجروح في الوجدان ..ولا أدري لماذا تذكرت كلمات البرادعي حين قال " الدستور عمره ماهينضف !" , وأخذت أتسائل .. هل إستوحي شعراوي حروفه من وحي مقولة البرادعي أم أن الأمر خضع للمصادفة التاريخية ؟

 تسائلت كثيراً وظللت أبحث عن إجابات لدي جميع من كانوا بالقرب من الرجل في ذلك الحين , ولكني إكتشفت مدي سذاجتي حين فاجأني أحدهم .. " وهل تعيد الإجابة شعراوي ؟!" من لا يعلم  شعراوي .. فهو هذا الشاب الثلاثيني ذو الشخصية المتزنة التي تفيض بحماس الشباب وحنكة منتصف العمر .. ذو الأفق الواسع والعقل البارع والعمل الخيري الشافع .. والذي لو حدثته عن آماله وتطلعاته للمستقبل ستجدها جميعاً ترتبط بفتاة أحلامه ذات الشعر الأحمر والوجه الأبيض والملابس السوداء .. تلك الفتاة التي إعتصم من أجلها في الميادين بإنتظار سهام توجه إلي قلبه ليحيا مع معتقداته في مستقبل أفضل لها .. حتي لو بعيداً عنه .. ومن لا يعلم البرادعي .. فهو هذا السياسي رفيع المستوي الذي قرر العودة إلي بلاده ليجد شعراوي وسط شباب مصر في إستقباله .. ثم يتعرض لحملات هجوم شعواء تصل إلي حد رشقه بالزجاجات في الشوارع , ليجد شعراوي وقد وضع جسده كحصن منيع يتلقي عنه الضربات .. ثم يقرر تأسيس حزب فيساهم شعراوي في جمع التوكيلات لإطلاق صافرة البدء .. ثم لا يجد ممولاً جاداً للكيان فيتبرع شعراوي للحزب بالمقر الخاص بمدينة 6 أكتوبر .. للإنطلاق نحو تحقيق الحلم المشترك ..والسؤال الآن .. لماذا يموت شعراوي ؟ يموت شعراوي لأنه شعر بسرقة حلمه من بين يديه .. الفكرة التي بدأت منذ سنوات والتي يتمني أن تكتمل بدونه علي أن يراها تتبدد وهو ناظر لها .. فيذهب شعراوي ليبدي إعتراضه علي التعامل مع أعضاء الحزب كقطيع يسمع ويطيع .. ويرفض فرض قيادات معينة علي أمانات المحافظات والدوائر .. ويتسائل عن كيفية مناداة الحزب بالديموقراطية وهو الذي لا يقوي علي تطبيقها داخل أروقته ومقراته .. ووسط تلك الأسئلة كان يبحث في أعين الجالسين علي الكراسي عن حلمه الصغير .. فلم يحتمل قلبه النقي تداخل الإستفهامات السياسية مع العاطفة الوجدانية ليذهب ويترك وراءه أسئلة لا تجد إجابة .. وحلم لا ينتظر تحقيق ..ووسط هذا التدفق من الأسئلة أود لو يجيبني البرادعي .. كيف يصل الأمر بحزب الثورة إلي هذا المنحدر ؟كيف يا من تمثل الضمير أن تقبل بتهميش من وقف جوارك في لحظات تلاحم الأكتاف والأهداف ؟كيف يتكون داخل كيانك " لوبي" من أشخاص إحترفوا تمزيق الأحزاب في السابق ليتعاملوا مع " الدستور" كعزبة ورثوها وورثوا معها من يحمل راياتها ؟!    وحقيقة .. أنا لا أملك بعد قراءة الفاتحة والدعاء .. سوي إعلان إستقالتي من حبك يالبرادعي .. مستقيل من حبك لأن شعراوي قد مات ! أما عن فقيد الوطن فأقول لأهله وذويه .. هناك من يموت نائماً علي سريره وهو يناهز القرن من الزمان .. وهناك من يموت جالساً في قطار ضحية الفساد والإهمال .. وهناك شعراوي الذي مات واقفاً وهو يحارب الإفساد .. ولله الحكمة في الإبتلاء ونحتسبه عند الله شهيداً ..أما عن قيادات حزب الدستور .. فأقتلوا شعراوي عبد الباقي .. أقتلوه وادفنوا معه ما تبقي من أحلام الثورة وآمالها .. وحذار أن يلحظ أحدهم نظرة تشفي في أعينكم .. وأنتم تذرفون الكثير من الدموع ..
أحمد حمدي    

التعليقات