مصر الكبرى

11:10 صباحًا EET

هل أدّت قطر البيعة

يقودنا تحالف قطر مع تنظيم الإخوان، ودعمها المطلق له، لتساؤل هام وهو، هل بايعت قطر مرشد تنظيم الإخوان

معظم مواطني دول مجلس التعاون مستاؤون من الدور الغريب الذي تلعبه قطر، وهو دور لا زالت الجارة قطر تقوم به في عناد غريب، مع سبق الإصرار والترصد، وهو ما جعلنا نتساءل عن سرّ إقناعها الأميركان بأن الإخوان المتأسلمين هم الرهان، وصرفها البذخي عليهم من أموال، شعبها في أمس الحاجة إليها، واستهدافها غير المبرر لجاراتها من دول مجلس التعاون ودولة الإمارات على وجه الخصوص، وما إلى ذلك من أفعال كتجنيس المشاهير، والعبث هنا وهناك، ودعم فئة على حساب فئة أخرى، وإثارة الفتن والقلاقل، وسعيها المهوس نحو تحقيق العظمة الذاتية عبر زعامة المنطقة، ورغم المواثيق والعهود التي وقّعتها دولة قطر في اتفاقيات مجلس التعاون والتي يفترض فيها أن تتناغم فيها دول الخليج العربي لعزف هارموني متجانس في مختلف المواقع حتى لا يؤكل الآخرون يوم يؤكل ثورهم الأبيض. إلا أن قطر ودون مسوغات واضحة، ودون حتى إلغاء تلك العهود، نكصت بها، وباتت تصادق من يعادي أخواتها دول الخليج العربي الباقية، وتستهدفها محلياً وعالمياً، في إخلال واضح بمواثيق التعاون، وعدم إبداء أية نيّة للرجوع عن هذا الطريق الذي يشوبه الكثير من الغموض، وتدور حوله شكوك تدعمها قراءات منطقية متعددة.
ويقودنا تحالف قطر مع تنظيم الإخوان المتأسلمين، ودعمها المطلق لهم، لتساؤل هام وهو، هل بايعت قطر مرشد تنظيم الإخوان المتأسلمين بيعتهم التي فضحها قياديهم السابق ثروت الخرباوي في كتابه الأخير "سرّ المعبد"، وأيضاً في ندوته التي أقامها مركز المزماة للدراسات والبحوث، في قاعة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك بجامعة زايد في مدينة خليفة بأبوظبي، والتي شرح فيها كيفية البيعة وعقد مقارنة بينها وبين الماسونية. فالقسم على السمع والطاعة في كل شيء ودون نقاش أو تفكير، والثقة المطلقة التي تسبق كل تفكير يجب أن تكون في القيادة، ووصف شكل البيعة بقوله أن من يبايع يدخل في غرفة مظلمة ويجلس على الأرض في مكان فيه منضدة صغيرة أو طبلية، وعلى الطبلية مصحف ومسدس، كرمزين للدين والقوة وتحتهما كلمة "وأعدّوا"، لذلك نجد شعار الإخوان في كل مكان هو السيفان + كلمة "وأعدّوا"، وهي كلمة يجب أن نتساءل بأنها أعدّت لمن؟! خاصة وأن الدعوة الإخوانية كانت تستهدف المسلمين!، ثم يأتي شخص يرتدي قناعا على وجهه، ويجلس على الأرض، والشخص الذي يبايع، لا يدري من يبايع في تلك اللحظات، لأنه يبايع على الموت، وهو ما كتبه الخرباوي في كتابه الأخير "سر المعبد"، والذي قارن بين الإخوان والماسونية، فالقسم على السمع والطاعة في كل شيء ودون نقاش أو تفكير، والثقة المطلقة التي تسبق كل تفكير يجب أن تكون في القيادة.
وأضاف أن البيعة في الإمارات تمت تأديتها بالوكالة! كما كان يفعلها إخوان الإمارات الذين تم تفكيكهم، وينتظرون كلمة القضاء فيهم، بعدما قال فيهم الشعب كلمته بوضوح، واختار قادته من الشيوخ، وفضّل نهضته على ما يراه من نماذج الدمار الإخواني أينما حل، فلو كانت التأدية بالوكالة، ألا يحق لنا أن نتساءل، عن من يمثّل المرشد في البيعة؟!
فلو كان قسم البيعة سببا في عدم رجوع دولة قطر إلى الصراط السوي، فمن حق العلماء الحقيقيين الذين تثق الأمة في فتاواهم، أن يصدروا فتوى حقيقية في الأمر، فلربما صوّر النظام الإخواني لهم عبر عادته الدائمة في تفصيل الفتاوى حسب الطلب الإخواني، أن الرجوع في البيعة كفر، ما سيزيد الأزمة النفسية بتكرار الكبائر القطرية. وهو ما يجعلنا نتساءل عن دور العلماء الحقيقيين في هذه الفترة التي تتعرض فيها الأمة لنكسة كبيرة جرّها الإخوان إليها، وقادوا دون أن يعوا، أنفسهم إلى بداية الانقراض التام في كامل المنطقة، بعدما فشل مشروعهم الذي قاموا من أجله، فحوّلوا شعاراتهم إلى أكاذيب انكشف معظمها، وتحولت دولة الخلافة الافتراضية والتي كانوا يبشرون بها قبل وصولهم كراسي الحكم، والتي تستوجب توحيد البلاد والعباد، إلى النقيض، وبدأوا بشرذمة الأمة والمنطقة، فقسموا السودان، وبدأوا في تقسيم سوريا، ومحاولة تقسيم بقية المنطقة، وحتى في جمهورية مصر العربية بلد المنشأ، واجهوا رفضاً عنيفاً من شعبها بعدما كشف وجههم الحقيقي، وحتى كبار قادة التنظيم الإخواني المتأسلم، الذين أنفقوا عمراً طويلاً في خدمته، بدأوا بالانسلاخ عنه بعدما عادوا إلى أنفسهم وتصالحوا معها، بدءاً بالمليجي وانتهاءً بالخرباوي والساقية لا زالت تدور.
فلم تتمسك دولة قطر بهذه الجماعة وهم بهذه الصفات؟! ولماذا تدعمهم وهي تعلم أنهم جبلوا على الغدر والنكوص بالعهود، وأنها ستكون أول الدول التي سينقلب عليها الإخوان، خاصة بعدما تلقوا تلك الضربات الموجعة من دول التعاون الخليجي، وعلى دولة قطر مراجعة التقارير التي يرفعها لها هذا التنظيم نظير التمويل، وهل تتناسب مع ما تلقاه التنظيم من تلك الضربات؟ وهل فكّرت قطر يوما بأن التنظيم بعدما ييأس من السيطرة على أيّ من دول الخليج، فإنه لن يفرّط في الدولة التي يسيطر أصلا عليها، وأن الدولة لو نجت من شرور جهره، فإنها لن تنجو من سموم سرّه، وفي مصر وسوريا وتونس والسودان واليمن ومصر عبرة لمن يعتبر.

التعليقات