مصر الكبرى

12:37 مساءً EET

لحن الوطن

ميسيسوجا-انتاريو
مارس 2013
في صباحات بلاد الثلج حيث أخذتني أجنحة السفر .. يتألق جليد النهار بشعاعات خجوله من شمس الشتاء .. فاتذكر شمس شاطئ الغردقة في ارض الوطن بانعكاساتها . واتنهد ..اين أنا منك يا وطني . في كل مره تتساقط الثلوج بكثافه في تلك القطعه من الأرض في كندا حيث أقيم الآن .. و أقود سيارتي ضمن جموع الناس .. وحالة النظام الإجباري التي يتبناها الكل سواء رضي أم لم يرضي .. أتذكر لما كان المطر يسقط في أيام الشتاء أحيانا في القاهره .. و ملامح الوجوه وهي مابين اليقين والشك .. حين نعبر الطريق .. فالفوضي العملاقة كانت لتبدو كفيله لو حدثت هنا في بلاد العالم الأول بان توقف مسار الحياه .. ولكن في بلادنا الفريدة … تتحرك كتلة الناس والسيارات وكل وسائل المواصلات كما لو كانت كرات من البلي الزجاجية .. ترتطم أحيانا واحيانا تنحرف عن مساراتها لكن في النهايه تستمر في الحركة .. ابتسمت لهذا الخاطر .. حين قفز الي ذهني .. وأدركت لماذا نحن نملك فرادة متميزه ..في مصر .. نحن شعب يبدو عشوائي النزعة .. لكن بلا شك نحن شعب لا يقنع بالسكون .. أو يستسلم له إطلاقا .. ربما كان هذا أساس صفة الفهلوة فينا .. ان المصري لا يفتأ ان يجد حلولا سريعا .. بل و يعتبر إقراره بعدم المعرفة أو حتي الحاجة للتزود منها نوع من السلبية لا يحبها ويعتبرها قصورا في الشخصيه ، و مع ان هذا في عرف كل علوم الاجتماع الحديث يعتبر نوع من القصور إلا انه أيضاً ان ترسخ بصوره منظمه و بطريقه قابله للتطوير .. يصنع مجتمعا إيجابيا .

في كندا جنسيات متعدده يقولون ربما أكثر من مائه واربعه عشر ، تجنسوا بجنسيتها ..تسمع في شوارع المدينة لغات كثيره و لهجات متعدده .. أحيانا تثير طريقة الكلام انتباهك أما لسرعتها أو لبطئها … و بعد فتره يمكن ان تميز اللغات من بعضها .. بل وحتي الصفات الجسدية للجنسيات المختلفة .. كل هذا يتضح في أيام إجازة نهاية الأسبوع .. حيث الكل مع عائلته الكبيرة أو الصغيرة للتبضع أو قضاء وقتا خاصا .. أما في أيام العمل .. تكاد تظن وان الناس كلها قد تلونت بفرشاه لون واحد .. الجديه .
الروتين اليومي كان مثار سخريتنا أيام دراستنا في الجامعه ومعه نمط موظف الحكومة الذي كرسته أفلام الأبيض والأسود من جهه مواعيد العمل واستخدام المواصلات .. وحتي قراءة الجريده الصباحيه .كنا نظن الحداثه كما تصورها الأفلام الأمريكية الحديثة .. هي الانطلاق والتنوع .. لكن لما تعيش في بلاد أمريكا الشمالية تكتشف ان الروتين اليومي هو ما يضمن سير الحياة بنظام منقطع النظير وان وجود مثل هذا الروتين هو ما يجعل من انضمام المهاجرين الي سوق العمل سلساً و ممنهجاً .. فنري الناتج النهائي مجتمع متنوع المصادر .. غني بالتنوع الإثني والثقافي و مع هذا … متناسق و متماسك في تناغم اقرب الي الموسيقي .. تكاد تسمعها .
ربما حاجة الوطن الي ان يستعيد موسيقاه الخاصه فمصر لها نغم أزلي .. ربما وطني يحتاج الي عازفين مهره .. برؤيه جديده ولكنها في ذات الوقت اصيله لسيمفونية حياة يسمعها الكون كله من بقعة ارض ذهبية بشرائط زرقاء بلون النيل ومياه البحرين .. بقعة ارض سحريه .. ما ان تولد عليها حتي تقع تحت سحرها ورحيق الحياة منها يصبح دماك .. و مجرد ذكرها .. يهز فيك الروح .. و تدفئ ذكري شمسها اعماقك حتي في ارض الثلجرنين سيفين .
 

التعليقات