كتاب 11

11:17 صباحًا EET

إحذر ذاتك الإفتراضية

يعتقد البعض أن العالم ــ الذى خلقته شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعى المرتبطة بها والمحتوى المثبت على وسائطها الإلكترونية والمتحرك داخل هذا العالم الالكترونى ــ يعتقد البعض أنه عالم إفتراضى بمعنى يناقض الوجود أى بمعنى المجاز .. وأن تواجدنا فيه مجازيا يتلاشى فى المجهول وأن شخصياتنا الحقيقية لاتتاثر داخل هذا العالم الافتراضى بإعتبار أن التفاعل الحادث فيه يكون بشكل افتراضى بين شخصيات معظمها إفتراضية غير حقيقية ..

دون أن يعلم هؤلاء البعض أن شخصياتهم الإفتراضية ولو كانت وهمية هى كيانات لها وجود فهى كيانات مؤثرة فى الواقع ويتاثر واقعها بالكيانات الافتراضية الأخرى .. بالنظر لظلها وأثرها على الواقع وعلى واقع الشخصيات الحقيقية .. وهو ما لفت إنتباه المتخصصين فى كافة العلوم الانسانية .. إلى ضرورة ملاحقة علوم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحوسبة السحابية والواقع الافتراضى ..
فتصادفك دراسات فى العديد من دول العالم عن علم الاجتماع الإلى .. وأخرى بعنوان علم النفس الافتراضى .. ودراسات قانونية لقوانين تنظم المعاملات الالكترونية وإتفاقيات دولية لحماية الاطفال على الانترنت .. وورش عمل هنا وهناك وأحكام محاكم ودعاوى منظورة بشأن إشكاليات واقعية هى فى الأصل أثر من أثار الشخصيات الأفتراضية .. من روجت لإشاعات كاذبة أو إنتحلت صفة الغير أو أساءت بالقول أو بالرسوم أو الصور للغير بأى شكل من الأشكال ..
اللافت فى الأمر أن شخصيتك وذاتك الأفتراضية وهى تتفاعل فى هذا العالم الإلكترونى تجسد كيانا قد يعبر عن وجه من وجوه الشخصية القانونية او قد تكون شخصية قانونية مستقلة كالشخصية الاعتبارية .. وقد بدأت بعض الأبحاث القانونية فى الحديث عن التركة الرقمية ( الافتراضية داخل العالم الإفتراضى ) وهو ما يجعل ذاتك الإفتراضية تترك بصمات ومراكز وأثار قانونية .. قد لايلتفت إليها الأن ولكن قد تلمس وتدرك ماترتب عليها من الآثار فى المستقبل القريب ..
هذا من ناحية .. ومن ناحية أخرى لظاهرة سوف تستشعرها بعد قراءة هذا المقال .. وأرجو من الباحثين فى علم النفس والاجتماع وكافة العلوم الإنسانية دراستها علميا وتمحيصها .. هو .. أن التفاعل داخل هذا العالم الإ فتراضى يختلف عن التفاعل عبر وسائل الإتصال كالتليفون والبريد كونها وسيلة إتصال إستثنائية عبر تواصل الحياة الحقيقية وجزء منها بالرغم من إضافة الخيال لواقعها كتخيل الشكل لحظة الكلام وعمل مونتاج بالخيال لواقع الشخصية .. أما التواصل الإجتماعى عبر شبكات التواصل الإجتماعية بشكل فيه تفاعلية بالرغم من إنفصال الشخصيات الحقيقية عن وسائل الإنصال وبقاء الشخصيات الإفتراضية معبرة عنها عبر الشبكة ومتواصلة بشكلها الافتراضى .. يخلق ظاهرة حياتية لحياة وسطية بين الوعى واللاوعى ..
ظاهرة قد تلمحها فى أنك فى تفاعلك فى حياتك الحقيقية يتحكم عقلك الواعى فى فعلك ورد فعلك .. لكنك وأنت حالم فى نومك ينطلق عقلك الباطن ليفرغ شحنات زائدة على العقل الواعى ..
أما فى حياتك الإ فتراضية التى تنطلق فيها الشخصيات الإفتراضية بشكل ما بين تطبيقات العقل الواعى .. وتصريفات العقل الباطن .. كمنطلق.. يظن البعض أنه المجهول والغير مقنن والمرفوع عنه القلم كحكم النائم حتى يستيقظ .. دون وعى أن كل مادون على شبكات التواصل الإ جتماعى حتى ماقمت بإزالته هو مدون وموجود بالفعل فى أرشيفات رقمية لدى الشركات المالكة لشبكات التواصل وشبكة الإنترنت المثبته عليها وأنه قادم لامحالة تقنين هذا العالم وأوضاع تلك الشخصيات الإفتراضية فى عصر العولمة وتكنولوجيا المعلومات ..
هذه الحياة الأفتراضية التى نحياها الآن بين الوعى واللاوعى .. أردت أن أحذر من أثارها القانونية والاجتماعية والنفسية … الخ وأحفز الدراسات الإنسانية نحوها .. لضبط مساراتها .. التى تعيش فى غاباتها الإفتراضية .. التى لم يتم إستكشافها بعد ..
وإلى أن يتم ذلك أقول لك .. تذكر خصوصيتك وإحرص على معلوماتك وعلى تاثرك الإجتماعى والنفسى على الإنترنت ..
و حين تتواصل إفتراضيا وتلحظ كلماتك تسبح بين شاطىء الوعى والشاطىء الآخر لذاتك .. فاحذر ذاتك الإفتراضية

التعليقات