أفضل المقالات في الصحف العربية

08:32 صباحًا EET

ملف الزواج من اللاجئات السوريات.. وطوابير العوانس في مصر!

كثيرة هي المحطات التي استلمت ملف اللاجئات السوريات، و’لجوء’ الرجال المفاجئ للزواج منهن، تحت ذريعة الستر والعفاف.ومؤخرا صارت تقارير الزواج باللاجئات السوريات فاكهة التقارير الإخبارية، على أكثر من محطة أو قناة تلفزيونية فضائية، مثل سكاي نيوز أو فرانس 24 . لكن الملفت للانتباه أن قنوات مصرية على وجه الخصوص، أخذت تهتم بهذا الموضوع، بعدما تبين للجمهور المصري، حجم وعدد الزيجات من السوريات في الأشهر الأخيرة والتي تجاوزت الإثنتي عشر ألف زيجة، في غضون ثلاثة أشهر فقط، حسب تقرير بثته قناة التحرير المصرية.الرقم على ضخامته، يعتبر عاديا إذا ما اخذ بعين الاعتبار نسبة السكان إلى باقي الوطن العربي. ومع ذلك فإن حفيظة المصريين، التي أثيرت بسبب هذا الملف، جعلت من الأمر مفصلا إجتماعيا وسياسيا يجب التوقف عنده.

سرقة مقدرات وطنية !
طبعا سواء في مصر أو الأردن أو لبنان أو غيرها من الدول، التي بدأت التهليل بعناوين ساخنة ورنانة، فإن الأمر للأسف ‘وهذه وجهة نظري’، لم يعد عن كونه جزءا من اتهامات سرقة ‘المقدرات’ التي يحلو للكثيرين أن يتداعوا لها، منذ بدء الأحداث الدامية في سورية، واضطرار مئات الآلاف إلى ترك وطنهم وقراهم وبيوتهم وأشغالهم، ويصبحوا في عداد النازحين الباحثين عن سقف آمن. فللأسف وللمرة الثانية، صار من حكم المطلوب إعلاميا، سواء عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية، أو على صفحات التواصل الإجتماعي مثل الفيس بوك والتويتر، بات من المطلوب الطنطنة لهؤلاء ‘الغرباء’ الذين جاءوا ليسرقوا لقمة العيش وفرص العمل وبيوت الإيجار وأرصفة الطرقات، وأخيرا رجال البيوت! ومع أن الأمر يمكن أن يحتمل بعضا من تلك الأقاويل، لكن جدير بالذكر أن عشرات البرامج الإذاعية والتلفزيونية أيضا، لطالما كانت تدفع بالشباب دفعا للقبول بالعمل في وظائف ومهن، لا ترتقي إلى طموحاتهم التي لا تقبل بأقل من المكاتب المكيفة والرواتب المجزية. طبعا هذا ليس تعميما، ولكنه موجود .. وموجود بكثرة!
العنوسة ليست جديدة علينا!
وأيضا، عشرات البرامج الإذاعية والتلفزيونية، خاصة الدينية والإجتماعية منها، لطالما حضت على التخفيف من أعباء ومتطلبات الزواج، أمام الشباب المسكين الذي لا حول له ولا قوة، يواجه وحده آلة الفقر والحصار الإقتصادي والإجتماعي، ويسعى جاهدا لفتح بيوت صغيرة، تتناسب مع مقدراته البسيطة، لكن بالطبع لا حياة لمن تنادي! فالمهر بالشيئ الفلاني والعرس في الفندق العلاني، وياليت أن يكون المطرب عاصي الحلاني!وأعود وأكرر أن هذا لا ينسحب على جميع الحالات، لأن قصصا نادرة لبعض الأهالي والبنات، الذين تنازلوا عن هذه الشروط التعجيزية، وأقاموا بيوتا ولا أجمل.نعود لسرقة المقدرات إياها فعلى مدار شهرين تقريبا وأنا أراقب أداء بعض المنابر الإعلامية، التي تعزز هذه الفكرة، خاصة فيما يتعلق بالزواج من اللاجئة السورية، والذي إما هو زواج مصلحة وعادة ما يكون سريا لأنه الثاني أو الثالث أو الرابع، حسب الحالة، وإما أن يكون بابا يفتح بابا أوسع لزيادة نسب العنوسة في العالم العربي، ما عدا الجمهورية العربية السورية!طبعا كل هذا حسب الرواية التي تبنتها هذه المحطات. لقد رأيت الأسبوع الماضي في قناة مصرية فضائية، إحدى الضيفات التي جاءت لتحلل هذه ‘ الكارثة’.ولكم عجبت من عِرقها الذي كان ‘سيطق’، بينما كانت تصرخ وتهلل في أثر هذه الزيجات على نسبة العنوسة في مصر ( … ) يا سلام يختي! هذا على أساس أن طوابير العرسان ‘كوام كوام’ أمام بيوتات العرائس، على رأي سوسن بدر في مسلسل ‘عاوزة أتجوز′ والذي تعيد بثه قناة موجة كوميدي هذه الأيام.
ما العمل؟
في المقابل كانت هناك محطات تلفزيونية وإذاعية محايدة، ودعونا نقول ‘غير متضررة’ مثل البي بي سي وفرانس 24، طرحت الموضوع بحيادية تامة، وأظهرت كثيرا من الظلم الواقع على تلك الفتيات، اللواتي أحيانا يكن تحت ضغط الحاجة والفقر والنزوح. كما أظهرت قصصا لفتيات أخريات تعمدن أن يزاحمن قريناتهن العربيات، بجمالهن ودلالهن المعروف عن نساء سورية، وبالتالي كن سببا مباشرا في خراب بيوت كانت عامرة، أو بالإطاحة بحظوظ بنات لا يمتلكن مواصفات معينة، أو حتى ظروفا معينة، تسهل عليهن قرار الزواج السريع!الموضوع شائك جدا حقيقة، لأنه موضوع يتعرض للبنية الإجتماعية والديموغرافية من جهة، ويتأثر بالبنى الإنسانية والحياتية من جهة أخرى. فحجة المتزوج من اللاجئة السورية جاهزة فورا. فإن كان متزوجا أصلا، يتحجج بالسترة على بنات أمته الإسلامية، أو لأنه محروم من الدلال الذي روجت له الدراما السورية في رمضانات سابقة! وإن كان أعزبا، فحجته غلاء المهور ومتطلبات العروس وأهلها، في مقابل رضى الفتاة السورية بالقليل، إلى جانب طبعا السبب الثاني في الحالة الأولى!طيب .. والعمل ؟ هل نسمح بهذا الهجوم الممنهج على ظاهرة الزواج باللاجئات السوريات، وأنا أعترف أنها ظاهرة فعلا؟ أم نعيد ترتيب الأوراق بحيث نضعها على الطاولة ونسأل أنفسنا عن سبب المشكلة الحقيقي، وليس عن العوارض المصاحبة! شاهدت على اليوتيوب قبل يومين فقط، فيديو من إحدى عشرات الفيديوهات التي توثق للظاهرة، وقد آلمني جدا وصف إحدى الفتيات بأنهن أصبحن مثل العارضات في سوق النخاسة، يتعرضن يوميا، لشباب ورجال يدخلون عليهم، بسؤال واحد: بكم أتزوج الواحدة؟! ومن ناحية أخرى، لا ننكر أن خطبات فسخت وعلاقات حب انتهت بالفشل، بعدما صار الزواج من الفتاة السورية أسهل وأقل تكلفة.لا أعرف بالنسبة للرجال المتزوجين، الكبار منهم خاصة، حين يبررون إقدامهم على هذا الزواج بمساعدة أهلنا في سورية، إن كانوا قد سمعوا قبلا عن التبرعات المالية والعينية لتلك الأسر المتضررة، التي لا تؤذي كرامتهم ولا تقترب من عرضهم، ولا تستغل ضعفهم . لكن بالنسبة للشباب غير المتزوج، فلا يمكنني أن أعاتبهم حتى، لأن قصصهم الفاشلة في الارتباط، من بنات جنسياتهم، تقف بالمرصاد!.

التعليقات