كتاب 11

11:06 صباحًا EET

تعايش سلمي

ميسيسوجا ، أونتاريو
اكتب هذا و في ذهني أخبار الوطن مصر .. أخبار عن مواجهات أساسها اجتماعي و اصلها طائفي .. ومض في ذهني ذكري منظر حدث هنا في ارض الشمال .. سألتني السيدة في طابور دفع النقود في المركز التجاري .. انتي عربيه .. اجبتها بابتسامه واسعه مصريه .. فردت ..لا اله الا الله .. ابتسمت .. و رديت .. و كلنا عايشين في خيره .. ضحكت هي .. و قالت لي ..آه طبعا طبعا .. كلنا أخوات .. و مضي كل منا الي سبيله .. ويرن في أذني .. كلنا أخوات .. و بداخلي السؤال .. لماذا بادرتني بتحيه دينيه .. اختباريه .. و هل كان ضروريا ان تعرف ديني لنكمل محادثتنا .. مثلا ..

في الدول المستقبلة لمهاجرين من خلفيات واثنيات متعدده .. تكون قوانين التعايش بين المواطنين .. محدده و مطبقه بحسم شديد .. لان في دولة الموزايك .. لا يجوز ان يكون هناك أطراف غير مترابطة باحكام .. وإلا سيفقد البناء الإنساني رسوخه وثباته ..
فان ثبت ان هناك رئيس في العمل يميز بين موظفيه بناء علي عقائدهم أو لون بشرتهم أو حتي هيئتهم .. يتعرض الي عقوبات شديده و سريعه .. و حاسمه .. لانه بهذا لم يخرق فقط قانون الدوله ولكن لانه ايضا ًأفسد قيمة من قيم المجتمع متعدد العناصر .. الا وهي التعايش .في المدارس منذ الحضانة .. يعلمون الأطفال ماذا تعني كلمة عنصريه .. وكيف ان العنصري هو من يظن نفسه افضل بسبب دينه أو جنسه أو عرقه .. و يبدأ في معاملة الآخرين بناء علي هذا الفهم والظن الخاطئ .. بل و يعلمون الأطفال الفرق بين ان تفخر بتراثك الديني والإثني و ان تتعصب لايهما .. كيف؟  .. بترسيخ مفهوم : هو .. احترام الآخر .. كإنسان .. كامل مثلك .وان الاحترام لابد وان يكون متبادلا .. وان حرية الإنسان لابد من وان يحترمها المجتمع طالما لا تؤذي المجتمع ولا تهدد سلامة الآخرين معنويا وجسديا .
هل هذا يعني انه لا يوجد تحامل عنصري .. بالطبع  .. موجود .الإنسان عموما طبيعته ان ينحاز وان يفتخر بل وان يتحامل بكبرياء علي من يظن هو – وليس بالضروري ان يكون هذا حقيقياً- انه أرقي أو افضل أو احكم أو أكثر تقوي منه .. هذا طبع إنساني عتيق عتق زمان البشر علي أرضنا .. لكن لما يجد الإنسان ذاته ملوماً حتي من أقرب الناس اليه علي هذا السلوك .. أو يجد المجتمع واقفا له بالمرصاد أمام تفعيل مثل هذا الطبع .. و تحويله الي ممارسه .. عندها يعيد حساباته .. وان استمرأ وضعه وزاد في عناده .. سيجد انه ربما سيفقد مكانته الاجتماعيه بل و حتي صورته أمام أولاده وأسرته بل و يجازف حتي بمعيشته  .. لان كل المجتمع حوله بقوانينه .. يشير اشاره واضحه الي فعله بانه ضد التعايش السلمي .. الذي تبني به دول العالم الأول حضاراتها .
ليس للعلم جنسيه أو دين .. و ليس للتطور مكان يتعبد فيه .. وليس للاوطان هويه الا الإنسان الذي يتوطن فيها .
قيمة الحياه في حد ذاتها تعني ان تعيشها .. تعمل ، تحب ، تأكل . و تتعبد الي خالقك .. تتزود من الحق والحب .. و تلتحف بالسعادة التي تجلبها متع الحياه البسيطة مثل نزهه قصيره مع من تحب.. كوب من العصير البارد في صباح حار .. أو قهوه ساخنه في ليلة شتاء .. جلسه مع الأصدقاء في بيتك .. أو في مكان طبيعي .. كلها لا تستدعي الا ان تحب الحياه وتعيشها وتترك الآخرين يعيشوها .. كل يؤدي عمله .. يدفع ضرائبه .. يعيش بدون ان يشغل نفسه .. هل جاري فعل فرائضه ام له فرائض أخري .. و في النهايه ان اختلفنا .. يحكم بيننا قانون لا يتغير حسب تغير القاضي و بتغير اعتقاده .. هذه حياه .
كانت ارض الاسكنديه المصريه .. عروس البحر المتوسط .. تحمل عليها بشر من اثنيات مختلفه .. جعلوها مدينه كونيه صغيره .. في مطلع القرن الماضي .. لتعيد أمجاد مدينة الإسكندرية بمكتبتها العريقة و فنارها العجيب .. وعبق تاريخ ثري بالتنوع .. كانت ومضه .. و مضت .. عاش الناس عليها بسلام .. فنمت المحبه والخير ..  نمت فيها الحياه من ترابها الزعفران … وتعطرت بعطرها الفريد الذي لا زالت بقاياه – وان قاربت علي الاختفاء – تنعش قلب الوطن هل سيأتي يوم علي الوطن .. فيضيف ألوانا مبهجه علي ردائه الذي زاد سواده ؟! أدعو الله ليل نهار .. بأن يشرق شمس هذا اليوم علينا سريعا .اتمني لكم أياما .. سالمه .
 

التعليقات