كتاب 11

10:18 صباحًا EET

مفهوم التكنولوجيا الإلكترونية .. ( تجسيد الإرادة )

لاشك أن عمل سلسلة مقالات لمحاولة خلق نقاش أدبى وعلمى وقانونى .. حول مفاهيم لتكنولوجيا خلقت العالم الإلكترونى .. قد تبدو مغامرة تنطلق صوب المجهول ..ولكن الهدف سيبدو جليا حين تعلم سيدى القارىء .. أن المهندس المدنى والمعمارى فى مصر مازال يتجاور فى نقابة المهندسين مع مهندس الحاسب الآلى ومهندس الإلكترونيات ومهندس الإتصالات .. فى ذات الوقت التى يبحث أصحاب مؤهلات عديدة كالحاسبات والمعلومات وغيرهم من خريجوا مؤهلات أخرى يعملون داخل حقل التكنولوجيا الإلكترونية عن كيان قانونى أو نقابة تضمهم يكون لها إطار قانونى يضبط معيارا لمن يدخل داخل هذا الحقل الذى يجمعهم بمهندسى الإلكترونيات والإتصالات والحاسب وآخرين غيرهم ..

وحين تعلم أن تحديد معايير تجمع أصحاب هذا البناء التكنولوجى الإلكترونى يدعم بشدة خلق صناعة لدينا مواردها البشرية النادرة عالميا ولا تحتاج هذه الصناعة لأموال طائلة وتدر عائدات بمليارات الدولارات ..
وحين تعلم أن تحديد مدلول قانونى للتكنولوجيا ألإلكترونية كمعيار بدقة ميزان العدالة يترتب عليه أثار قانونية وإقتصادية وإجتماعية …إلخ كتحديد صاحب الحق وشخص المسؤول والقانون الواجب التطبيق بل والمحكمة المختصة فى مجالات عديدة كالملكية الفكرية للمصنفات الرقمية وخصوصية وتحديد مفهوم الإبتكار وضبط المنطقة الخاصة بمجلس العقد الالكترونى والتحكيم الالكترونى والإثبات الالكترونى والركن المعنوى للجريمة الإلكترونية …الخ فى وقت تلتبس فيه المفاهيم الآن داخل هذا الواقع الإفتراضى ..
وفى محاولة لإثارة فضول القارىء لمفهوم( تجسيدالإرادة ) الذى ينطوى عليه عنوان المقال أضرب مثالا بماكينة بيع المرطبات التى إشتريت منها عزيزى القارىء (علبة البيبسى) .. وبماكينة الصرف الفورى التى قامت بعمل من أعمال البنوك .. وبنظام المعلومات الذى عبر عن شخصيتك الإفتراضية عبر شبكة الفيس بوك .. من هو الطرف الذى تعاقد معك و أتم معك صفقة بيع البيبسى أو أدى لك العملية البنكية .. أو الشخصية الإفتراضية المسؤولة أمامك مدنيا أو جنائيا ومنطقة القصد الجنائى لديها …الخ
اإعتنقت أراء علمية فكرة النائب الإلكترونى .. الذى يؤدى عمليات فعلية نيابة عن شخصيات قانونية .. وهو مايتعارض مع الفكر القانونى للزوم وجود إرادة للوكيل حتى يمكن مسائلته عن أدائه وفقا لعقد وكالته المبنى على إرادته ..
لذلك أرى لزوما لمناقشة فكرة ( الإرادة المجسدة ) من خلال خصوصية التكنولوجيا الإلكترونية التى جسدت العالم الإلكترونى بشكل يتضح معه أن التكنولوجيا الإلكترونيه هى حاضنة للإرادة التى تعبر عن ذاتها داخل العالم الإلكترونىوأن الإرادة داخل العالم الإلكترونى هى إرادة أصيلة تعبر عن ذاتها .. ولكن الوكالة داخل هذا العالم الإلكترونى هى فى حدود مهمة هذا التجسيد ( البرمجة) فى شكل إتفاقات وعقود إذعان للشركات التى تزودك بهذه التكنولوجيا كبنود الإنضمام لصفحة الفيس بوك التى إستطاعت االتكنولوجيا الإلكترونية التى صممتها شركة فيس بوك أن تخلق تكنولوجيا حاضنة لإرادتك مجسدة لها بشكل يستطيع أن يعبر عن ذاتك داخل شخصية إفتراضية جسدتها تكنولوجيا إلكترونية يتعين أن تتحدد مسؤولية الشركات الصانعة للتكنولوجيا الحاضنة عن هذا التجسيد للإرادة لتكون هى ذاتها كما صدرت من صاحبها ( وهو ما يسمى داخل العالم الألكترونى سواء الإنترنت أو شبكات البنوك …الخ ( بأمن المعلومات ) لذلك تبدو فكرة الوكالة مقبولة بين شخصيات قانونية الشخص طالب الشخصية الإفتراضية والشركة الوكيلة عنه أو المزودة معها لخدمة التجسيد لإرادته المعبرة عن ذاتها داخل هذا العالم الإلكترونى ..
وحتى يمكن قبول ذلك لك أن تعلم عزيزى القارىء أن خصوصية التكنولوجيا الإلكترونية هى ( أن نواة العلم ونواة التكنولوجيا فيها يولدا معا فى لحظة ميلاد واحدة هى لحظة التجسيد ).. ( إندماج العلم والتكنولوجيا ) داخل حقل التكنولوجيا الألكترونية ..ولبيان ذلك فالكل يعلم أن كلمة تكنولوجيا على إطلاقها هى التطبيق العملى للنظريات العلمية كتطبيق نظرية الطفو إلى سفينة .. هذه التكنولوجيا بدأت قديما وانطلقت رحلة تطورها مع بداية تاريخ الانسان حال صراعة مع الطبيعة ومحاولة التكيف والبقاء من خلال تطويع موارد الطبيعية وإستغلالها لإشباع حاجاته مرورا بمراحل كثيرة أنبا عنها التاريخ ـــــــــــــ كما أنه لاشك أن التامل والتفكير والعلم كان على مر العصور سابقا للتكنولوجيا بخطوات بدأت واسعة سعة الفارق بين الفترة الزمنية التى يحتاجها الإنسان للإنتقال إلى الفكرة المجردة وتلك الفترة التى يحتاجها إلى الانتقال للمحسوس ومحاولة تطبيق هذه الفكرة وإنتاجها لتصل أرض الواقع ..و لكن بالرغم من هذه الحقيقة المنطقية التى يبدو معها أن العلاقة بين العلم والتكنولوجيا بدأت تبعية إلا أن تطبيق التكنولوجيا للفكرة العلمية على مر التاريخ أثبت أن هذه العلاقة لم تكن على هذا النحو بشكل مطلق فتطبيق الفكرة واقعيا اما أن ينتهى الى التطابق أو التشابه الذى لايخلو من تحوير الفكرة بفكرة بسيطة أثناء التطبيق ــــــــــــ لذلك فلقد عبر عالمنا الجليل د/ احمد زويل عن هذه العلاقة فى كتابه الرائع عصر العلم صـــــ 212 بقول سيادته ( ان العلم يخلق التكنولوجيا وهى تدفعة ثانية للتطور وكلاهما لا يوجد على نحو مكتمل الا فى مجتمع علمى ) ولهذه العبارة دلالات كثيرة فهى عبرت عن وصول حركة التاريخ بين العلم والتكنولوجيا الى مرحلة قاربت على الاندماج فى قلب عصر جديد له معطياته الجديدة هو عصر العلم وما يترتب على ذلك من نتائج خطيره أنه لا سوق لعمل يخلو من بناء كل خطوة فيه على اساسها العلمى المرتبط بتكنولوجياته وأن الفكرة العلمية المجردة وإن لاقت تقديرها العقلى والادبى إلا أن إستغلالها الاقتصادى قد يستحيل اذا لم يواكب نمو الفكرة تجسيدا لها فى الواقع ) وهو الحادث داخل العالم الالكترونى التى توحدت وتجسدت فيه التكنولوجيا هى وعلومها فى ان واحد أستطاع أن يجسد الإرادة الواقعية لتعبر عن ذاتها داخل ما يسمى بالواقع الإفتراضىقد يبدو للبعض أن هذا الجدل عقيما بعيدا عن البحث الأكاديمى .. فى ذات الوقت الذى خلقت فكرة التجسيد اللحظية هذه شبه إستحالة للباحث من اية جانب أن يرى حقيقة هذا العالم بوضوح .. إلا من خلال رؤية لحظة التجسيد والميلاد..فصانع تكنولوجيا المعلومات يرى سيل الكترونياتها وبرمجياتها وكهرو مغناطيسياتها وحركة التجسيد التى جسدتها اندماج العلم والتكنولوجيا لكنه لايرى الأثر القانونى او الاجتماعى او النفسى او الاقتصادى او السياسى او غير ذلك وكذلك لايرى اى دارس لعلم انسانى حركة هذا العالم الكترونيا ولا يستطيع رصد حركة الاشخاص او الاموال او تفاعل الإرادات ورصد كل علاقة تترك اثرسياسى أو اقتصادى او قانونى او اجتماعى ……..الخ دون أن يلتقى مع شهود العيان لهذا العالم وتنتقل اليه ثقافة من هم فى حقل صناعة التكنولوجيا ..ولن يتأتى ذلك دون خلق هذا الجدل الذى أرجو من الله أن تنتهى أطراف أغصانه مثمرة

التعليقات