كتاب 11

11:13 صباحًا EET

سيادة الدولة على فضائها الإلكترونى

بالرغم من صغر الحيز المادى الملموس الذى يشغله هذا العالم الالكترونى الذى يبدأ عند أطراف أصابعك حال كونها تلامس لوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر الخاص بك ويتسع فقط لسنتيمترات بين ناظريك وبين شاشة هذا الجهاز..

إلا أن الواقع الإفتراضى لهذا العالم الإلكترونى يتسع لملايين الأميال عابرا للقارات والمحيطات صاعدا فى الأفلاك..
هذا الواقع الافتراضى يفوق الواقع المادى فى قدراته فى التنقل عبر هذه الأميال قبل أن يرتد إليك طرفك ويفوق المجرد فى مخيلةالعقل ـ ( التى يمكن أن تجوب الدنيا فى لحظة فكر ) ـ فى كون أنه محسوس تدركه الأبصار وتسمعه الآذان وروابطه الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والعلمية والسياسية ذات أثر ملموس إبتداء بالتلاقى المرئى المسموع فيه والتسوق والإنتقال الرقمى للنقود واصلا لأيادينا عدا ونقدا مرورا بالتعليم والتثقيف ومنتديات الحوار والجدل السياسى المتجسد أثره ماديا بميدان التحرير اعتبارا من 25 يناير 2011 وحتى تاريخه..
ولا شك أن مسألة سيادة الدولة على أراضيها وفضائها الجوى ومياهها الإقليمية مسألة تهم كل شعب .. إلا أن فضاء جديد يخص الوطن ويمر بسائر أراضيه وفضائه الجوى ومياهه الإقليمية دون أن يكون خاضع للسيادة الكاملة للدولة .. هو الفضاء الإلكترونى ..
وبرغم أن شبكة الإنترنت التى بدأت أمريكية محلية قد إنتهت عنكبوتية دولية خالقة عالما إفتراضيا جديدا لايعرف الحدود الجغرافية أو تأشيرات المرور .. إلا أن ذلك لايمنع من الإعتراف أن هناك أثار محلية لهذا العالم تتجسد فى الواقع وتؤثر فى واقعه السياسى والقانونى والاقتصادى والإجنماعى والثقافى …إلخ .. كما أن ذلك لايمنع أيضا من الإعتراف بأن هذا العالم تسيطر على حدوده وحركة السير فيه وإدارة محتواه وجغرافيته وتاريخه الرقمى بضع شركات أغلبها أمريكية ..
وعندما تعرف أن الحوسبة السحابية التى تخلقها هذه الشركات العملاقة .. لتسمح للأفراد والشركات أن تعتمد على مخازنها الرقمية وحوسبة شبكاتها بشكل يرفع عن كاهلها عبء إقتصادى أذا ما إعتمدت على حواسيبها الخاصة ..
وعندما تعلم أن سيل المعلومات الخاصة بعالمنا الواقعى ينتقل إلى هذا العالم الإلكترونى وحوسبته السحابية .. وأن هذه الشركات العابرة للقارات تستثمر بشكل متزايد فى مجال هذه الحوسبة السحابية التى ينتقل عالمنا الواقعى إليها بسرعة مكوك ناسا فى الفضاء ..
فإن الإمر يستلزم النظر بعناية أكثر منه إندهاش .. وبدراسة عصرية أكثر منه ردة الى الماضى والتخلف عن ركب الحضارة ..
هناك إشتباك حقيقى داخل هذا العالم الإلكترونى بين ماهو محلى وما هو إنترناشيونال وهناك سيطرة زمام بشكل إحتكارى للشركات العملاقة وإتفاقيات دولية وخاصة أنضمت إاليها دول وكيانات عامة وخاصة تكبل يد السيطرة المحلية وسيادة الدولة ..
ولقد كان حكم محكمة القضاء الإدارى بحجب موقع اليوتيوب لمدة شهر وإشكالية تنفيذه خير مثال على عدم وضوح هذه الإشكالية إشكالية سيادة الدولة على فضائها الإلكترونى ..
لم أكن من المحبذين لصدور مثل هذا الحكم .. ولكن تبقى مسألة سيادة الدولة على فضائها الإلكترونى أمر ماس بالإعتبار وبالأمن القومى .. يستدعى من يسبق العصر بخطوة بدلا من الإرتداد خطوات ..
كما اننى لا احبذ أيضا عمل سور نارى عظيم كالتى أحاطت به الصين فضائها الإلكترونى معتمدة على تعدادها فى جبر الشركات العملاقة التى تود الإتصال بهذا الجمهور الشاسع أن تنفذ لها رغباتها كما يريد حكامها ..
نرغب أن نبقى دائما على خريطة العالم ونحتل مكانتنا داخل فضائه الألكترونى .. ولكن نرغب أيضا فى أن يكون كل مقيما على أرض الوطن مصريا كان أو غير مصريا خاضعا لقانون الوطن حتى وهو فى فضائه الإلكترونى ..
وأن يكون كل أثر متجسدا فى الواقع يستطيع أن يخضع ناشئه للمسؤلية ولو كان الفعل المنشىء لهذا الأثر قد تم داخل هذا الفضاء الألكترونى .. طالما كان للشخص المنشىء لهذا الأثر موطنا داخل الوطن .. سواء كان شخصا طبيعيا أو إعتباريا ..
وكنت قد تقدم بإ قتراح خدمة توثيق الشخصيات الإفتراضية داخل العالم الإلكترونى فى المسابقة التى عقدتها شركة جوجل مصر فى منتصف 2012 .. حتى نتمكن من الحد من الآثار السلبية لهذا العالم .. ولتوفير فرص عمل من خلال أسطول التوثيق للشخصيات الأ فتراضية داخل العالم الإلكترونى المتمثل فى مؤسسات عديدة صغيرة يفترض أن تمنح ترخيص مزاولة ذلك تحت رقابة فنية وقانونية من هيئة تنمية الصناعة والتكنولوجيا المعنية بترخيص إنشاء التوقيعات الإلكترونية .. المفترض وفقا لهذا الأقتراح أن تمنح لمؤسسات صغيرة لتقديم هذه الخدمة توثيق الشخصيات الأفتراضية والتحقق من واقعها على مسؤليتها .. بعد عمل اتفاقات بين الهيئات العامة المعنية وبين الشركات أصحاب شبكات التواصل الاجتماعى كالفيس بوك وتويتر
فى لحظة ما شعرت أن ذلك الإقتراح ترفا من القول .. من الصعب تحقيقة فى الواقع .. لكن بعد شهور فوجئت بصدور قانون فى روسيا يفرض على شبكات التواصل الإجتماعى أن لا تتصل بفضائها الإلكترونى الا اذا انشات سجل لتوثيق الشخصيات التى تتواصل داخل فضائها الإلكترونى .

التعليقات