كتاب 11

08:16 صباحًا EET

إختفى النيل الجميل من دمنا

لا يغيب عن نظر أحد فى مصر .. منظر الإنخفاض الملحوظ فى منسوب مياه النيل وفروعه المتشعبه داخل جسد الاراضى المصرية والتى تشبه شرايين الدم التى تغذى كيانه ,, حتى يرى الناظر للمشهد حجم ألأزمة او الأزمات الوليدة عن هذا المشهد

وكلما تطالع قراءات عن أزمة النهر تعلم أن النسبة العظمى من مياه النيل تأتى من أثيوبيا ــ وأن سد النهضة التى تقيمه أثيوبيا ليس الغرض منه إقتطاع حصة من المياه لأثيوبيا .. فما يجرى فى النهر من الأمطار المتساقطة على هضبة الحبشة هو أقل بكثير من المهدر بمستنقعاتها ويحتاج لتكنولوجيا عالية لترويد الطبيعة لتصب فى النهر الذى من الممكن أن تتضاعف حجم مياهه حين ذلك.. لكن ماتريده أثيوبيا هو توليد الكهرباء ..
لكن إسرائيل تحاول فرض النفوذ فى منطقة الشرق الأوسط عن طريق الضغط على كل دول المنطقة .. عن طريق تضييق مسار التفاوض وإختزاله فى صراع بين حق أثيوبيا فى نهضة صناعية وبين حق مصر فى النيل وفقا للقانون الدولى .. حتى تتمكن اصابع اسرائيل الخفية أن تدعم اثيوبيا تجاه مصر خالقة صراع تستفيد منه كورقة ضغط على مصر تصرفها عن المساندة للقضية الفلسطينية وتهدم دورها الريادى فى المنطقة .. ثم تستفيد هى من وفورات المياه بالأراضى الأثيوبية عن طريق إستثمارات زراعية ضخمة كانت أولى بها مصر (بوابة النور لإفريقيا ) وصاحبة الأيادى البيضاء عليها وصاحبة الحق الطبيعى والتاريخى والقانونى والإنسانى فى هذا النهر وفقا لعدد سكانها ..
لكن المشهد القاسى على الذات هو هدوء الجسد والكيان المصرى بالرغم من انسحاب الدم من شراين ذاته ..كنت أظن ان تخلق الحكومة وزارة لأعالى النيل تحمل هذا الملف بحيث ينتبه وزير الرى والموارد المائيه الى مياهه وموارده المائية داخل الحدود .. أما خارج الحدود ومورد النهر العظيم يلزمه وزارة ونظارة مستقله يكون ناظرها عضوا اساسيا بقوة القانون فى مجلس الأمن القومى لينسق معه فأمن النهر أهم من أمن الحدود فما بال الحدود اذا باتت بغير حياة ..
والمشهد الأقسى على الذات هو إنسحاب النهر خلف أنسحاب ألإحساس الرسمى و الجمعى للشعب به ومدى الإرتباط النفسى معه الذى عاش وثيقا على مر التاريخ وكان النيل دوما وفيا لهذا الارتباط فكلما كان الإرتباط بين أبناء الوادى وثيقا وكانت دمائهم التى شربت منه نقية كلما كان النهر وفيا لهم ..
وأستدعى فى هذا المقام أبيات ( الحدود ) لعمنا الجميل ا/ عمر بطيشة التى جسدتت مشهد النيل داخل الكيان المصر والذى عبر عن مشهد عشته انا شخصيا مرات عديدة لحظة فراق النيل من الأفق ونحن فى طريقنا الى بلاد الغربة
وإحنا فايتيين عالحدودمستمرين فى الصعودإختفى النيل الجميل من تحتناو المدن و الريف و اول عمرنا***وإبتدى شئ ينجرح جوا الوجودو إبتدينا أسئله مالهاش ردودملنا عالشباك نخبى دمعه فرت مننا
فما بال إحساسنا بالغربة داخل الوطن مع الجمود الرسمى والشعبى التى تراه حيال أزمة إنسحاب مياه النيل الجميل .. لتستشعر أن الأزمة ليست إختفاء أو إستحالة الحلول لأزمة مياة النيل ..
ولكن الأزمة الحقيقية هى الحالة الوطنية الخطيرة ( جمود الإحساس الرسمى والشعبى بالنيل الجميل ) والتى تستدعى أن ندق ناقوس الخطرالأزمة الحقيقية هى حالة الغربة داخل الوطن غربتنا نحن أو غربة النيل داخل وطنه ..هى حالة إختفاء النيل الجميل من دمنا

التعليقات