هل نزع العريان ورقة التوت عن الإخوان؟

كي نرى الصورة كاملة نحتاج أن نكف عن الإغراق في التفاصيل ونتراجع لبضع خطوات. نحتاج أن نكف عن رد الفعل الغاضب مهماً كان استفزاز العريان. لم نعد نملك ترف المواربة والحياة في اللون الرمادي، فأمريكا تدق طبول الحروب الطائفية والمذهبية في المنطقة كي يهمن الكيان الصهيوني على شرق أوسط جديد أكثر تفتتاً. كل السيناريوهات مطروحة وممكنة، وسأحاول أن أعرض أكثر السيناريوهات قتامة من وجهة نظري، على أمل أن نتمكن من تفاديه.
بالأمس، قطع مرسي العلاقات مع النظام السوري "الشيعي" واليوم يستفز العريان الإمارات ضد إيران "الشيعية"، ضارباً في الوقت ذاته العلاقات المصرية الإماراتية بحكم منصبه في البرلمان. فهل إيران هي المستهدفة فقط من هذه الهجمة الإخوانية؟ بالقطع من مصلحة اسرائيل جر إيران ومصر والخليج للإقتال على أرض عربية "سوريا" التي أصبحت بفضل حماقة النظام السوري وجشع التنظيم الدولي للإخوان مرتعاً لصراع القوى الكبرى في العالم ونقطة جزب للتيارات الإسلامية المتطرفة. فلم نجد أياً ممن يرفع راية الجهاد ضد النظام السوري القمعي قد حاول التسلل إلى تل أبيب مكتفين بالجهاد الحنجوري ونعت اليهود بالقردة والخنازير مقلبين العالم ضد كل ما هو مسلم؟ فمن المستفيد؟ من المستفيد من كره الإسلاميين الأعمى للشيعة وجرهم في حرب مع مسلمين مثلهم، حتى وإن كانوا من مذهب مختلف؟ هل إيران هي عدونا الأول؟ هل من مصلحة مصر ومصلحة الخليج أن يتم تقليم أظافر إيران كقوة عسكرية؟
لقد عرى العريان الإخوان ونزع عنهم ورقة التوت التي كشفت دعمهم لأمريكا والكيان الصهيوني. ولكن إلى أي مدى قد يصل الإخوان في سبيل الحفاظ على السلطة؟ إلى أي مدى سيظلوا ينفذون، عن عمد أو عن حماقة، مخطط تقسيم المنطقة؟
هل العريان من الغباء بحيث أنه لا يدرك ردود الأفعال الغاضبة التي ستثيرها تصريحاته؟ لا أعتقد. ما قد نراه غباءً وفشلاً قد يعتبره الطرف الآخر قمة في الذكاء، فقبل نعت الطرف الآخر بالغباء ينبغي معرفة الهدف الذي يسعى إليه. قال العريان ما قاله في إطار دفاعه عن الإخوان المحتجزين في الإمارات وبالتالي فهو أمام شباب جماعته بطل لا يعبأ بأي هجوم قد يتعرض له للدفاع عن جماعته. يدرك الإخوان أنهم لا يستطيعون العمل سوى في الظلام وأن الاستمرار في الاحساس بالخطر هو الذي سيضمن لهم الطاعة العمياء من شبابهم. وفي الوقت ذاته، فإن تصريحات العريان تصب في مصلحة تأجيج الحرب السنية الشيعية التي تسعى أمريكا واسرائيل لتفجيرها، فلا يجب أن ننسى رحلة العريان لأمريكا وتصريحاته السابقة عن عودة اليهود إلى مصر، عقب عدة أسابيع من لقاء نتنياهو مع اليهود في أمريكا ووعده لهم باستعادة حقوقهم. يجب أن نرجع للخلف كي نرى الصورة كاملة ونستشرف ما قد يأتي به الغد.
فبماذا سيأتي الغد؟ وإلى أي مدى قد يصل الإخوان في ظل رعبهم من 30 يونيو القادم وإداركهم أن حكمهم قرب من الانتهاء؟ هل يدرك الإخوان أنهم سيكونوا أول من ستضحي به أمريكا التي ترغب أن تقضي على مصر تحت شعار القضاء على الأرهاب كما قضت على العراق تحت شعار القضاء على الأسلحة النووية؟ أمريكا تحتاج أن يصل لحكم مصر من هم أكثر تطرفاً من الإخوان بعد أن يؤدوا دورهم بحماقة أو بخيانة منقطعة النظير. فهل يفيق الوطنيون في جماعة الإخوان إلى أنفسهم أم يستمروا في تعنتهم؟
طظ في مصر! قالها مرشدهم السابق.
وطظ في إيه وفي مين كمان؟
إلى أي مدى قد يصل الإخوان كي يظلوا في الحكم؟ أي باب صراع آخر يمهدون لفتحه؟ أي نار فتنة جديدة يحضرون لها كي يؤكدوا بحماقتهم الصورة التي يروج لها العالم الغربي بأن مصر أصبحت دولة راعية للإرهاب؟
أعتقد أن الخطوة التالية ستكون إحداث فتنة داخلية: إسلامية – مسيحية. وللنجاح في ذلك يحتاج الإخوان أن يقوموا بأعمال تستنفر الاحزاب الاسلامية والتيارات الجهادية ضد المسيحيين. فهل يضحون بأحد أعضائهم؟ هل نتوقع اغتيال لشخصية إخوانية؟ هل قد يصل بهم الأمر لدرجة اغتيال رئيس الجمهورية وإلصاق التهمة بشخصية مسيحية أو من صفوف المعارضة؟ هل قد يقوموا بحرق وتدمير بعض مقارهم أو مساجدهم لتبرير ما يرتبون له من عنف؟ هل توجد في مصر عناصر غير مصرية، من حماس على سبيل المثال، ستقوم بأعمال تخريبية لا يجب أن يعلمها شباب الإخوان حيث أنهم سيكون منوط بهم القيام بردود أفعال عنيفة ؟ بمعنى، هل من الممكن أن تقوم عناصر غير مصرية بضرب كنيسة ويتم الصاق التهمة بالاخوان فيهب شباب الاخوان للدفاع بعنف عن قيادتهم؟ لنتذكر الاقتتال الذي حدث منذ عدة سنوات بين المسلمين والمسيحيين عقب عرض فيلم في كنيسة. قد يحدث أيضاً نزع الفتيل من تيارات مسيحية متطرفة. هذا أيضاً أحد السيناريوهات الممكنة.
المعارضة متمسكة بسلمية مظاهراتها ولكن إلى متى ستظل كذلك في ظل حالة الغضب والحنق الشعبي المتزايد وفي دولة أصبحت مرتعاً لأكبر قوة في العالم؟
الأهم من تصريحات العريان هو معرفة ماذا بعد تصريحات العريان؟