الحراك السياسي

10:55 مساءً EET

الإعلامي عمرو عبد الحميد يكشف: العريان طلب 5 مليارات دولار كوديعة إماراتية مقابل إنهاء التوتر بين القاهرة وأبوظبي

لا تخلو حارة شعبية في مصر من أفراد يمارسون ما يسمى ( جَر الشَكَل)..أي التحرش اللفظي وأحياناً العضوي بآخرين بهدف يتراوح بين الإستفزاز والابتزاز.الحارات السياسية تمتلأ أيضاً بمحبي ( جَر الشَكل ) الذين لم تفلح بدل وقمصان بيير كاردان وساعات الرولكس ولا حتى اللحى الطويلة وذبيبات الصلاة في جعلهم يختلفون  ولو قليلاً عن فتوات الحواري الشعبية.

من هؤلاء القيادي الإخواني د.عصام العريان الذي خالف توقعات من رشحه ليكون رجل دولة في نظام الإخوان، واختار ( أو اختير له )  أن يصبح مجرد فتوة للجماعة! ليست المرة الأولى التي أراد فيها د. العريان ممارسة (جر الشكل ) مع دولة الإمارات، لكن تصريحاته الأخيرة حملت من الإساءة ما جعل كثيرين من مختلف أطياف الشعب المصري يشعرون بالإستياء والخجل، بمن في ذلك شخصيات من أحزاب دينية. بالطبع لن يجهد المرء نفسه في فهم سبب تلك الإساءة الأخيرة..فالتوقبت يكشف بوضوح أنها تأتي إستكمالاً لبحث الإخوان المسلمين عن عدو خارجي قبل 30 يونيو. وكما في كل مرة تصدر عن العريان إساءة لشخصية ما أو لدولة ما، أو تصريح غريب على شاكلة دعوته اليهود للعودة إلى مصر، يخرج علينا قادة من الجماعة ليعلنوا  أن ( نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان ) لا يمثل رأي الحزب!.. تبادلُ أدوارٍ مفضوح لا ينطلي على عاقل.أعترف أن درجة الإساءة هذه المرة دفعني لأكشف واقعة لم أكن أريد كشفها ،يشهد الله سبحانه وتعالى عليها ،وكفى به شهيدا ، إن أنكر الدكتور العريان .
في يوم 5 ديسمبر  من العام الماضي كنت في مهمة عمل بالقاهرة واتصلت هاتفيا بالدكتور العريان للإتفاق على إجراء مقابلة خاصة، وقد رحب بذلك كعهده حين كان ضيفاً دائماً على تليفزيون بي بي سي عربي وقت مسؤوليتي عن مكتبه في مصر (  أعوام2007 إلى 2010 )..حينها كان الدكتور العريان يقدر لي ما أتعرض له من سخافات ومضايقات أجهزة النظام السابق ،إذ كنت أؤدي مع زملائي بالمكتب واجبنا المهني بإستضافة كافة ممثلي المشهد السياسي ،بمن في ذلك قادة جماعة الإخوان المسلمين، بقدر  مساوٍ مع نصيب ممثلي الحزب الوطني الحاكم آنذاك.
بعد إجراء المقابلة مع الدكتور العريان جرى بيننا حديث ودي، وهنا مربط الفرس. تطرق الرجل  إلى توتر  العلاقات بين حكومتي مصر والإمارات،فسألته: هل من مصلحة نظام وليد جاء بعد ثورة شعبية الدخول في عداوة مع دولة وقفت معنا هي ومؤسسها وقيادتها  الحالية في العديد من الظروف الصعبة؟..رد بلهجة جادة: من الممكن أن نتجاوز  كل المشكلات بشرط واحد. سألته : ما هو ؟ ..أجاب: أن يضع الإماراتيون 5 مليارات دولار في خزينة البنك المركزي المصري!..فوجئت برده  ولم أعلق..كانت الحكومة المصرية حينها قد بدأت التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض تقترب قيمته من المليارات الخمس التي جعلها الدكتور العريان ثمناً لكف أذى جماعته عن دولة الإمارات !..في تلك اللحظة تذكرت مقال المفكر الدكتور مأمون فندي ( الإخوان والتنقيب عن النفط ) المنشور في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 1 أكتوبر 2012 ، عن طموح الإخوان في الإستيلاء على الحكم في دولة خليجية غنية، ليحققوا حلم إقامة دولة الخلافة، ما دامت الدول التي وصلوا للحكم فيها بعد ركوبهم موجة الربيع العربي مثل تونس ومصر فقيرة ومحدودة الموارد. بعد لقائي مع الدكتور العريان جرت في النهر مياه كثيرة، ومع مرور الوقت زادت قناعتي أن فشل الإخوان في إدارة الدولة سياسيا وإقتصاديا وأمنيا سيفقدهم صوابهم تدريجياً، وسيجعلهم يفتشون دائماً عن أعداء في الداخل والخارج ..كل ذلك يبدو متوقعاً ،لكن الغريب أن (جر الشكل ) أصبح وكأنه بديل سهل عن مشروع النهضة الذي روج له الإخوان قبل وصولهم للحكم، واكتشف الجميع أنه سراب، تماماً مثلما اكتشفوا أن قادة الجماعة لا يحملون الخير لمصر كما تقول دعاياتهم بل شروراً بدأت بإنقسام المجتمع إلى مصريين وإخوان ،ولم تنته – للأسف  ـ عند ذلك الحد.
أخيراً يتبقى سؤال أرغب في طرحه على الدكتور العريان من وحي نجاح سياسة ( جر الشكل ) مع رجل الأعمال نجيب ساويروس، الذي عاد إلى مصر و بسط له الإخوان السجادة الحمراء ، وزيادة في الكرم الإخواني أرسلوا مندوباَ من رئاسة الجمهورية لإستقباله في مطار القاهرة، بعدما غضوا البصر عن قائمة إتهامات معتبرة لم يتبق سوى أن يدرجوا فيها مسؤولية ساويرس عن مذابح الروهينجا..سؤالي إذن : هل كنت ستجر شكل الإمارات يا دكتور عصام لو كانت وضعت ال5 مليارات دولار في خزانة البنك المركزي المصري؟

التعليقات