كتاب 11

01:17 مساءً EET

رعد الشمال

ما هي الخيارات المتاحة للوصول بملفات مثل  سوريا واليمن، وليبيا إلى عتبات حلول سياسية قابلة للاستدامة دون عمل عسكري مباشر ذَي قدرة على إحداث تغيراً جوهريا على أرض واقع الدم والعبث، ولو بشكل نسبي قد يفضي إلى إطلاق مرحلة فرض الاستقرار السياسي.

أيها السيدات والسادة هذا هو السؤال الأول والأخير قبل أن يفتي أحدنا في أمر الموافقة أو رفض القرار السعودي بالتدخل في سوريا برياً “ضمن قوات دولية”، والتي قد تكون هويتها إسلامية حال فشل مجلس الأمن في إصدار قرار تحت البند السابع مجيزاً التدخل العسكري، عندها يستوجبنا الدم أن نتدخل لدواعٍ إنسانية.

التكلفة الإنسانية في سوريا تجاوزت كل اعتبارات السياسية، وكلفة القرار العسكري مهما ارتفعت الآن فإنها لن تكون بكلفتها المستقبلية سياسيا أو إنسانيا. ويجب إدراك أن الرأي العام العالمي يتوقع منا أن نضطلع بتلك المسؤولية المباشرة في فرض الاستقرار في منطقتنا، لأنه مل سماع شكوانا منذ 1948.

ويمكننا تلمس ذلك الموقف جلياً بقبوله تدخلنا في اليمن تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم 2216 بطلب من الشرعية اليمنية. أما من حيث مفاضلة نتائج الجهد المبذول بين عاصفة الحزم في اليمن والتحالف الدولي ضد داعش في العراق و سوريا، نجد أن قوات التحالف العربي على بعد 50 ميلا من القصر الجمهوري في صنعاء، وأن أعمال الإغاثة وإعادة تأهيل البنى التحتية في اليمن هى أفضل حالا من العراق رغم اختلاف طبوغرافية البلدين وإمكانياتهما المادية.

أما من أراد قياس حجم الضغوط (الانسانية، الأمنية، السياسية، الاجتماعية) الناتجة عن حجم تدفق اللاجئين من مناطق الأزمات، فكل ما عليه هو مراجعة تصريح المستشارة ميركل يوم 7 فبراير 2016  “لم يعد بإمكان أوروبا تحمل عبء أكثر من مليون لاجئ دخلوا إلى أراضيها في 2015″، في حين أن إجمالي عدد اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان  فقط يتجاوز الثلاثة ملايين لاجئ منذ بدء الأزمة.

ولكي ندرك أكثر معنى العبء الإنساني والاجتماعي، ومخاطر ذلك على الاستقرار السياسي، والذي يجهله المعترضون على القرار، أعرض التالي: الناتج القومي لولاية بافاريا الألمانية وحدها بلغ 522 مليار يورو في عام 2014، في حين بلغ الناتج القومي للمملكة العربية السعودية 746 مليار دولار لنفس العام (سعر الصرف لا يحتاج إلى فطنة).

إن تحديات الملفات الثلاثة متفرقةً أو مجتمعة تفوق إمكانيات أية دولة، لذلك كان لابد من وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الآن في كل من سوريا أولا وليبيا ثانيا. أما عربيا، فإن مساحة “التباينات” يجب أن تُزال نهائيا من القاموس السياسي العربي مؤقتا، أو أن يتحمل كل طرف مسؤولية قراره منفردا، لأن عباءة الجامعة العربية قد اهترأت.

أما فيما يخص تفاصيل القرار السعودي “فنيا و عسكريا” فقد جاء واضحا على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من واشنطن بعد لقائه بالوزير كيري “لقد أبلغنا الولايات المتحدة رغبتنا في إشراك القوات الخاصة السعودية في عمليات مشتركة معها في قتال داعش بسوريا، بعد قرار الولايات المتحدة نشر قواتها الخاصة ميدانيا هناك”.

لذلك فإن القبول بالنتائج الكارثية لتدمير دولة بحجم سوريا مقارنة بنتائج عمل عسكري محتمل مهما كان حجم ذلك العمل  الآن، إلا أن تكلفة ذلك التأخير ستكون كارثية على الجميع في المستقبل غير البعيد، ربما قد تأخرنا في إدراك التاريخ، لكن علينا ألا نتأخر أكثر في تعميد إرادتنا السياسية بقوة الفعل لا القول في سوريا.

وإن تعثر ذلك القرار لأي سبب من الأسباب فيجب علينا أن نسمح بفتح باب التطوع للقتال في سوريا لكل قادر أمين بما في ذلك العاملين في كل أفرع قواتنا المسلحة، فالمتطوعون من كل دول العالم يقاتلون الآن مع الأكراد في العراق وسوريا بمباركة ودعم دولهم.

التعليقات