كتاب 11

05:38 مساءً EET

الرهان الرابح

الرهان على قوة ومتانة وأهمية العلاقات السعودية – المصرية هو رهان رابح بدون أدنى شك والشواهد على ذلك كثيرة. فعندما تعرضت مصر لسونامي سياسي كانت المملكة العربية السعودية تقف بجانبها وتدعمها بالافعال قبل الاقوال وكانت مواقف الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله من اهم أسباب نجاة مصر من ما كان يحاك ضدها.

وبعد رحيله خرج علينا من شكك بالغمز واللمز ان العلاقة السعودية – المصرية المميزة كانت مؤقته والآن ستتغير وتبدأ بالتراجع ولكن على العكس من ذلك تماما اذ اثبت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -اطال الله في عمره ووفقه- ان عمق العلاقات واهميتها بين البلدين الشقيقين امر لا مساومة فيه.

على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها المنطقة بسبب تدني أسعار النفط الى ان المملكة العربية السعودية استمرت بدعم مصر والوفاء بوعودها المالية لدولة عربية شقيقة لها في قلوبنا مكانة وقدر كبيرين. وكذلك على الصعيد الدولي فقد ساهمت الدبلوماسية السعودية ومعها جهود واضحة من الامارات والبحرين في دعم استقرار وسيادة مصر واعتراف المجتمع الدولي بحق الشعب المصري في تقرير مصيره. ولم يكن ذلك سهلا ولا من غير تبعات، فلازالت العلاقات السعودية – الامريكية تمر بأسوأ أوقاتها ومن اهم الأسباب لتوتر العلاقة بين الحليفين التاريخيين هو موقف المملكة العربية السعودية الداعم للشعب المصري كما ذكر ذلك مؤخراً الامير تركي الفيصل في مقاله الذي رد فيه بتاريخ ١٤ مارس ٢٠١٦ على تصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما لمجلة “ذي أتلانتيك”.

فعند كل امتحان لاهمية العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ينجح البلدين في إثبات عمق ومتانة هذه العلاقة. وبالرغم ما تتعرض له السعودية من ضغوطات وتحديات إقليمية الا انها تدرك ان استقرار وقوة مصر هي مكسب حقيقي لسائر الدول العربية وهذا الوعي المتبوع بالمواقف الثابتة ليس بجديد في الشأن العربي فقد ساهمت المملكة العربية السعودية بإنقاذ الكويت من الاحتلال الصدامي لها عام ١٩٩٠ فكانت كلمات الراحل الملك فهد رحمه الله “اما ان تبقى الكويت او ان ننتهي معها” حاضرة في وجداننا وكذلك مواقف السعودية الداعمة للبحرين على جميع المستويات. ولم تتردد السعودية بأن تتدخل عسكريا لدعم الشرعية في اليمن في مارس ٢٠١٥ بعاصفة الحزم وإعادة الأمل في موقف أعاد للأمة العربية كرامتها وأحيا فيها الأمل.

اما جمهورية مصر العربية فقد كانت كما قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي “مسافة السكة عن دول الخليج العربي” في اول خطاب له بعد توليه الرئاسة في يوليو ٢٠١٤. فمصر تشارك في تحالف الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية لاعادة ودعم الشرعية باليمن وهي جزء رئيسي من التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الارهاب الذي اعلن عنه ولي ولي العهد السعودي بتاريخ ١٥/١٢/٢٠١٥ والذي يضم ٣٤ دولة من ضمنهم جمهورية مصر العربية. فيحق لنا كعرب وكمسلمين ان نفخر بهذه العلاقة المتينة بين أهم بلدين عربيين وبالتكامل العربي الذي هو مطلب كل عربي مخلص للقضية العربية ووحدة المصير ولكن لم يكن هذا ليتحقق لولا تجاوز السعودية ومصر وباقي الدول العربية التي تيسير معهم على نفس الطريق للخلافات او الاختلافات التي كانت تقف عائق امامهم مع علم الجميع ان مايجمعنا اكثر بكثير مما يفرقنا. ولذلك يجب ان نتجاوز اليوم اي نقاط او بوادر اختلاف وأن نترفع عن اي مصالح صغيرة لصالح المصلحة الاهم والاكبر وهي وحدتنا ووقوفنا صفاً متينا امام المشروع التدميري الذي انكشف لنا. دعم المملكة العربية السعودية وتخفيف الحمل عنها يجب ان يكون على رأس قائمة الاولويات لكل الدول العربية مثل ما تدرك مصر ذلك والعمل على ايصال رسائل للمجتمع الدولي اننا فخورون بقيادة المملكة العربية السعودية للمرحلة الجديدة من تاريخنا العربي واننا ندعمها بكل ثقلنا العربي ولا توجد دولة تستطيع ان تنجح في ايصال هذه الرسالة اكثر من جمهورية مصر العربية.

أقول هذا لأننا كعرب يهمنا ان تكون العلاقات المصرية – السعودية قوية وندرك ان قوة هذان البلدان هي قوة للعرب جميعا وأننا اليوم بأمس الحاجة لأن نكون متكاتفين متحدين تحت راية عربية مخلصة مبادرة لها مشروعها الذي اساسه رفعة وكرامة الامة العربية. أقول هذا ونحن امام فرصة تاريخية ان نصنع لانفسنا مكانة ريادية نستحقها في النظام الدولي كلاعب رئيسي في السلام والاستقرار العالمي. فهذه التحديات التي نمر فيها كشفت لنا عن ما يراد لنا ولكن كشفت لنا في نفس الوقت ان للعرب مشروع وقوة بدأت تنفض عن نفسها الغبار وتعيد تمركزها والإعلان عن نفسها من جديد.

بسام البنمحمد عضو مجلس الشورى البحريني والرئيس التنفيذي لمركز دان للدراسات والابحاث الاستراتيجية

التعليقات