كتاب 11

12:25 مساءً EET

الممثل العربي نسخة غير عالمية

في السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة الوجوه العربية التي تشترك في أفلام أجنبية، وكتبت الصحف المختلفة والمواقع الكثيرة عن الممثلين العرب الذين ظهروا في أفلام أميركية أو فرنسية أو أوروبية عمومًا في السنوات العشر الأخيرة على وجه التحديد.
كثيرون اعتبروا أن هذه «ظاهرة». وآخرون كثر أيضًا تحدثوا عن «صعود نجم الممثل العربي في أرجاء العالم»، وبات من المعتاد قراءة شيء عن أن الممثل الفلاني على موعد مع «العالمية»، أو أن سواه عاد من هوليوود بعدما مثل فيها أفلاما «عالمية».
إنها كلمة مطاطة تلك «العالمية». يطلقونها حاليًا على مظاهر كثيرة. فهذا المغني انطلق «للعالمية»، وذلك البرنامج التلفزيوني حقق رقمًا قياسيًا «عالميًا»، وهذا المهرجان الجديد «عالمي». في حين أن المغني سعى لوضع نفسه في السوق الدولية، إلا أن تحوّله إلى نجم «عالمي» فيه كثير من المغالاة. أما تلك المهرجانات التي تنبع في أراضينا مثل الحشائش البرية، فكلها «عالمية» بالاسم فقط. في الواقع، أستطيع أن أجلب خمسة عشر فيلمًا من خمسة عشر بلدًا وأعرضها في تظاهرة ما.. لكن هذا لن يكون مهرجانًا، ولن يكون عالميًا.
حين يأتي الأمر للممثل العربي، فإن المسألة فيها أكثر مما سبق من تفاصيل.
لم يكن الراحل عمر الشريف أول ممثل عربي ظهر في أفلام أميركية أو أوروبية، لكنه كان أشهرها. المخرج ديفيد لين أراد ممثلين عرب لبعض الأدوار لكي يضمن الأصالة لفيلمه «لورنس العرب». فجيء بعمر الشريف وجميل راتب. الأول لدور مساند، والثاني لدور ثانوي. هناك ممثلون أجانب لعبوا أدوارًا عربية في هذا الفيلم، ومنها مايكل راي وجون ديميش وبيتر بيروتون.
وكما هو معروف، نجح عمر الشريف. سرق الأضواء. بات ممثلاً مطلوبًا من هوليوود، ومن فرنسا. مثل فيهما أفلاما كثيرة، ثم عاد إلى مصر بخلفيته وتجربته. الرحلة العالمية انتهت هنا.
الآخرون لم يعرفوا النجاح نفسه. هناك عدة ممثلين ظهروا في أفلام غربية، من بينهم علي سليمان وخالد أبو النجا وغسان مسعود ورشدي زم وألكسندر صديق، لكنهم توقفوا عند سقف معين من النجاح. على عكس عمر الشريف في الستينات، لم يصبحوا من الثقل بحيث يتحولون إلى ضرورة، أو إلى ما يعرف بـ«نجوم الشباك».
لماذا؟
بما أن السينما الأجنبية لا تُصنع إلا لجماهيرها في بلدانها أولاً، فإن الحاجة لممثل عربي هي ذات الحاجة لممثل إندونيسي أو مالطي: معدومة. الشخصيات الأميركية لا يستطيع تأديتها على نحو صحيح يضمن السلوكيات واللهجات والتلقائيات والتفاصيل المختلفة سوى أميركيين.
إلى ذلك، فإن الأفلام الأجنبية لا تُنتج وفي مراميها أي سوق عربي بسبب ضعف السوق العربية، حتى من بعد نجاح عواصم خليجية في تأمين إيرادات أعلى من السابق. لذلك، فإن الحاجة منتفاة تمامًا، إلا عندما تفرض الضرورة ذلك، كما حدث مع «لورنس العرب»، ولاحقًا مع «مملكة السماء».
الحاصل إذن هو أن هناك ممثلين عربًا ظهروا في أفلام غير عربية، بعضها عالمي. وبعضها الآخر (أوروبي في الغالب) ليس عالميًا. فلنتواضع، ولنفكر في كيفية إحياء السينما التي لدينا، وتشجيع الإقبال عليها في أسواقها المحلية، ثم نحلم بنجاحها وممثليها في الخارج بعد ذلك.

التعليقات